اخرج إلى الضوء | عندما يكون القائد والداً للمجاهدين مهارات | المساندة النفـسيّة في الأزمات والحروب الملف | كيف نواجه إشاعات الحرب؟ الملف | بصبركنّ... ننتصر الملف | دعاء أهل الثغور: مدد المجاهدين الملف | الشهداء المستبشرون معالم المجتمع الصالح في نهج البلاغة الملف | قيم المقاومة آخر الكلام | تحت الركام.. الافتتاحية | الصبر حليف النصر

من وصية الشهيد حسين حسن بلوط

 

من وصية شهيد الدفاع عن المقدسات حسين حسن بلوط(*)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين.
الحمد لله إذ جعلنا مسلمين، ورضي لنا الإسلام ديناً، والحمد لله إذ جعلنا من أتباع المعصومين الطاهرين عليهم السلام، والحمد لله الذي جعلنا من الممهّدين لظهور الإمام الحجّة سلطان هذا العصر عجل الله فرجه الشريف.
ثم الصلاة على من بُعث رحمة للعالمين، سيِّد الرسل وأشرف خلق الله، أبي الزهراء (عليه وعلى آله وعليها السَّلام).
السَّلام على من وُلد في ذكرى ولادة الزهراء عليها السلام، مفجِّر الثورة الإسلامية في القرن العشرين روح الله الموسوي الخميني قدس سره، الذي لولاه لطمست معالِم الدين، والذي عرَّفنا على الإسلام الحقيقي لا إسلام السلاطين، والذي قام بثورة المستضعفين في الأرض، وقام بتحقيق حُلم الانبياء وإنشاء دولة إسلاميّة نووية.
السَّلام على وليِّ أمر المسلمين سماحة القائد السيد الخامنئي قدس سره.
السَّلام على من قرأ القرآن ووجد فيه: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا (المائدة: 55).
السَّلام على من آمن بولاية الفقيه، وعمل بقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا كنتم اثنين فأمِّروا أحدكما"(1).

اعلموا يا إخوتي: "إنَّ الجهاد باب من أبواب الجنَّة فتحه الله لخاصة أوليائه"(2)، وليس لأوليائه فقط، وهذا يعني أنه (تعالى) دائم العطاء لهذه الأمة ولهذا النهج. واعلموا أنَّ القرآن الكريم أكَّد في العديد من الآيات على الجهاد والقتال، ولم يجعله في منطقة أو مكان معيّن؛ بل في كلِّ مكان، فقوله (تعالى): ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (البقرة: 218)، إنهم كلُّ من سخَّر نفسه للجهاد في أي بقعة من بقاع الأرض وكان جاهزاً ومستعداً لذلك.

إخوتي: ليس كلُّ من حمل راية الجهاد كان على صواب، فمن حمل شعار "يا لثارات الحسين" من العباسيين ادّعى الجهاد، وقتل من العترة الطاهرة ما لم يقتله بنو أمية. ولنا جهاد مرتبط بالولاية الممتدة إلى النبوة المتصلة بالله (تعالى)، يعني أننا لا يمكن أن يكون جهادنا في هذا الحال إلّا على صواب، فجهادنا على حقّ، وإذا كنا على الحق لا نبالي أوَقعنا على الموت أو وقع الموت علينا.

واعلموا يا إخوتي أنه (تعالى) يقول: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون (الزمر: 30)، ومن هنا نعرف حقّ اليقين أنه من لم يخترِ الموت سيختاره الموت، وكفى بالأجل حارساً. "فالناس نيام وإذا ماتوا انتبهوا"(3) فإذا كان الموت، وبعد الموت الحساب، ومقدار أول قطرة من دم الشهيد كفارة لكلِّ ذنوبه، واللقاء حتميٌّ مع الله، لا بدَّ من سلوك الطريق اليسيرة. وبما أنَّ "الدنيا سجن المؤمن وجنَّة الكافر"(4) لا بدَّ من الانسحاب من هذا السجن الكبير إلى طريق ذات الشوكة، الذي هو شاقّ وعسير لا يسلكه إلّا نبي أو وصيّ، أو مؤمنٌ امتحن الله قلبه بالإيمان. نعم يوجد طريق يسلكه البعض بأن يكون مؤمناً ويموت بشكلٍ طبيعي، وهذا يتوقَّف على عمره المحتوم فيطول حسابه. والطريق الذي اخترته يجعلني من المخفين إن شاء الله للجواز على الصراط، والدنيا كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "الدنيا قنطرة عبور للآخرة"(5)، والحياة حقل من ألغام الملذات والشهوات، اعلموا أنَّ: "الدنيا ساعة فاجعلها طاعة"(6) والآخرة دار الخُلد الأبدية.

إخوتي: دماء الشهداء هي أمانة الله في أعناقكم، فأنتم دائماً تعاهدونهم بالسير على خطاهم، احفظوا العهد والميثاق، وأنتم أهل لذلك، ﴿اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا (آل عمران: 200).


(*) استشهد بتاريخ 25/5/2013 دفاعاً عن المقدّسات.
1.ورد الحديث بصيغة مختلفة: "إذا كان ثلاثة في سفر، فليؤمروا أحدهم". ميزان الحكمة، الريشهري، ج2، ص1309.
2.نهج البلاغة، الخطبة (27).
3.ورد مع بعض التغيير في: بحار الأنوار، المجلسي، ج4، ص43.
4.الوافي، الكاشاني، ج4، ص26.
5.ورد عن نبي الله عيسى عليه السلام: "إنما الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها". الخصال، الصدوق، ص65.
6.ورد: "الدنيا ساعة فاجعلوها طاعة". بحار الأنوار، م.س، ج74، ص164.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع