أديب كريّم
من المعروف جيداً لدى القاصي والداني، أن الجماعة
اليهودية لم تذق طيلة تاريخها الطويل، طعم الاستقرار الكياني، ولم تهتدِ إلى ملاذ
امن تعتصم به من العذاب والتشرد، وذلك لسبب بسيط وجوهري يكمن في أن تاريخ تلك
الجماعة قد اتسم بانحراف سلوكي عام، بنزوع إرادي غائي إلى الإفساد والتحريف،
بأساليب اتصفت بالمكائدية واللصوصية والتآمرية، وكانت ولا تزال غاية الأمر تحقيق
إشباع مفرط لحاجات محرمة، وميول شاذة، حتى لو بلغ ذلك حد الاجتراء على مقام
الألوهية والنبوة. ولا نعتقد أنه من بالغ الصعوبة بمكان - نظريا وتقنيا - الربط
الواقعي بين ماضي اليهودية وراهنها، وذلك بالنظر إلى الكم الهائل المتراكم من
الشواهد والوقائع التي تدحض النظرة التجزيئية للمسألة اليهودية، ونؤكد على مقولة
الامتداد السيروري والصيروري للنسق المفهومي الواحد والنمط السلوكي الجامع. وبغية
تحقيق الإطلالة المرجوة، في حدود اليقيني والموضوعي، على بعض ما انغرس في التجربة
اليهودية المتازمنة من صفات نفسية ومظاهر سلوكية، والتي بقيت عالقة بها على مدى حقب
زمنية طويلة، سنعمد إلى استنطاق الخطاب القرآني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه
ولا من خلفه. وسنحاول تذييل ذلك بمصاديق معاصرة نجد أنها جديرة بالمتابعة والتأمل.
بادئين بالعنوان التالي:
* الإفساد اليهودي في الأرض
لقد تناول القران الحكيم قصة الإفساد اليهودي في الأرض في أكثر من أية مباركة،
مبينا من خلال يقينيات العلم الغيبي كيف انهمك اليهود مسارعين وساعين إلى تدنيس
الأرض وإفساد ما عليها، بفواحش الأعمال وموبقاتها، بهدف تثبيط الدور الوظيفي
للرسالة السماوية وتعاليمها الحقة:
﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾.
وفعل السعي هنا قوامه إرادة مصممة ومحركة، وعقلية فاسدة مقتصدة. وكما أجمع المفسرون
ودلت الوقائع، فإن المقصود على الغالب، الإفساد الأخلاقي بأدواته وأساليبه المتعددة،
وان كانت الآية ضمن ما سبقها وتلاها تشي بأن الإفساد يشمل أكثر من ميدان وصعيد.
وعلى أية حالة، فإننا نؤثر التركيز على موضوعة البعد الأخلاقي لاعتقادنا مكانته
المتقدمة في بقاء الأمم أو انتشارها وحري بنا الالتفات إلى أن القران الكريم عندما
يقرر هذه الحقيقة حقيقة الإفساد اليهودي في الأرض - فإنه يقرن ذلك بالتأكيد على
طابعها الاستمراري والاضطراري الذاتي، والذي ثبت فعلا من خلال ما سجل من أحداث
متماثلة في دوافعها ونتائجها.
ونحن عندما نحول النظر شطر ما تضمن النص التوراتي كمدخل لا بد منه للولوج إلى صميم
الموضوع، فإننا نقع على صيغ تعبيرية وأحكام غاية في السفاهة والانحطاط الخلقي. ومن
ذلك على سبيل المثال ما ورد في سفر التكوين (83/41-91) من أن "يهودا" ارتبط بعلاقة
جنسية محرمة مع عاهرة نظير أجر محدد، والتي تبين من خلاله السياق لاحقا، أنها
تامارا زوجة ابنه المتوفى، وكيف أنجبت من عمها ولدين اثنين!! وفي سفر الملوك
(3/61-72) نقف على قصة ملفقة مفادها أن أُمَّين عاهرتين تنازعتا طفلاً في حضرة
سليمان دون أن يصدر عنه أي استنكار على فعلتهما. و"أستير" المصنفة إحدى بطلات
التاريخ اليهودي يتناولها التوراة أيضا على أنها امرأة كانت تمارس البغاء علناً،
واللافت أن هذه السلوكيات الإباحية وغيرها الكثير تعرض على أنها أمرٌ طبيعيُ في
البناء الإيديولوجي والتراثي والأخلاقي للجماعة اليهودية. وانطلاقا من هذا المعطى،
وبالنظر إلى النزعة العدوانية المتمكنة من سلوكيات اليهودي تجاه الآخر، يصبح النزوع
القوي إلى إفساد الواقع وتسفيهه أمرا لا مناص منه، وتصبح معه الفرصة لكبح جماح
العدوانية المفسدة شيئا معدوماً، ويقول القران الكريم بهذا الصدد:
﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.
والمسارعة هنا لا تعني غير السعي الحثيث باضطراب ذاتي وقصد مستقل، بهدف الهروب من
الشر الكبير المسيطر على المعتدي، بإسقاطه بصورة تعبيرية هستيرية على عدو مصطنع.
ومن البداهة القول أن "المسارعة" في ممارسة أشكال العدوانية يحول دون رؤية الشر في
داخل المعتدي الإثم، لا بل أكثر من ذلك، قد يعمد إلى إنكارها والتعالي عنها في قبال
سعيه إلى تضخيم وتشنيع نزعة الشر لدى الآخر وهذا ما يعد من أقسى مظاهر العدوانية
الآثمة. وفعل العدوانية لا يقصد به حكما وحصرا، النشاط العنفي فحسب، بل يتعداه إلى
ما هو أحقر من ذلك، وأشد فتكاً، ونعني به الاعتداء على ما يعتصم به الإنسان عادة من
قيم أخلاقية وعادات محافظة، وعلى هذا الصعيد وسيرا مع خطوات الإفساد اليهودي حتى
وقتنا الحاضر، واحتكاما إلى المصاديق الواقعية على ما جاء في الخطاب القرآني، نجد
أن معظم الأنشطة الفاسدة والهابطة في أكثر من ميدان استهلاكي واستعراضي عالمي يقف
خلفها اليهود. فمن صناعة السينما بشكل عام، إلى الإباحية وبشكل خاص النفوذ اليهودي
الواسع في هوليود، إلى المجلات والدوريات الماجنة مجلة بلاي بوي المتخصصة في نشر
صور وأخبار إباحية إلى موائد القمار والملاهي الليلية التي تجتذب إليها طلاب الإثم
واللذة الحرام، وأخيراً وليس آخراً، الشركات العملاقة التي تعمل على تقويض دعائم
الأخلاق لدى الشبان من خلال اشتغالها بتجارة الرقيق الأبيض، أو ممارسة ما جاء في
كتاب الباحث المتخصص في الشؤون اليهودية د. عبد الوهاب المسيري في معرض تناوله
للنشاط اليهودي المتميز في تجارة البغاء، حيث يقول ما نصه: "... وفي العصر الحديث
ومع مشاكل التحديث في الغرب أخذت الصورة تتغير بشكل جوهري، ففي الفترة بين عام 1880
1930، عمل عدد كبير من اليهود في تجارة الرقيق الأبيض قوادين وعاهرات، وأصبحت منطقة
الاستيطان في روسيا، خصوصا جاليشيا، أهم مصدر للعاهرات، في العالم بأسره، وامتدت
شبكة الرقيق الأبيض إلى الشرق، فكانت هناك مراكز في جنوب أفريقيا ومصر والهند
وسنغافورة والصين!!
ويضيف الباحث "وقد أصبحت البغيَّة اليهودية شخصية معروفة في كثير من عواصم أوروبا
والى جوارها القواد اليهودي الذي لم يكن يكتفي بطبيعة الحال بتجنيد البغايا
اليهوديات، وإنما كان يتاجر بفتيات من كل قطاعات المجتمع". وعن ظاهرة هذا الوباء
اليهودي القاتل داخل الكيان المغتصب يقول الكاتب "أما في إسرائيل... فيلاحظ زيادة
البغاء بشكل واضح حتى بين طالبات المدارس والفتيات القاصرات، بل إن إسرائيل تصدر
العاهرات أيضا إلى دول العالم الغربي، ففي فرانكفورت، يلاحظ وجود عدد كبير من
العاهرات "الإسرائيليات"، وفي أمستردام تزايد عدد القوادين "الإسرائيليين" حتى أن
لغة الدعارة هناك أصبحت العبرية أو رطانة عبرية....؟؟!!".
* المكر اليهودي وسياسة الخداع
من الصفات اليهودية السيئة التي أفرد لها القران الكريم مجموعة من الآيات الواضحات،
صفة المكر بأساليبها التضليلية وأدواتها الخادعة:
﴿وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ
عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ﴾،
الآية المباركة تسلط الضوء على واحد من أبرز وأخطر أساليب المكر اليهودي، والذي
تمثل في اجتراء اليهودي على تقمص صفات المؤمنين وإظهارهم الإسلام أول النهار، ثم
الرجوع عنه في آخره هادفين من وراء هذا الارتداد اللئيم المدبر إثارة جو من البلبلة
والاضطراب في نفوس المؤمنين ودفعهم إلى التشكيك بدينهم والارتياب في انتمائهم،
تمهيداً لردهم عن سبيل الهدى ودفعهم إلى الضلال والضياع، وآية ذلك كله تقويض دعائم
الدين وتوهين قواعده وتحطيم تصوراته ومثله الإيمانية، لحساب تصورات وأساطير
ابتدعوها هم بوحي من نفوسهم الموبوءة وعقولهم المريضة.
﴿وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا
يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾،
ورغبتهم الشريرة في تضليل المؤمنين ترتد عليهم على صورة تعميق وتكريس حالة الضلال
التي ما فتئوا يهيمون في دياجيرها المظلمة. والقران الكريم حين يعري أساليبهم
الماكرة ويفضح خدعهم الخبيثة، من خلال نماذج مستولدة من رحم التجربة التاريخية فإنه
يهدف من ذلك إلى وضعنا أمام حقائق مصيرية قد تهدد عمق وجودها القيمي إذا ما أغفلنا
جانب الحذر والتحوط من الوقوع في شرك المكيدة اليهودية:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ
لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ
أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾
خصوصاً إذا أدركنا أن هذا النشاط المكائدي اليهودي ما يزال قائماً ومطرداً، وبأساليب
أكثر ميلاً إلى الغموض والضبابية والخداع. ونأخذ، على نحو الإيجاز ظاهرة الحركات
السرية المتغلغلة، بنفوذها الواسع، في أكثر من كيان دولي، حكومات وشعوبا. ومنها على
سبيل المثال الحركة الماسونية وجمعية شهود يهوه والحركة البهائية وجمعية الروتاري
بالإضافة إلى ظاهرة عبدة الشيطان وقوم لوط؟؟. والمتتبع لأصول وأهداف هذه الحركات
والجمعيات لا تنقصه القرائن والدلائل للجزم بيهوديتها نشأةً وهدفاً.
ومن أخطر
المظاهر المخادعة لتلك النشاطات المنظمة تبنيها لشعارات ومبادئ شمولية وتجاوزية
والغائية. أي أنها تزعم أن مشروعها يقوم على تجاوز الفوارق والفواصل العرقية
والقومية والدينية بين الشعوب، وهذا الأمر لا يعدو في حقيقته أكثر من محاولة مقنعة
لإلغاء مفهوم الدين الأصيل من التجربة الإنسانية ككل.