مع الإمام الخامنئي | احفظوا أثر الشهداء* لماذا غاب الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف حتّى الآن؟ فقه الولي | من أحكام الإرث (1) آداب وسنن | تودّدوا إلى المساكين مفاتيح الحياة | أفضل الصدقة: سقاية الماء* على طريق القدس | مجاهدون مُقَرَّبُونَ احذر عدوك | هجمات إلكترونيّة... دون نقرة (1) (Zero Click) الشهيد السيّد رئيسي: أرعبتم الصهاينة* تاريخ الشيعة | عاشوراء في بعلبك: من السرّيّة إلى العلنيّة الشهيد على طريق القدس المُربّي خضر سليم عبود

خاطرة: من أنا؟


أنا الصغير الذي ربيته
صغير أنا كنت أيام طفولتي وما آبه بما حولي إلاّ إذا تسنّى لي أن أشمّ منه نشوة لعب أو أنس ثرثرة فأنا غافل عمّا خلقت له.
وإذ يمتدّ بي حبل الأمل فلا أعبأ إلاّ بلحظة النشوة. وأعجل لها خشية الفوت. تتألّم جلود أصابعنا من الصقيع أيام الشتاء وما يثنينا أنا وصحبي جراحها الموجعة ويتعب أقدامنا طول المسير فوق أكتاف التلال والهضاب أيام الصيف.

ولا نقول كفى ولا يتسلّل إلى قلوبنا الوهن. مع كلّ صباح تنمو عضلاتنا ويتجدّد نشاطنا وتشتدّ عزائمنا فلا يمنعنا مانع من تداول الحياة بأصدائها الميادة. وتمضي سنون الحياة شاردة مسرعة وكأنّ أحداً يلاحقها أو أنّ ثمّة قدرة غيبية تجذبها عن تلابيبها فيما تتقلّب قوافل الأمم بين أنيابها وتعترك اللذائذ بخطوبها. فينقلب الناس فيها كلّهم بين مكروب ومعطوب يخاطبون ويكابدون. وأنا الصغير أراني لست أنا إذ تتفكّك الألفاظ والمضامين فتذهب "الصغير" مع الماضي وتبقى "أنا" ليصيبها ما يصيبها من الإغترار، وينتابها ما ينتابها من التحسّر والتذمّر. في صولة الزمن المر. فلا الحسرة تنتهي ولا الاغترار يتوقّف. إنّها "الأنا" تطمع بتمرّد الإغترار على الحسرة.
إنّها الدنيا تتمايل راقصة فتّانة بقوامها الممشوق وحلتها القشيبة. ليس لها وفاءً في حسب، تخذل عشاقها، ولا تروى عطاشها إلاّ بالسراب.
وكرت السنون ثانية وثالثة. عقود متتالية ودب المشيب يشعل نضارة الشباب فيما ينبت على أحفافه الجاه والشرف مسخراً لذلك المال والسلطة.
 

لقد كانت الدنيا لعباً ولهواً كما يلعب ويلهو الأطفال وكانت شيئاً من الجمال الأخاذ يملأ كلّ مناحي الحياة. أو كانت طرباً وعواطف ونزهات. أمّا اليوم فقد أصبحت أكثر إيغالاً في النفس. وحكاية الجاه والشرف أشد وطأ وأكثر نكالاً وظلاماً.
وعندما أعود لنفسي أسألها أين أنتِ من يوم الدين ولقاء الحبيب القادم بالأجل المفاجئ، تقول: قيدتني ذنوبي وأن صياح الشيخوخة لم يكن مفاجئاً فقد بدأ عهده من ذي قبل يوم كنّا صغاراً. نفسي والزهد متناثران وعدم الزهد يعني التعلّق، ولو كنت زاهداً لما كنت بطيئاً حين يدعوني الحبيب إلى جواره فرياض الجنّة أخاذة لكلّ الذين وحدوا واجب الوجود وقطعوا مسافة عن الدنيا إلى الله جلّ وعلا.
 

وكلّ الذين كان الوجود واحداً عندهم خضعت نفوسهم بين يدي ذي الجلال أمّا أولئك الذين عرفوا أنّ لا خالق إلاّ الله وأنّه فالق الحب والإصباح فقد عادوا إلى حيث سيل الخلق وهم أقلّ من حبّة خردل فيه، ويتجلّى الرب المعبود في القلوب العرشية ليصبح معراجاً للقرب والعتق والتعلّق والفناء.
 

حائر "أنا" الصغير الذي ربيته، وما أوليته إلى نفسه، حائر فمن أنا ومن أكون، ويحضرني كلام لأمير المؤمنين يقول فيه مسكين ابن آدم تقتله الشرقة وتسنّنه القرقة. فليتها لم تلدني ولم تربني.
فليتني علمت أمن أهل السعادة جعلتني وفي جوارك خصصتني.
سيدي قرة العين بالنظر إليك فأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع