نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أمراء الجنة: الشهيد المجاهد جميل نعيم سكاف

 


* الشهيد سكاف جهاد وعطاء
عندما نلتقي مع سيرة الشهداء نكون قد التقينا مع الذين جعل الله أقوالهم وأفعالهم ودماءهم حجة على الناس، إليهم يُرجع.. ومنهم يؤخذ.. وإلى رحابهم يُنتهى.. وعندما نلتقي مع سيرة الشهداء نلتقي في أعلى وأعظم تكامل وانسجام وتوافق.. هم يعيشون الحياة في واقعها الإسلامي كما أراده الله وأحبه لعباده الصالحين.. وعندما نتكلم عن الشهيد نستشف من تلك الكلمات روح الأخيار من العباد الصالحين ويغمرنا عطفهم وحنانهم وعظمتهم وسمو أخلاقهم.. بحيث تأخذنا.. سيرتهم لترفعنا درجات في سلّم الفضائل والكمالات.. كيف لا يكون ذلك وهم من كنوز الدنيا وخيراتها وببركتهم نصل إلى سعادة الآخرة وإننا مع كل هذه الفوائد والفضائل لم نوفِّ هؤلاء الشهداء حقهم ولم نولهم العناية والاهتمام اللازم واللائق بمقامهم.. لكن نسعى جاهدين لأن نكشف عن تلك المعادن الجوهرية التي سمحت بها نفوسهم الطاهرة لأننا بحاجة إلى أن نعيش مع أحاديث وسيرة الشهداء لعلنا ندرك بدقة وإمعان ونطبق على أنفسنا ما تضمنته نفوسهم الأبية من معانٍ أخلاقية، واجتماعية، وأدبية، بحيث تتفق مع روح الإسلام وعمق الشريعة.. ونحن الآن مع ذكرى سنوية لحجة من حجج الله على الأمة ومع سيرة الشهيد جميل نعيم سكاف.
 

نشأ الشهيد جميل في بلدة مشغرة بلدة والدته لأن بلدته عيتا الجبل من القرى المواجهة الصامدة بوجه الاحتلال الصهيوني، وينتمي الشهيد إلى عائلة مؤمنة محافظة تلتزم بالحدود الشرعية وقد ترعرع في أسرة طيبة وشاء الله أن يفقد أباه وهو الابن الأكبر وكان عمره أربع عشرة سنة وبدأت الوالدة بالمثابرة أمامهم لتأمين ما يسعدهم في تربيتهم ومتابعة تعليمهم وقد منّ الله عليها بالتوفيق.. لكن منذ وفاة أبيه قد شارك والدته بحمل المسؤولية وتصدى لمسؤولية العائلة وهذا بالإضافة إلى متابعة دراسته إلى أن وصل إلى المستوى الجامعي حيث أكمل السنة الأولى في إدارة الأعمال وكان يتابع سنته الثانية.

كان الشهيد جميل يتمتع بأخلاق عالية وذوق رفيع، حيث كان لا يغضب ولا يُغضب، وكان يصبر على كثير من الأمور ويتعاطى معها بحكمة وتروٍّ وكان الأسرع في المبادرة للمسامحة من الآخرين وطلبها لنفسه. لقد اجتمعت بنفسه وروحيته صفات جميلة وقد يفتقر الكثير منا إليها كالطاعة المطلقة، حب الإيثار، الإيمان المفعم بحب الله، الإسراع في مساعدة الفقراء والمحتاجين مادياً ومعنوياً، يعتز بخدمة الآخرين مخلصاً في أدائه.
وكان الشهيد جميل الأخ والصديق العطوف للأخوة يعايشهم يشاركهم أفراحهم وأتراحهم يمازحهم ويسليهم بالصبر إذا حلّ بهم أي مكروه وكان لا يقصّر في خدمتهم وقضاء حوائجهم.

لكن نادراً ما كان يبوح بما يختلج في نفسه من هموم وأحزان ويخفي همه وألمه بابتسامته البريئة خشية أن يحمل همه أحد من أقاربه أو معارفه، وعلى مستوى علاقته بعائلته إنه المميز بين أفراد الأسرة من الناحية الأخلاقية والسلوكية ولكثرة مكارم أخلاقه أثر على العائلة بالنسبة للالتزام الرعي الواجب، يعشقه الكبار والصغار ويبذل أقصى درجة الجهد لإدخال السرور على قلوبهم وإسعادهم وفي إحدى المرات شاهدت والدته صور الشهداء على التلفزيون.. حزنت الوالدة وقالت للشهيد جميل ساعد الله قلوب أمهات هؤلاء الشباب وبدت متأثرة جداً. نظر إلى أمه وقال لها: «أماه عليك أن تتهيئي لاستشهادي، عند ذلك تصبّري لتكوين فخورة عند السيدة الزهراء (عليها السلام) يوم القيامة" وفي نفس الوقت كانت الأم تتمنى أن يتزوج وتطلب منه ذلك لكن كان حلمه وعرسه الذي ينتظر الشهادة في سبيل الله وأن يتزوج من الحور العين.

ومن أكثر أمنياته أن يستشهد في شهر محرم مواساة لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وقد استجاب الله له هذه الأمنية بحيث انطلقت مسيرته الجهادية منذ وصول أصداء الثورة الإسلامية وحزب الله إلى منطقة البقاع الغربي وقد تربى على أيادي الشهيد القائد الحاج محمد بجيجي، وقد انتسب إلى جهاز التعبئة فخضع للعديد من الدورات الثقافية والجهادية إلى جانب دراسته العلمية وكانت ترافقه دائماً شهادات التقدير وحسن السلوك ثم انطلق للعمل الجهادي الميداني الذي لو سألنا تلال وجبال وأودية وسفوح البقاع الغربي لأخبرونا أن للشهيد معها قصصاً جهادية طويلة بدءاً من جزين وصولاً إلى حاصبيا وجبل الشيخ ولم يكتفِ بذلك فانتقل إلى الجنوب لا لطلب الراحة بل لتشهد له التلال وربى جَبل عامل عند الله سبحانه وتعالى بأنه جاهد وقاتل أعداءه فكانت للشهيد العديد من المشاركات في العمليات الجهادية وحروب المقاومة الإسلامية.

فالشهيد جميل كان شاباً يعشق الشهادة، وكل جمال هذه الدنيا الفانية لا يساوي شيئاً أمام سعيه للآخرة التي فيها رفاق دربه وفيها الأطهار محمد وآل بيته الطيبين وألحّ في الطلب على البارئ عز وجل حتى نال شرف الشهادة حيث استشهد أثناء قيامه بواجبه الشرعي الجهادي وتم تشييعه إلى مثواه في تلك الأراضي البقاعية التي فداها بدمه وروحه لتبقى حرّة أبية وذلك في 24/6/1994م.

ملاحظة: وصية الشهيد فقدت بعد استشهاده ولم تظهر حتى الآن. هذه كلمات للشهيد كان قد كتبها لأخوته المجاهدين قبل استشهاده وكانت الأخيرة..
سقطنا شهداء ولم نركع هذه دماؤنا فتابعوا الطريق.
أخوكم جميل نعيم سكاف


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع