إعداد: نانسي عمر
"كان يوماً صيفيّاً حارّاً. عدت من العمل ودخلت إلى غرفتي، ثمّ شغّلت جهاز التكييف ووجّهته مباشرةً إلى مكان نومي. نمت ساعتين متواصلتين، لكنّني عندما استيقظت وأردت النهوض، شعرت بألم كبير في عنقي وبين كتفيّ، امتدّ فجأةً إلى كلّ ظهري. وبين التدليك والمسكّنات استمرّت حالتي يومين حتّى بدأت أشعر بالتحسّن تدريجيّاً، وصرت قادراً على تحريك عنقي".
(الوتّاب) معاناةٌ تتكرّر مع معظم الناس، خاصّة في الأيّام الحارّة، والأيّام التي يتقلّب فيها الطقس بين الحار والبارد، ويتعرّض الشخص إلى تيّار المراوح وأجهزة التكييف، وكذلك يعاني منها الموظّفون الذين يعملون لساعات متواصلة، ويجلسون لفترات طويلة بالوضعيّة نفسها، دون استراحةٍ بين فترة والأخرى. وإن كانت هذه الحال في معظم الأحيان تعالج منزليّاً، إلّا أنّها قد تتطوّر وتحتاج إلى جلسات علاج طويلة الأمد. لذا، توجّهنا ببعض الأسئلة عن الوتّاب إلى د. دقدوق دقدوق (مختص في أمراض العظام والمفاصل)، وعدنا بالإجابات الآتية:
•ما هو الوتّاب؟
يعرّف د. دقدوق الوتّاب بأنّه ألم حادّ في منطقة الرقبة وأعلى الظهر وبين الكتفين، ينتج عن تقلّص في العضلات قد يكون متوسّطاً أو خفيفاً، إذ يؤدّي إلى تصلّب العنق. يعاني من هذه الحالة المرضيّة نحو 50% من الناس من مختلف الفئات العمريّة، ولكنّها تبرز بشكل أكبر في فئة الشباب. ولكنّ الوتّاب يبقى عارضاً من أعراض الآلام، ويصنّف ضمن الأمراض العضليّة الهيكليّة، وليس كمرض بالمعنى الطبّي.
•أكثر عرضةً للإصابة
يُنبّه د. دقدوق من مجموعة عوامل صحيّة، قد تجعل الجسم أكثر عُرضةً للإصابة بالوتاب، منها:
1. ضعف في العضلات.
2. وجود تلف في الأوتار أو ضرر في الأعصاب.
3. خشونة الفقرات.
4. الانزلاق الغضروفي.
5. أورام العظم.
6. اضطرابات الغدّة الدرقيّة.
•أسبابه
أمّا الأسباب التي تؤدّي إلى حدوث الوتّاب، فهي غالباً تتعلّق بالعادات اليوميّة الخاطئة وطريقة العيش، وأبرزها:
1. الجلوس في وضعيّات خاطئة لمدّة طويلة دون إسناد الظهر والكتفين.
2. القيام بعمل مجهد لفترة طويلة.
3. التعرّض المباشر لتيّار المراوح وأجهزة التكييف.
4. استخدام الأجهزة الإلكترونيّة مدّةً طويلة دون تحريك الرقبة من فترة إلى أخرى.
5. التعرّض المفاجئ للبرد.
6. النوم بطريقة خاطئة وغير مريحة، خاصة على البطن.
7. الوزن الزائد.
8. التقدّم في السنّ والشيخوخة.
9. تعرّض العنق لضربة قويّة أو حركة مفاجئة.
•أشهر العوارض
أشهر عوارض الوتّاب هي غالباً تيبّس الرقبة وصعوبة تحريكها في الجهتين، مصحوباً أحياناً بألم في الرأس، وشعور بالدوار وفقدان التوازن. وقد تتطوّر العوارض إلى حدوث تنميل في الأطراف، وهنا تجب استشارة الطبيب.
•العلاج
وبحسب د. دقدوق فإنّ الوقاية هي الجزء الأساسيّ في علاج الوتاب وعوارضه، وعادة ما يمكن معالجته منزليّاً من اليوم الأوّل، ولمدّة أربعة أيّام كحدّ أقصى. ويتضمّن العلاج في المنزل بعض الخطوات، منها:
1. وضع كمّادات باردة مدّة 20 دقيقة، مرّتين في اليوم.
2. وضع ملصقات خاصّة بالعضلات تعمل كمسكّنات لمدّة 24 ساعة.
3. تناول أدوية مسكّنة تعمل على ترخية العضلات.
أمّا إذا استمرّ الألم أكثر من أربعة أيّام، أو كان مصحوباً بتنميل الأطراف، فتجب استشارة الطبيب المختص في العظام أو الأعصاب، والذي قد يطلب من المريض إجراء بعض الفحوصات وصور الأشعة وصولاً إلى تخطيط للأعصاب، ليتأكّد من سبب استمرار العارض. وفي حال لم يكن ثمّة أسباب عضويّة، يحوَّل المريض إلى معالج فيزيائيّ ويخضع لجلسات لتقوية العضلات.
•الوقاية خير نصيحة
ينصح د. دقدوق عموماً بالابتعاد عن العوامل المسبّبة للوتّاب، من خلال اتّباع بعض الخطوات التي من شأنها أن تقي من حدوثه، مثل:
1. إبقاء العنق مرتفعاً، خاصة عند استخدام الأجهزة الإلكترونيّة.
2. وضع الرأس على وسادة طبّيّة مريحة خلال النوم.
3. تغيير العادات الخاطئة وأهمّها الجلوس لفترات طويلة.
4. تحريك الكتفين والرقبة بين الفترة والأخرى.
5. ممارسة الرياضة بشكلٍ مستمرّ وخاصة السباحة.
6. عدم التعرّض لأجهزة التكييف بطريقة مباشرة.
7. عدم التعرّض لدرجة حرارة منخفضة ثمّ مرتفعة أو العكس.
8. أخذ استراحة كلّ نصف ساعة كحدّ أقصى في حال العمل المكتبيّ الطويل.
إنّ الالتزام بهذه الخطوات الوقائيّة البسيطة من شأنها أن تجنّبنا الكثير من الآلام التي قد تبدو بسيطة في البداية، إلّا أنّها قد تتطوّر إلى ما لا تُحمد عقباه.