بمَ ينتصر الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف؟ (1)* أخلاقنا | الكبر الرداء المحرّم (2)* تسابيح جراح | نور إرادتي أقوى من ظلام عينَيّ الشهيد القائد إبراهيم محمّد قبيسي (الحاج أبو موسى) صحة وحياة | كيف نتجاوز ألم الفقد؟ كشكول الأدب تحقيق | الشهادة ميراثٌ عظيم (2) بيئة | حربٌ على الشجر أيضاً عوائل الشهداء: لن يكسرنا الغياب لتكن علاقاتنا الاجتماعيّة مصدر أنس ٍوعافية

نور روح الله | التكامل العباديّ في الحجّ*


ينبغي أن يتكامل الحجّ مع كلّ العبادات الإسلاميّة وأبعادها المختلفة؛ فهذا ما أراده النبيّ إبراهيم خليل الله عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وحين أراد صلى الله عليه وآله وسلم أن يرسل من يقرأ سورة براءة على ذلك الجمع من الحجّاج، كان هدفه توضيح أنّها تحمل رسالة قطعيّة في البراءة من المشركين.

صحيح أنّ المشاكل التي واجهها المسلمون في عصر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم تختلف عن مشاكل اليوم، لكنّ القرآن الكريم والحديث النبويّ يعلّماننا أن نستلهم المبادئ نفسها، بما في ذلك تكامل الحجّ مع سائر العبادات.

* المعارف كلّها في سورة الحمد
من معجزات الإسلام أنَّ العرفان يتكامل مع عباداته؛ فلو أدرك أهل العبادة البُعد العرفانيّ للصلاة في كلّ أعمالهم، لرأوا‏ بحراً روحانيّاً متلاطم الأمواج! إنّه معراج المؤمن الذي يرفع الإنسان إلى ما فوق عالم الطبيعة والوجود. أحياناً، إذا تدبّر الإنسان السالك إلى الله بكلمة أو جملة واحدة عرفانيّة، فإنّ ذلك كفيل أن يجتاز به الحجب كلّها.

إنّ سورة الحمد التي يبتدئ بها القرآن، والتي لا تُقبل الصلاة من دونها، تحوي المعارف كلّها، لذا، يجب التدقيق في هذه الجوانب. قد نفسّر ﴿الحمد لله ربِّ العالمين﴾ بأنَّ حمدَ الله يليق بكلّ أنواع الحمد، ولكنَّ القرآن يوضّح لنا أنّ كلّ حمد يعود لله وحده. ولكنّ المشكلة تكمن في جهلنا بذلك وعدم معرفتنا به. و﴿إيّاك نستعين﴾ تعني أنّ الاستعانة يجب أن تكون لله وحده دون سواه. إنّ ما نقوم به من العبادة إنّما هو لله، ونحن يجب أن نطلب العون منه فقط، ولا نمدح سواه. هذا هو المقصود الحقيقيّ من سورة الفاتحة. ولو حقّق أهل الإيمان معانيها، لحُلّت جميع مشاكلهم؛ لأنّه عندما يدرك ‏الإنسان أنّ كلّ شيء بيد الله، فلن يخشى أيّ قوّة أخرى. وإنّه إنّما يخشاها، فلأنّه يتوهّم أنّ ثمّة قوّة غير قدرة الله. وعندما يعلم أنَّ القدرة هي لله فقط، ولمصلحة الجميع، أفراداً ومجتمعات، وأنَّ كلّ شيء من عنده، فلا يمكنه حينئذٍ أن يخاف من غيره.

* التعرّف على المعارف الإلهيّة
على العلماء أن يعرّفوا الناس على معاني التوحيد والمعارف الإلهيّة. إنّ ما يريده سيّد الشهداء عليه السلام في دعاء عرفة بقوله: «متى ‏غبت حتّى تحتاج إلى دليل»، هو ما يقوله القرآن بعينه، ولكلّ منهما لغته الخاصّة. إنّ أدعية أئمّتنا عليهم السلام، بحسب تعبير بعض العلماء، «قرآنٌ صاعد»، لأنّنا نجد فيها كلّ ما نحتاج إليه من أمورنا. غاية الأمر أنّها تحتاج إلى فهم، ويجب على من يفهم لغتها أن ينتفع بها.

كما أنّ القرآن نعمة ينتفع بها الجميع، لكنَّ استفادة النبيّ ‏الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم منه تختلف عن استفادة الآخرين؛ لأنّه من نزل عليه القرآن، ويعلم ما هو، وكيف نزل، والهدف من نزوله، ومحتواه وغايته. وإنَّ الذين تربّوا على تعاليمه يعلمون كذلك.

من هنا، إنَّ مهمّة الأنبياء عليهم السلام تتمثّل في طرحهم المسائل العرفانيّة الدقيقة بلغة يفهمها كلّ الناس.


*من خطاب لآية الله الإمام الخمينيّ قدس سره في طهران، حسينيّة جماران، بتاريخ 10 ذو الحجّة 1405 ه. ق‏. صحيفة الإمام، ج ‏19، ص ص 309 - 305.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع