السيد رضا الهندي (*)
| أًمُـفَـلَّـجُ ثَغْرِكَ أَمْ جَوْهَرْ | ورحيقُ رُضابِكَ(1) أَمْ سُكَّرْ |
| قد قالَ لِثَغرِكَ صانِعُهُ | إنَّا أعطيناكَ الكوثرْ |
| والخالُ بِخَدِّكَ أَمْ مِسْكٌ | نقَّطتَ به الوردَ الأحمرْ |
| أَمْ ذاكَ الخالُ بِذاكَ الخد | فَتِيتُ النَّدِّ(2) على مَجْمَرْ(3) |
| عجباً من جَمرَتِهِ تَذكو | وبها لا يحترقُ العَنْبَرْ |
| يا مَنْ تبدو لي وَفْرَتُهُ(4) | في صبحِ مُحَيّاه الأزهَرْ |
| فَأُجَنُّ به بالليلِ إذا | يغشى والصبح إذا أَسْفَرْ |
| ارحمْ أرِقاً لو لَمْ يمرضْ | بنعاس جفونِكَ لم يسهَرْ |
| تَبْيَضُّ لهجْرِكَ عيناهُ | حزناً ومدامعُهُ تحمَرَّ |
| يا للعُشّاقِ لمفتونٍ | يهوى رَشَأً أحوَى أحْوَرْ(5) |
| إنْ يَبْدُ لِذي طَرَبٍ غَنّى | أو لاحَ لذي نُسُكٍ كَبَّرْ |
| آمَنْتُ هوىً بنبُوَّتِهِ | وبعينيهِ سحرٌ يُؤثَرْ |
| أَصْفَيتُ الودَّ لِذي مَلَلِ | عَيشي بقطيعته كَدَّرْ |
| يا مَنْ قد آثرَ هِجْراني | وَعَلَيَّ بِلُقياهُ استأثَرْ |
| أقسمتُ عليك بما أولَتْكَ | النضرةُ من حسنِ المنظَرْ |
| وبوجهِكَ إِذْ يحمرُّ حَياً | وبوجهِ مُحبكَ إذ يصفَرْ |
| وبلؤلؤِ مَبْسَمِكَ المنظومِ | ولؤلؤ دمعِيَ إذ يُنْثَرْ |
| إِنْ تَتْرُك هذا الهجرَ فليس | يليقُ بمثليَ أَنْ يُهجَرْ |
| فَأَجِلِ الأقداحَ بصرف الراح | عسى الأفراحُ بها تُنشر |
| واشغل يمناك بصبِّ الكأسِ | وخلِّ يسارك للمزهرْ |
| فدمُ العنقودِ ولحنُ العود | يعيدُ الخيرَ وينفي الشر |
| بَكِّرْ للسُّكرِ قُبيل الفجرِ | فَصَفْوُ الدَّهرِ لِمَنْ بَكَّرْ |
| هذا عملي فاسلك سبلي | إنْ كنتَ تقرُّ على المُنْكَرْ |
| فلقد أسرفتُ وما أسلفتُ | لنفسيَ ما فيه أعذَرْ |
| سوَّدتُ صحيفة أعمالي | وَوَكَلْتُ الأمرَ إلى حيدَرْ |
| هوَ كهفيَ من نُوَبِ الدنيا | وشفيعيَ في يوم المحشَرْ |
| قد تمَّتْ لي بولايته | نعَمٌ جمَّت(6) عن أن تُشكَرْ |
| لأُصيبَ بها الحظَّ الأوفى | وأُخَصَّص بالسهمِ الأوفَرْ |
| بالحفظِ مِنَ النّار الكبرى | والأمنِ مِنَ الفزعِ الأكبَرْ |
| هل يمنعني وهو السّاقي | أن أشرب من حوض الكوثَرْ؟ |
| أم يطردني عن مائدةٍ | وُضعت للقانعِ والمُعتَرّْ |
| يا مَنْ قد أنكر من آيات | أبي حَسَنٍ ما لا يُنكَرْ |
| إنْ كنتَ لجهلك بالأيامِ | جحدتَ مقامَ أبي شُبَّرْ |
| فاسأل بدراً واسأل أُحُداً | وسلِ الأحزاب وسلْ خَيْبَرْ |
| مَنْ دبَّر فيها الأمرَ ومَنْ | أردى الأبطال ومن دمَّرْ |
| مَنْ هدَّ حُصونَ الشِّركِ ومَنْ | شادَ الإسلامَ ومَنْ عَمَّرْ |
| مَنْ قدَّمَهُ طهَ وعلى | أهلِ الإيمانِ له أمَّرْ |
| قاسُوكَ أبا حسنٍ بسواكَ | وهل بالطَّوْدِ يُقاسُ الذَّرْ؟ |
| أنَّى ساوَوْكَ بِمَنْ ناوَوْكَ | وهل ساوَوْا نعلَيْ قَنْبَرْ؟ |
| مَنْ غيركَ مَن يُدعى للحرب | وللمحرابِ وللمِنْبَرْ؟ |
| أفعالُ الخيرِ إذا انتشرت | في الناس فأنتَ لها مصدَرْ |
| وإذا ذُكِرَ المعروفُ فما | لِسِواك به شيءٌ يُذكَرْ |
| أَحيَيْتَ الدِّين بأبيضَ(7) قَدْ | أَوْدَعْتَ به الموتَ الأحمَرْ |
| قُطْباً للحربِ يُديرُ الضَّربَ | ويَجلُو الكُربَ(8) بيومِ الكَرْ(9) |
| فاصدَع بالأمرِ فناصرُكَ البَتَّارُ | وشانِئُكَ الأَبْتَرْ |
| لَوْ لَمْ تُؤْمَرْ بالصبر وكَظْمِ | الغَيْظِ وليتَكَ لَمْ تُؤْمَرْ |
| لكنْ أعراضَ العاجلِ ما | عَلُقَتْ بِرِدائِكَ يا جَوْهَرْ |
| أنتَ المُهتَمُّ بحفظِ الدِّينِ | وغيرُكَ بالدُّنيا يَغْتَرْ |
| أفعالُكَ ما كانت فيها | إلّا ذكرى لِمَن اذّكَّرْ |
| حججاً أَلزمتَ بها الخُصَماءَ | وتبْصِرةً لِمَنِ اسْتَبْصَرْ |
| آياتُ جلالِكَ لا تُحْصَى | وصِفاتُ كمالِكَ لا تُحْصَرْ |
| مَنْ طَوَّل فيك مدائِحَهُ | عن أدنى واجبها قَصَّرْ |
| فاقبَلْ يا كعبةَ آمالي | مِنْ هَدْيِ مَديحي ما استَيْسَرْ |
(*) السيد رضا الهندي اللكهنوئي الأصل النجفي المولد والمدفن (1290 - 1362هـ).
1.الريق.
2.القطعة الصغيرة من العنبر.
3.مكان يوضع فيه الجمر.
4.الشعر المجتمع في الرأس.
5.رشأ: ولد الظبية؛ أحوى: ذو حمرة تميل إلى السواد؛ أحور: ذو بياض يحيط بالسواد.
6.كثرت وزادت.
7.السيف.
8.الحزن والهم.
9.الهجوم.