ايفا علوية
"أنا له يا رسول اللَّه"
حطّمت كلماته وجوم الصمت الذي غرق في سكونه رجال الخندق بعدما تراءى أمامهم صنديد
العرب الأكبر وفارس جيوش المشركين وقد شقَّ طريقه إليهم، يختال على فرسه المترنّح
يميناً ويساراً، وهو يلوّح بسيفه في الهواء منادياً في معسكرهم بصوته المتلوّن
غروراً وكبرياء:
ولقد بُححت من الندا | بجمعكم هل من مبارز؟ |
كان صوت عليٍّ الذي تردّد صداه وسط ترقُّب الجميع أسرع من انتظار العامري للجواب:
"أنا له يا رسول اللَّه"، قالها ثلاثاً وهو يهرول إلى النبي صلى الله عليه
وآله يضع رأسه بين يديه ليُلبسه عمامة الحق ويُسلّمه ذا الفقار ويدعو له بالنصر والسلامة. وقفت حشود المشركين وجموع المسلمين في سكون بالغ، تلتقط أعينها ومسامعها
الحركات والأصوات من خلف ستار الغبار الذي ارتفع في ظلاله اصطكاك السيوف وخيّم
عجاجه على المشهد في لحظات لم تلبث طويلاً حتى انكشفت عن هلاك الشرك كله على يد
الإيمان كله. وفي أصداء صيحات النصر والتكبير وقف رسول اللَّه صلى الله عليه وآله
يردّد وملامح الرضا تعلو وجنتيه: "ضربة علي يوم الخندق تعادل عبادة الثقلين".