الشيخ محمد حمادي
إن الحديث عن دولة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه ليس حديثاً عن حالة مرحلية
تفتقر في كمالها إلى الزمن وتراكم التجربة بل الحديث عنها يشكل تتويجاً لكل
المسارات الإنسانية على اختلافها لتكون هي الخلاصة الكاملة التي ينشدها الإنسان من
أجل التخلص من كل شوائب النقص ومن اجل الوصول بالمجتمعات البشرية إلى مرحلة الكمال
بكل أبعاده وجوانبه على مستوى الدنيا والآخرة ولذلك فإن السعادة ستكون من السمات
الأساسية لذلك العصر في ظل هذه الدولة العالمية التي ستجسد الوعد الإلهي الحق، أمام
هذا كله فإننا سنجد بأن الكثير من الأمور التي تشكل هاجساً للإنسان في مرحلة ما قبل
الظهور لن تجد لها مكانا في مرحلة ما بعد الظهور ولكن يبقى في عصرنا هذا ومن وحي
هواجسنا أسئلة كثيرة مطروحة من ضمنها انه هل يبقى فقراء في دولة الإمام المهدي عجل
الله تعالى فرجه؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد من أن نسترجع بعض ما تقدم لنقول إننا عندما نتحدث عن
السعادة التي هي نتاج طبيعي لتحقق العدل في المجتمع البشري لا بد من الحديث عن
مكوناتها وعناصرها حيث انه لا بد لهذه العناصر والمكونات أن تتحقق كمقدمات لينعم
الإنسان حينها بالسعادة المنشودة، أمام هذا لا يمكن لنا أن نفرض أو نتخيل أي أمر
يمكن أن ينغص حياة الإنسان من خلال أي نقص يمكن أن يشوبه، حيث أن الافتقار إلى
الآخرين والحاجة إليهم لا يمكن أن ينسجم في وجوده مع السعادة، والسعادة لا يمكن أن
تتحقق مع وجود الفقر، وحيث أن السعادة من النتائج والسمات الأساسية التي ستتحقق من
خلال وجود العدل الذي سيكون مظهراً طبيعياً عند تحقق الوعد الإلهي من خلال قيام
الدولة العالمية للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، فإنه يمكن أن نخلص إلى نتيجة
وجواب مفاده انه لن يبقى فقراء في دولة الإمام عجل الله تعالى فرجه. هذا كله أيضاً
نستلهمه من الروايات الواردة عن أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين، ففي
الحديث الوارد عن أبي عبد الله عليه السلام بواسطة المفضل بن عمر انه قال: "إن
قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربها" إلى أن قال عليه السلام : "وتظهر
الأرض من كنوزها حتى يراها الناس على وجهها ويطلب الرجل منكم من يصله بماله ويأخذ
منه زكاته فلا يجد أحداً يقبل منه ذلك واستغنى الناس بما رزقهم الله من فضله".