نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

شهيد الدفاع عن المقدّسات حسين أحمد أبو الحسن (السيّد أبو زينب)


نسرين إدريس قازان


اسم الأم: فاطمة سليم.
محل الولادة وتاريخها:
تبنين 30/11/1985م.
رقم القيد:
23.
الوضع الاجتماعي:
متأهّل.
تاريخ الاستشهاد: القصير
20/5/2013م.


وليست حياة حسين كغيرها.. ولم تكن يوماً كلمات قصّته عِباراتٍ تؤنس القلب، بل أوجعته فجعلتها عِبرة تهزّنا من الداخل عسى ذلك اليباس المتعرّش في ذواتنا يَسقطُ عن أغصان العمر تاركاً للنضرة مكاناً.

*بين كفّي المرض.. صبرٌ وبرّ
حسين؛ وإذا أردنا وَصفه لقُلنا الصبر والإيثار والتفاني وعِفّة النفس والبرّ؛ فابن العشرة أشهر الذي أفرح والديه بحَبْوه، أقعده المرض، وبدأت معه رحلةٌ من عذاب طويل ومرير. كُثُر هم الأطبّاء الذين عاينوه، ولكلّ منهم رأي وتشخيص... وحسين يكبر بين كفَّي المرض، تفرّ الأيّام من عمره ولا يستلذُّ بها ، ووالداه يعانيان من وجع الحيرة والحرقة على فلذة كبدهما. كان يكتم نوبات الألم في صدره فتفضحه دَمعاتٌ ساخنة تنسابُ على وجنتيه وهو يهرب إلى النوم، إلى أن عرف الجميع أنّ مرضه عضالٌ يحتاج إلى جلسات دوريّة، وكان حسين قد كبر وصار فتىً.

ولغرفة العلاج حكاية أخرى.. هناك يطلب حسين من والدته انتظاره بعيداً، كي يخفّف عنها ألم معاناته، ويطمئنها بأنّ كل شيء سيكون على ما يرام، فتنتظره باكية، فإنْ دخلت عليه، وجدت وكأنّ روحه معلّقة بين أرضٍ وسماء، ولكنّه يبتسم لرؤيتها بأنفاس يقطعها الألم ابتسامة توحي أنه لا يزال على قيد الحياة.

*اتّكال على الله وامتنان
بصعوبة بالغة أكمل حسين دراسته، فالمرض أتعبه والعقاقير أثّرت في ذاكرته. وفي بعض الأحيان، كان يرافقه أحد والديه ليحمل عنه الكتب والدفاتر، ولكنّه لم يستسلم، فالمبدأ الأوّل في الحياة هو الاتّكال على الله وعدم الاستسلام أبداً، فكان مثالاً للإنسان الذي أسلم نفسه لله، فهو الشافي والكافي والمعافي.

تماثل حسين للشفاء، وكان قد أصبح شابّاً، يحمل على ظهره وِزر سنين من القهر الذي لم يرتبط بمرضه فحسب، بل بأثر مرضه على عائلته؛ فقد كان العلاج مكلفاً جدّاً، ما اضطرّ أهله إلى الاقتصار في الحياة على أقلّ القليل.

بقدْرٍ لا يدركه قلب ولا فكر، أحبّ حسين عائلته، وملأ حياتهم بالامتنان بوسع السماوات، وكان يدرك أنّ الله القدير وحده مَن يوفي والديه حقّهما.

*ضيفٌ ثقيل
الظروف الصعبة جعلت الأولاد يَرون أباهم وتعبه، وعليهم أن يقدّروا هذا التعب بالصبر، وهذا ما أوصى به حسين إخوته؛ شُكر النعمة على قلّتها ليس كمَن يشكُر وافر النعم، فأيّ بيتٍ هذا الذي هو مدرسة في عفّة النفس والقناعة...؟! فعرق تعب الأب والأمّ وكأنّه قطرات من ذهب، والبرّ بهما يساوي كنوز الدنيا.

في الخامسة من عمره كان حسين يرتاد المسجد للصلاة، وكم آنس هذا المشهد قلب أمّه، وهل هناك أجمل من صلاة طفل بين يدي الله؟ فمن يسكن المسجد في الصغر، ينطلق إلى ساحات الجهاد بعزم ويقين في الكبر. ولم يحرص حسين في شؤونه العباديّة على شيء كحرصه على طاعة ورضى والديه، فكانت قبلة الرضى على يديْهما ذخره.

*أتتعبون والله موجود؟
ذات يوم، انزعجت منه أمّه فقالت له: "لا سامحك الله على فعلتك"، وذلك على سبيل ردّة فعل عابرة، ومضت إلى السوق، وفي طريقها سمعتْ صوت أقدام تخبطُ خلفها وصوتاً ضعيفاً يناديها، التفتت فإذا بهِ حسين باكياً يتوسّلها مسامحته. ولم يقصّر حسين في تعليم وتوجيه إخوته ضرورة احترام الوالدين والبرّ بهما، بل أكثر من ذلك، كان أنموذجاً نادراً لمن لا يستحي من قول الحقّ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتراه يمنع الغيبة، ويلفت النظر إلى موضوع الإسراف وينبّه منه كثيراً، وخصوصاً في الماء. أمّا همومه وأحزانه فكان لها الدواء الذي وصفه لأخته ذات مرّة عندما رآها حزينة: "ما أحزنني شيء أو كدّرني هم إلّا أزلته بالصلاة على محمّد وآل محمّد".

"أتتعبون والله موجود؟" بهذه الكلمة كان حسين يحفّز مَنْ حوله لتحقيق أهدافهم، وكيف لا، وهو الذي انتصر في ظروفه الصعبة، وصار شابّاً التحق بصفوف المقاومة الإسلاميّة، وشارك في العديد من الدورات العسكريّة، ووضع برنامجاً رياضيّاً خاصاً، فلا الجسد الذي أوهنه المرض استسلم، ولا الروح التي عضّت عليها الأيام بأنيابها القاسية خَمدت.. وبالطبع لم يكن يترك في جيبه من راتبه حتّى مصروفاً له، بل يترك أمواله مع أمّه، ويعاون والده على دفع أقساط إخوته المدرسيّة.

*قِبلة الحسينيّين الجدد
هوّن المرض على حسين ما ألمّ به في الكبر، فقد أصيب مرّة في قدمه فلم يتأوّه، وكذا التعب لم ينل منه. ولكن ذاته بقيت تتعلّم من الحياة، فالزاهدُ تعلّم من صديقه المجاهد في المحور أنّ فتات الخبز القديم يؤكل قبل الجديد، وهذا درس صغير أدرك حسين أنّه ينسحب على الكثير من أمور الدنيا الكبيرة.

هي سوريا؛ قبلة الحسينيّين الجدد، مضى إليها العريسُ بعد أن عقد قرانه، فمضى حاملاً خبرة سنين، من حرب تموز 2006م إلى العديد من المهمّات العسكريّة التي لم يعرفها أحد سوى والده. وفي سوريا أضيف إلى لائحة الشهداء السابقين أسماء جديدة فتحت جراح قلبه، وصار يبكي القديم من أصدقائه مع الجديد والرحيل تلو الرحيل.

أحزنه بشدّة غربة مقام الحوراء عليها السلام، وأفجعت قلبه مشاهد متوحّشين يدّعون الإنسانيّة ويكبّرون باسم الله. ومن رأى حسيناً في الآونة الأخيرة، أدرك أنه تعب من الدنيا ومقارعتها، وملّ من درء الأمواج العاتية.

*مهّده بحبّ محمّد وآل محمّد
كان 15 شعبان موعد زفاف حسين، والجميع مشغول بالتحضير لهذه الفرحة. ولكن حسيناً كان منشغلاً بمعركة القصير، فكان واحداً من الذين عبروا إلى الله من جسر تلك المدينة الخالدة، وعوض أن يرجع ليُزَفّ عريساً عاد ليُزفّ شهيداً إلى قبر مهّده بحبّ "محمّد وآل محمّد".
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

Congratulation

Truth seeker

2016-09-12 11:10:04

Indeed we belong to Allah , and indeed to Him we will return. May Allah grant him all his wishes And thank you for standing on the right side

حارة حريك - الصفير

عماد خشمان

2023-07-18 09:19:57

"حسين" ولد وعاش وتربّى في بيت كان ومازال عنواناً للصبر والجهاد، الوالد هو من الرعيل الأول المقاتل دفاعاً عن المستضعفين وأيضاً من الرعيل الأول من الجرحى، لذا لا عجب أبداً أن يكون "الشهيد حسين" متوثباً ومدافعاً عن أهله ومقدساته حتى الشهادة.