نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

تربية: أبناؤكم يتشاجرون؟ إليكم الحلّ

داليا فنيش(*)


رغم ما يبذله الوالدان من مجهود وتضحيات لرعاية الأبناء تبقى العلاقة بينهم أكثر تفاعلاً واندماجاً واستمراريّة. ورغم ما تحمله هذه العلاقة من توتّرات ومصادمات في بعض الأوقات، ستظل تتميَّز بالاتّساع والشمول الزمانيّ والمكانيّ.

فالإخوة يجمع بينهم اللعب والعمل والمكان، مضافاً إلى أنهم يعيشون معاً لفترات زمنيّة طويلة، وكثافة الاتّصال تؤدّي إلى المواقف التصادميّة والمشاجرات.

لذلك لا يخلو بيت من الشجار، فنسمع هذه الكلمات دائماً: أبي.. أختي تستهزئ بي، أمي.. أريد مشاهدة الرسوم المتحركة وأخي يمنعني، أبي.. أخي ضربني، أمي.. أخي أخذ قلمي.


عبارات كثيرة تتردّد على لسان أطفالنا يوميّاً تكون هي الشرارة الأولى لبدء صراع بين أخ وأخيه أو أخته، قد يمتدّ إلى حدِّ إيذاء أحدهما الآخر، إن لم تسارع الأمّ أو الأب للتدخّل وحسم النزاع، الأمر الذي يُشعر الوالدين بخيبة الأمل، خاصّة حين يعجزان عن وقف استمرار تلك المشاجرات. حتى أنّ بعض الآباء يشكّ في قدرته على التربية السليمة لأطفاله، متسائلاً كيف نستطيع تربية أبنائنا على الحبّ والتسامح وليس العدوانيّة؟

*هل كثرة الشجار مشكلة نفسيّة أم سلوك طبيعيّ؟
لا داعي للقلق، الظاهرة طبيعيّة بين الأبناء. علينا مراقبتهم والتعامل معهم بالشكل الصحيح من خلال توجيههم نحو التصرّف والسلوك السويّ، فالشجار ليس سلبيّاً كلّه، وله جانب إيجابيّ، فمن خلاله يتعلّمون كيفيّة التعبير والدفاع عن أنفسهم.

*متى يكون مشكلة؟
يعتبر شجار الأطفال مشكلة تحتاج علاجاً وتتطلّب استشارة نفسيّة عاجلة، إذا كان غير طبيعيّ، أو تكرَّر دوريّاً، أو اختلف سلوك الطفل عن سلوك ومشاعر من هم في سنّه، أو حدَّ من كفاءته في الدراسة.

*المشاجرات أنواع
تحدث بين:

1 - البنات والبنين الأشقّاء: نجد الأطفال الذكور يحاولون السيطرة على البنات، وإشعارهنّ أنهنّ في الرتبة الأقلّ دائماً، وأنه يتوجَّب عليهنّ خدمة الذكور، والتمييز يسبِّب للبنات شعوراً قويّاً بالاستفزاز والإهانة.

2 - الأخ وأخيه، وغالباً تكون بسبب:

أ- محاولة الكبير السيطرة على الصغير وتحديد ما يجب وما لا يجب.
ب- الاختلاف على قنوات التلفزيون وأماكن الجلوس.
ج- الصراع على النفوذ الأسريّ أو العائليّ.
د- المشادات الكلاميّة المستفزّة غير اللائقة أحياناً.
هـ- الخلاف حول الأموال والممتلكات الخاصّة.

3- الأخت وأختها, تدور حول:

أ- التنافس على حبّ واهتمام الوالدين.
ب- مقارنة الصغرى نفسها بالكبرى.
ج- خلافات مستمرّة بسبب تقسيم أعمال المنزل.
د- خلافات ناجمة عن استعمال الأشياء الخاصّة (ملابس - أدوات خاصّة لها).
هـ- الغيرة بسبب تفوّق إحداهنّ على الأخرى، وكثرة تعليقات الآخرين على ذلك.

*لماذا يتشاجر أبنائي؟
تعود أسباب الخلافات والمشاجرات بين الأبناء إلى:

1- الموروثات الثقافيّة لدى الوالدين، والأسلوب الذي تربَّى به كلّ منهما في صغره، مثل: تفضيل أحد الوالدين أو كليهما لأحد الأبناء دون الآخرين، أو للبنين على البنات.

2- أسلوب الوالدين في التعامل مع الأبناء،
فالسلبيّة واللامبالاة قد توفّر بالتأكيد مناخاً خصباً للمشاجرات بين الأبناء، بقصد لفت نظر الوالدين أو جذب انتباههما.

3- عدم تربية الأبناء على أدب المزاح وضوابطه.

4- حبّ السيطرة وامتلاك الأشياء أو الشكّ.

5- الشعور باضطهاد الكبار، ومحاولة الصغار إسقاط مشاعرهم في صورة معارك ضارية.

*إدارة المشاجرات فنّ
تحكُّمك في غضبك وطريقة حديثك، وتعبيرات وجهك، والعبارات الصادرة عنك أمام أبنائك، تعتبر عاملاً أساسيّاً للسيطرة على موقف الشجار بطريقة صحيحة، وقد ينجح في ترشيد خلافاتهم المتكرّرة، وإكسابهم قيماً إيجابيّة للخلاف، ترافقهم طوال حياتهم.

فاتبع الخطوات التالية:
1- لا تحاول أن تكرّر ما كان يُفعل بك من قِبَل أهلك معك.

2- انظر لأبنائك وكأنّهم مرآة لك، فصوتهم العالي وأسلوبهم في التعامل هو انعكاس لصوتك العالي وصراخك، بل واستخدامك للعنف والضرب أحياناً.

3- درّب نفسك جيداً على التحكّم في أعصابك وألّا يثيرك شجارهم وصخبهم. جرّب أن تكتم غضبك لدقائق بعيداً عنهم. سيتسرّب منك ويبقى التفكير لتعالجه بهدوء. كما أنّ الكلمات الطيّبة، وعبارات التشجيع على ضبط النفس، واللّمسات الحنونة لها أثر كبير في تهدئة غضب الأبناء.

4- إذا حدث وتشاجر الأبناء في مكان عامّ، فلا تخجل أو تفقد أعصابك وتذكَّر أنّ كلّ الناس لديهم أطفال وقد تحدث لهم مثل هذه الأمور.

5- تأكَّد أنّ للخلافات أحياناً فوائد، فمن الخلافات يتعرَّف الأبناء بعضهم إلى بعض، ويجرّبون المشاعر المختلفة من الانتصار وتقبُّل الهزيمة، كما سيتعلّمون التحكُّم في النفس، وضبط اللّسان، واحترام خصوصيّات الآخرين، والتسامح، والاعتذار، والرجوع عن الظلم.

6- درّبهم على أسلوب التفاوض، فإذا اختلفوا على شيء فخذه منهم وأخبرهم أنّه يمكنهم استرجاعه بعد أن يصلوا إلى حَلٍّ واتّفاق، وأنّ التزامهم بهذا الاتّفاق سيضمن لهم الاحتفاظ بهذا الشيء.

7- حاول إشغالهم بما ينفعهم، وتقليل أوقات فراغهم.

8- اكتب كلّ ما يضايقك، واكتب ما تتوقّعه من الأبناء، وناقشهم فيه في لحظات هدوء واسترخاء.

9- حاول أن تقضي وقتاً قصيراً في الاستماع إلى أسباب الشجار. من المستحيل أن تصل إلى القصة الصحيحة. المهمّ أن تشعرهم بالحياديّة والعدل، وأنّك تستمع لهم.

10- لا تسارع للتدخّل وحلّ النزاع فالأولاد يحتاجون لمثل هذه النزاعات.

11- لا تكن دائم السيطرة على المواقف، لأنّ ذلك يعني أنّ العلاقة بينهم غير طبيعية، وستكون ضعيفة حيث يفضّلون الانفصال عن بعضهم بعضاً في أوّل فرصة.

12- أوضح لأبنائك أنك لست ضدّ محاولة فضّ الخلاف بأنفسهم، ولكن ضدّ الضوضاء التي يصلون إليها.

13- قد يكون الأكبر في السنّ أقوى، إلّا أنّ الصغير أقدر على إزعاجه أحياناً.

14- حاول ألا تنحاز إلى أحد الأولاد، واطلب منهم العطف والمحبّة على بعضهم بعضاً.

15- ساعد الصغير على أن يحترم الكبير.

16- لا تسرع بمعاقبة المذنب فإنّ ذلك ينمّي بينهم روح الانتقام، وقد يقع عقابك على البريء، فيشكّ الطرفان في حكمك في المستقبل.

17- لا تقارن الواحد منهم بالآخر فتقول لأحدهما: (إنّ أخاك كان أفضل منك عندما كان في سنّك) فإنّ ذلك يُشعره بالذنب والغيظ على أخيه، ويكره المقارنة رغم صفاته الحسنة.

18- لا تدع ابنك يذوق حلاوة الانتصار بتحقيق الرغبة التي انفجر باكياً من أجلها وغضب.

19- اغمر أبناءك بالحبّ.

وتذكّر أن الشجارات بينهم حالة طبيعية، يمكن أن تعالجها بحكمتك.


(*) متخصصة تربوية:
 

أضيف في: | عدد المشاهدات: