الشيخ بسّام محمّد حسين
هي فاطمة بنت حزام، الملقّبة بأمّ البنين، من بني كُلاب، البيت المعروف بالشجاعة.
لمّا أراد أمير المؤمنين عليه السلام أن يتزوّج بعد شهادة الصدّيقة الزهراء عليها السلام (1)، جاء إلى أخيه عقيل -وكان نسّابة عالماً بأنساب العرب وأخبارهم- فقال له: "انظر إليّ امرأةً قد ولدتها الفحولة من العرب، لأتزوّجها، فتلد لي غلاماً فارساً". فقال له: تزوّج أمّ البنين الكلابيّة، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها(2).
ولم يكن الإمام عليه السلام بحاجة إلى علم عقيل أو غيره، ولكنّه أراد أن يلفت النظر إلى ما ستنجبه هذه المرأة، ويعلّمنا أن نحسن الاختيار لذرّيتنا وأولادنا. فتزوّجها أمير المؤمنين عليه السلام، وبالفعل أنجبت له أربعة أبناء شجعان، هم على الترتيب: العبّاس، وهو أكبر أولادها، وعبد الله، وعثمان (الذي سمّاه أمير المؤمنين على اسم عثمان بن مظعون)، وآخرهم جعفر.
* أخبرني عن الحسين عليه السلام
لم تحضر هذه المرأة الصالحة يوم الطّفّ، لكنها قدّمت هؤلاء الأربعة شهداء بين يدي أخيهم الإمام الحسين عليه السلام في أرض كربلاء.
قال المامقانيّ: ويستفاد قوّة إيمانها وتشيّعها من أنّ بشراً كلّما نعى إليها، بعد وروده المدينة، أحداً من أولادها الأربعة، قالت ما معناه: أخبرني عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام، فلمّا نعى إليها الأربعة قالت: قد قطَّعت نياط قلبي، أولادي ومن تحت الخضراء كلّهم فداءٌ لأبي عبد الله الحسين عليه السلام، أخبرني عن الحسين عليه السلام.
فإنّ علقتها بالحسين عليه السلام ليس إلّا لإمامته عليه السلام، وتهوينها على نفسها موت هؤلاء الأشبال الأربعة إن سلم الحسين عليه السلام، يكشف عن مرتبة في الديانة رفيعة(3).
* رثاء أولادها
كانت أمّ البنين أمّ هؤلاء الإخوة الأربعة، تخرج إلى البقيع، فتندب بنيها أشجى ندبة وأحرقها، فيجتمع الناس إليها يسمعون منها، فكان مروان بن الحكم مع عداوته لأهل البيت عليهم السلام، يجيء فيمن يجيء لذلك، فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي(4). ومن قول أُمّ البنين في رثاء أبي الفضل العبّاس وسائر أبنائها:
يا مَنْ رَأى العَبّاسَ كَرَّ عَلى جَماهِيرِ النَّقَد
وَوَراهُ مِنْ أَبْناءِ حَيْدَرَ كُلُّ لَيْثٍ ذِي لَبَدِ
أُنْبِئْتُ أَنَّ ابْنِي أُصِيبَ بِرَأسِهِ مَقْطُوعَ يَدِ
وَيْلِي عَلى شِبْلِي أَمالَ بِرَأسِهِ ضَرْبُ العَمَدِ
لَوْ كانَ سَيْفُكَ فِي يَدَيْكَ لَما دَنا مِنْكَ أَحَدٌ(5)
* وفاتها
لم يُعرف تاريخ وفاتها تحديداً، إلّا أنّ بعضهم ذكر أنّها توفيّت في 13 جمادى الآخرة عام 64 للهجرة(6). دفنت في البقيع، حيث مزارها المعروف على يسار الداخل، وكانت فيما مضى قبّةٌ مبنيّةٌ على قبرها، هدمها الوهّابيون يوم هدموا قباب الأئمّة عليهم السلام.
(1) تاريخ الطبري، الطبري، ج 4، ص 118؛ تاريخ أبي الفداء، ج 1، ص 181.
(2) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، ابن عنبة، ص 357.
(3) تنقيح المقال، المامقاني، ج 3، ص 70.
(4) مقاتل الطالبيّين، الأصفهاني، ص 56.
(4) إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام، السماوي، ص 64.
(5) أمّ البنين عليها السلام، أم زينب الكتبي، ص 41.