داليا فنيش(*)
يُنظر إلى بعض الأطفال على أنه فوضوي.. مندفع.. عدواني.. شقي.. غير مبال.. وهو ما يجعله موضع شكوى من المعلمين والوالدين، دون أن يعلَموا أنّ هذا الطفل يعاني من النشاط الحركي الزائد.هو لا يمكن أن يبقى هادئاً في مكانه، بل يرغب وبشدّة أن يمارس نشاط الجري والقفزَ باستمرار وفي أيّ مكان: المنزل، المدرسة، الشارع، ما يسبب قلقاً للآخرين ممن يتعاملون معه. ويمكن لهذا الاضطراب أن يكون مصحوباً بضعف في التركيز مع تشتت ذهني ما يؤثر على مستوى تحصيل الطفل الدراسي، وعلاقاته الاجتماعية على الرغم من ذكائه.
*صعوبة التشخيص
أحياناً يكون من الصعب جداً تشخيص هذه الحالة حيث إنها تتشابه مع أمراض أخرى كثيرة، وتبدأ الأعراض عادة قبل أن يبلغ الطفل سن السابعة حيث يجب استبعاد كل الأمراض والاضطرابات العاطفية الأخرى عند وضع التشخيص.
كما أنّ بعض الآباء يزعجهم النشاط الزائد لدى أطفالهم فيعاقبونهم. ولكنّ العقاب يزيد المشكلة سوءاً، كذلك فإن إرغام الطفل على شيء لا يستطيع عمله يؤدّي إلى تفاقم المشكلة أكثر.
هؤلاء الاطفال لا يرغبون في خلق المشكلات لأحد، ولكن جهازهم العصبي يساعد في ظهور الاستجابات غير المناسبة، لذلك فهم بحاجة إلى التفهّم والمساعدة والضبط، بالطرق الإيجابية. وإذا لم نعرف كيف نساعدهم علينا أن نتوقع أن يخفقوا في المدرسة.
*طفلي كثير الحركة ضعيف الانتباه
يُعدُّ ضعف الانتباه والحركة المفرطة هي مشكلةً سلوكيةً يجد الذين يعانون منها صعوبة غير معتادة في تركيز الانتباه، مترافقةً مع اضطرابٍ سلوكيٍ شائع الحدوث لدى الأطفال. وهو أمرٌ تزيد نسبة انتشاره عند الذكور أكثر من الإناث. ومع أنّ هذا الاضطراب يحدُث في المراحل العمريّة المبكرة, إلّا أن قليلاً ما يتمّ تشخيصه لدى الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة.
*أعراض ضُعف الانتباه والتركيز
يظهر الأطفال في هذه الحالة كثرة في الحركة، وتهوراً مع قلّة الانتباه. ويكون ذلك بشكل مستمر أو قد يكون قلة الانتباه بمفرده. وتظهر هذه الأعراض في أماكن عدة: المدرسة، المنزل أو في السيارة. كما تظهر أيضاً في أكثر من نشاط مثل الوظائف المدرسية والعلاقات الاجتماعية, وهذا النشاط الزائد يكون أكبر من المتوقع لعمر الطفل ويسبب تدهوراً واضحاً في حياة الطفل اليومية فتكون العوارض متنوعة. أما مظاهر عدم التركيز لدى الأطفال كثيري الحركة فهي كالآتي:
1 - صعوبة إكمال نشاط معيّن حتى النهاية.
2 - صعوبة المثابرة والتحمّل لوقت مستمر.
3 - التشتّت أو الشرود.
4 - ذاكرة قصيرة المدى.
5 - تضييع الأغراض ونسيانها.
6 - قلّة التنظيم.
7 - عند تعلّم الكتابة، يميل الطفل إلى محو ما كتبه باستمرار.
ملاحظة: معظم الأطفال وخصوصاً تحت سن الخامسة يكونون قليلي الانتباه وقلقين ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنهم مصابون بالتشتت الناتج عن الطاقة الحركيّة المفرطة.
*اختبارات تشخّص الحالة
لا يوجد اختبار سهل لتشخيص حالة التشتّت أو عدم التركيز عند الطفل, ولكن إن شكّ معلّم الصف بوجود تشتت لدى الطفل فمن الأفضل عرضه على طبيب أطفال أو أخصائي نفسي للأطفال, يقوم بتقييم شامل للطفل واختبارات خاصة، ويتوقف نوع الاختبار على عمر الطفل.وقد يشمل التقييم مناقشات مع الطفل أو الوالدين أو معلّم الصف أو فحص جسمي ويمكن أن يطلب الأخصائي مراقبة الطفل عند تأدية بعض الأعمال.
إنّ الهدف من هذه الاختبارات هو:
1 - التأكد بشكل منطقي إنْ كان لدى الطفل قلة في الانتباه والتركيز ناتجة عن الطاقة الحركية المفرطة.
2 - التأكد من عدم وجود أسباب أخرى تفسر سلوك الطفل مثل صعوبة السمع أو مشاكل أخرى.
3 - تحديد وجود أي مشكلة نفسية عند الطفل، مثل القلق النفسي أو تقليل قدر نفسه أو صعوبة التعلّم.
*الأسباب
لا زالت أسباب هذا الاضطراب غير محددة، إلا أن هناك دراسات تشير إلى ما يلي:
1 - إنّ قلة النوم عند الطفل على المدى الطويل قد تكون سبباً في هذه الحالة.
2 - تردّي الحالة النفسيّة والانفعالية للأم أثناء فترة الحمل بالطفل.
3 - طبيعة التنشئة الأسرية التي تتّبع نظام التسامح الزائد أو الحماية المفرطة.
4 - ولادة طفل جديد في العائلة، أو الانتقال من المنزل إلى آخر.
5 - عوامل وراثية واضطراب في الكروموزومات.
6 - غذاء الطفل الذي قد يؤثر في سلوكه إذا كان يحتوي على مواد حافظة وملونات، أضف إلى ذلك المشروبات الغازية.
*آثاره
يؤثر هذا الاضطراب على مدى تفاعل الطفل الاجتماعي مع الآخرين، فينفر منه أقرانه وقد ينعته المعلم بالغبي مع أن مستوى ذكائه طبيعي أو أعلى منه، وكذلك تطلق عليه الأسرة ألفاظاً كالطفل الشقي وغيرها.
*الطرق والحلول لتفادي تشتت الانتباه عند الأطفال
هل سألت نفسك: لماذا يستجيب هذا الابن لكل ما يحدث حوله، فيترك دراسته ليلعب بإحدى لعبه؟ وفي أثناء عودته للدراسة يداعب أخاه الصغير؟ لماذا لا يبقى فترة كافية لإنهاء واجباته؟ تبدو مشكلة فترة الانتباه القصير، صعبة الحل. ولكن هناك أشياء كثيرة يمكنك القيام بها لمساعدة طفلك وتحسين تركيزه نوجزها في التالي:
1 - التشاور والتباحث مع المدرس:
إذا كانت هذه المشكلة تحدث مع الطفل فقط في المدرسة فقد يكون هناك مشكلة مع المدرس في أسلوب شرحه للدرس، وفي هذه الحالة لا بدّ من مقابلة المدرس ومناقشة المشكلة والحلول الممكنة.
2 - مراقبة الضغوطات داخل المنزل:
إذا كانت هذه المشكلة تحدث مع الطفل في المنزل فقد يكون ذلك رد فعل لضغوط معيّنة في المنزل، وهو سلوك مؤقت، ويقترح الأخصائيون على الأهل في هذه الحالة زيادة الوقت الذي يقضونه مع الطفل حتى تزيد فرصته في التعبير عن مشاعره.
3 - فحص حاسة السمع:
إذا كان الطفل قليل الانتباه وسهل التشتت ولكن غير مندفع أو كثير الحركة، فيستحسن فحص حاسة السمع لديه.
4 - زيادة التسلية والترفيه:
يجب أن تحتوي أنشطة الطفل على الحركة، والإبداع، والتنوع، والألوان والتماس الجسدي والإثارة. فمثلاً، عند مساعدة الطفل في هجاء الكلمات يمكن للطفل كتابة الكلمات على بطاقات أقلام التلوين وهذه البطاقات تستخدم للتكرار والمراجعة والتدريب.
5 - تغيير مكان الطفل:
الطفل الذي يتشتت انتباهه بسرعة, يستطيع التركيز أكثر في الواجبات ولفترات أطول إذا كان كرسي المكتب يواجه حائطاً بدلاً من حجرة مفتوحة أو شباك.
6 - تركيز انتباه الطفل:
اقطع قطعة كبيرة من الورق المقوّى على شكل صورة ما, وضعها على مساحة أو منطقة تركيز الانتباه أمام مكتب الطفل واطلب منه التركيز مما يساعده على زيادة التركيز.
7 - الاتصال البصري:
لتحسين التواصل مع الطفل قليل الانتباه علينا دائماً القيام بالاتصال البصري معه قبل الحديث والكلام.
8 - الابتعاد عن الأسئلة المملة:
لا بدّ من تعويد الطفل على استخدام الجمل والعبارات بدلاً من الأسئلة, فالأوامر البسيطة القصيرة أسهل على الطفل في التنفيذ فنقول له مثلاً: «اذهب واحضر كتابك الآن...» بدل «أين كتابك؟».
9 -حدد كلامك جيداً:
دائماً أعطِ تعليمات واضحة للطفل, فبدلاً من أن تقول له: «أبعد قدمك عن الكرسي»، قل له: «ضع قدمك على الأرض» وإلا قد يبعد الطفل قدميه عن الكرسي ويضعهما على المكتبة مثلاً.
10 - إعداد قائمة الواجبات:
لا بد من إعداد قائمة بالأعمال والواجبات التي يجب على الطفل أن يقوم بها ووضع علامة (صح) أمام كل عمل يكمله الطفل, ولا بد من إخبار الطفل عن الأعمال التي لم تكتمل من خلال إطلاعه على القائمة.
11 - تقدير وتحفيز الطفل على المحاولة:
كن صبوراً مع الطفل قليل الانتباه, فقد يكون قد بذل أقصى ما في وسعه ولكن لديه صعوبة في البدء بعمل ما والاستمرار به.
12 - الاهتمام المناسب بالسلوك المناسب:
تجاهل الطفل عندما يقوم بسلوك غير مرغوب فيه. والمهم هو إعارة الطفل كل انتباه عندما يتوقف عن السلوك غير المرغوب فيه ويبدأ في السلوك الجيد.
13 - ضع نظاماً محدداً والتزم به:
التزم بالأعمال والمواعيد الموضوعة، فالأطفال الذين يعانون من مشكلات الانتباه يستفيدون غالباً من الأعمال المواظب عليها والمنظمة كأداء الواجبات ومشاهدة التلفاز وتناول الأكل وغيره..
14 - أعط الطفل فرصة للتنفيس:
لكي يبقى الطفل مستمراً في عمله فترة أطول يقترح الخبراء السماح للطفل ببعض الحركة أثناء العمل, فمثلاً: أن يعطى كرة إسفنجية ملونة أو من المطاط يلعب بها أثناء عمله.
15 - التقليل من السكر:
يرى بعض المختصين أنه يجب على الآباء تقليل كمية السكر التي يتناولها الطفل فبعد تشخيص ما يقرب من 1400 طفل, وجد أن حوالي ثلث الأطفال يتدهور سلوكهم بشكل واضح عند تناولهم الأطعمة مرتفعة السكريات.
(*) متخصّصة في التربية.