نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أمراء الجنة: الشهيد محمد حسين مرتضى


* ولادته ومراحل حياته:
الشهيد محمد بن حسين بن محمد مرتضى الحسيني العاملي من مواليد بلدة زوطر الشرقية العام 1960م. تربى في أحضان أبوين مؤمنين وترعرع في جو الحب والولاء لآل البيت عليهم السلام. والتزم بالتكاليف الدينية منذ الصغر. درس المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في مدرسة البلدة وأنهاهما بتفوق العام 1974م.
درس المرحلة الثانوية في مدينة النبطية وأنهاها بتفوق العام 1977م.

درس المرحلة الجامعية في مدينة بيروت وأنهاها بتفوق وحاز على شهادة جامعية في إدارة الأعمال العام 1981م. متزوج وأب لولد وخمس بنات.
كان الشهيد الحاج أبو قاسم مؤمناً ملزماً منذ نعومة أظافره. محباً للخير وجاداً في مساعدة الفقراء واليتامى والمحتاجين. كان خلوقاً جداً مع أهله ومجتمعه، والبسمة لا تغادر شفتيه.

عرف بجهاده الطويل وشجاعته النادرة مضحياً معطاءً يبذل الغالي والنفيس في سبيل الحق والدفاع عن الخط يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله، يتخذ من أجداده عليهم السلام أسوة حسنة، مربياً للأجيال، صانعاً للمجاهدين، أخا للثوار، تخرج من منزله العديد من المجاهدين والأبطال الذين منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً.

* جهاده:
- لقد بدأ الشهيد السيد أبو قاسم حياته الجهادية في سن مبكرة. إذ كان يبلغ من العمر حين اندلعت الحرب اللبنانية حوالي خمسة عشر ربيعاً ومع بدايتها بدأت صراخات المستضعفين تصدح في آذانه. فهب منتفضاً طالباً الحق إلى أهله. وبذلك كان له دور في مواجهة القوى العملية المتصهينة وشارك في التصدي لها، ولاقى من الشدائد والصعاب الكثير في سبيل الحق وعزة هذه الأمة.

- شارك مع إخوته المجاهدين في التصدي للاجتياح الإسرائيلي عام 1978.

- انخرط في صفوف المقاومة الإسلامية أوّل انطلاقتها.

وتعرض للعديد من محاولات الاعتقال من قبل العدو الإسرائيلي حيث داهمت هذه القوات منزله مرات عديدة وصادرت سيارته.

- قاد وشارك في العديد من العمليات الجهادية والنوعية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
ومنها عملية التصدي للكوماندوس الإسرائيلي الذي حاول اقتحام منزله الذي كان مركزاً للمقاومة الإسلامية العام 1987.

- ومنها أيضاً التصدي للعدو الإسرائيلي في حرب السبعة أيام العام 1993م.

- شارك في مسيرة البراءة من المشركين في مكة المكرّمة سنة 1986 وأصيب ببعض الجراحات.

- تعرضت منازل عائلته لهجوم شرس بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة العام 1988 من مجموعات كبيرة عميلة للعدو الإسرائيلي فاستشهد أخوه المجاهد علي مرتضى (أبو طالب) بعد أخذه أسيراً وابنته الطفلة فاطمة وجارهم المخلص (الحاج سعيد عطوي) وجرح ولده وقريبته. وقد تمت سرقة محتويات ثلاث منازل للعائلة قبل تفجيرها بالكامل. شارك في حرب الدفاع عن المقاومة الإسلامية في الضاحية الجنوبية العام 1988 وكذلك في إقليم التفاح. وكان في الحصارين اللذين ضرباً على مواقعها وأصيب بجراح خطرة في الحصار الثاني العام 1991م.

* إستشهاده:

كان الشهيد القائد السيد محمد حسين مرتضى (أبو قاسم) دائم الحركة عالي الهمة، لا يعرف الكلل أو الملل، ولا تثنيه كثرة تربص الأعداء به عن أداء واجبه المقدس، فكان لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه، إذ أنه يسير على خطى كربلاء جده الحسين عليه السلام وفي أجواء المحرم الحرام وفي الرابع عشر منه،  وبعد أن انتهل من مدرسة عاشوراء العز والإباء تفجرت أمامه ينابيع العشق للقاء معشوقه، فأبى إلا أن يغترق منها ليطفئ ناراً ملتهبة من عهد قديم. إذ حان موعد السفر الذي طالما هاجر باحثاً عنه في السهول والجبال والتلال والروابي، وطالت السنون منتظراً، حتى ظن أنه لن يناله ولكن إن مع العسر يسراً. ثم إن مع العسر يسراً.

وأثناء مرور سيارته على الطريق العام. بين بلدتي كفرتبنيت وزوطر تعرض إلى اعتداء غادر من قبل عملاء إسرائيل أدى إلى استشهاده على الفور. وقد نعته المقاومة الإسلامية بالبيان التالي:
بمزيد من الألم والحزن تلقينا نبأ استشهاده الأخ المجاهد محمد مرتضى "أبو قاسم" إثر انفجار عبوات ناسفة وضعت على الطريق العام بين بلدتي كفرتبنيت وزوطر أثناء مروره بسيارته وأدت إلى استشهاده على الفور... إننا إذ ننعى إلى أمتنا الصابرة المعطاءة واحداً من أبنائها الشرفاء وإلى إخوتنا المجاهدين في المقاومة الإسلامية الأبية أحد كوادرها البارزين الذي أفنى ردحاً طويلاً من عمره في مقارعة الصهاينة وسعى في الليل والنهار لخدمة شعبه ومجتمعه، ندعو وبكل مسؤولية السلطات الأمنية إلى العمل بجد للكشف عن هوية المخططين والمنفذين لهذا الاعتداء الآثم وإلى بتر الأيدي التي تريد العبث بأمن أهلنا الصابرين ومجتمعنا المقاوم والتي هي بلا شك أيدٍ "إسرائيلية".

* قالوا فيه:
من كلام سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله في ذكرى أربعين الشهيد القائد محمد حسين مرتضى (أبو قاسم):
... وأخيراً هدأ أبو قاسم وذهب إلى سكينة بقلبه المطمئن وبروحه الوادعة، وبابتسامته المعروفة، تاركاً وصيته ككل وصايا الشهداء، وصيته بالرسالة، ووصيته بالمقاومة ووصيته بالالتزام بدين الله عزّ وجلّ ووصيته بالزهد في الدنيا كما زهد، وبالتعلق بالآخرة كما تعلق، واليوم في أربعين أبي قاسم الشهيد، تتلاقى الذكرى مع ذكريات آبائه وأجداده الأطهار من ذكرى وفاة رسول الله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في مثل هذه الأيام إلى ذكرى استشهاد سيد الشهداء والمجاهدين والثوار أبي عبد الله الحسين عليه السلام إلى ذكرى وفاة الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام غريب الغرباء وبين أبي قاسم وآبائه وأجداده أكثر من صلة نسب وأكثر من علاقة ابن بأب وحفيد بجد. بين أبي قاسم وهؤلاء العظماء الأطهار علاقة الانتماء إلى الرسالة وإلى العقيدة علاقة الإيمان بالله وبالرسول وبالإمام وباليوم الآخر، علاقة الجهاد، فليس أبو قاسم ممن يؤمنون بالقلب ليبقى الإيمان بالقلب وإنما ليتحول الإيمان إلى سلاح يجاهد به دفاعاً عن كل مظلومي ومستضعفي هذه الأمة، في ذكراه نعود قليلاً إلى الماضي والتاريخ لنقف معه ولنستحضره هنا ونعتبر به ونتعلم منه كيف نواجه الحاضر وكيف نصنع المستقبل.

لو استرجعنا الشهداء أبو قاسم وأخوه وابنته وكل الشهداء الذين مضوا، لو فتحنا قلوب هؤلاء وسألناهم عن الدافع الأساسي لأجابوا هو دافعهم العقائدي والإيماني... ماذا نرجو لأبي قاسم غير الجنة ماذا نرجو لأخي الشهيد غير الجنة ماذا نرجو لطفلته أيضاً..

* من وصية الشهيد
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون صدق الله  العلي العظيم

من ذات نفسي ومن قناعتي الذاتية بوجوب محاربة الصهاينة المحتلين وهذا واجب إسلامي. قررت بأن أحارب وأدافع عن أرضي وشعبي ما دمت حياً. وإن قتلت في هذا السبيل فأكون إن شاء الله عند الله شهيداً. وهذا ما أتمناه من كل قلبي. وإنني أوصي أخوتي أن يعيشوا أعزاء شرفاء.

وأوصي والدي ووالدتي بألا يحزنوا بل يفرحوا. كما أوصي رفاقي بأن يقدموا المساعدة لكل من يقوم بالعمل الإسلامي والواجب في الجنوب. وأوصي الخطيبة بألا تحزن وأن تتابع دورها في العمل الذي بدأته.
 

محمد حسين مرتضى
نهار الجمعة في 30 تشرين الثاني 1984

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع