مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

آخر الكلام: في الحقيبة!

نهى عبد الله


وقف وسيم أمام الساعة الكبيرة في المطار، ما زال أمامه ساعة انتظار قبل إقلاع الطائرة. تبدو مفيدة إن قام بتصفح بريده الإلكتروني وقام ببعض المراسلات، فتوقف أمام المقهى ليحصل على فنجان قهوة وبعض البسكويت ... والصحيفة اليومية قبل أن يتوجّه إلى صالة الانتظار. بدت له عناوين الصحيفة رتيبة.

قام بسرعة بطيّ الصحيفة وأرقدها بسلام في حقيبته، وشغّل الحاسوب وبدأ بقراءة محتوى (الوارد)... لم تمضِ دقائق حتى انشغل بكتابة الردود وهو يحتسي قهوته متناولاً بعض البسكويت... قطع تركيزه رجل مسنٌّ بجانبه عندما تناول قطعة بسكويت من علبته الخاصة دون استئذانه، تجاهل وسيم الأمر متظاهراً بعدم الملاحظة لكي لا يحرج الرجل، تناول قطعة بدوره... وتظاهر بانشغاله كلياً بعمله.

دقائقُ أخرى، وتناول الرجل قطعة أخرى، تمتم وسيم: "يا لفظاظته!"... ثم تناول الرجل قطعة ثالثة ورابعة... بهدوء وثقة، نظر وسيم إليه بغضب علّه يتوقف عن استفزازه، لكن الرجل بادله بابتسامة هادئة ملوحاً بقطعة بسكويت باتجاهه : "نوعية جيدة فعلاً" وتناولها ببساطة...

انقضت أربعون دقيقة بقرب الرجل الفظّ بتثاقلٍ كبير، فلم ينجح وسيم بإتمام رسالة واحدة وهو يصارع غضبه متظاهراً باللباقة والتسامح والكرم ... حتى بقيت آخر قطعة... همّ وسيم بتناولها لكن الرجل وصل إليها، شطرها نصفين، تناول جزءاً وترك لوسيم المتفاجئ الجزء الآخر... "طفح الكيل" صرختْ أعماق وسيم في نفسه، فلن يتحمل فظاظةً إضافية أو خرفَ شيخوخة. نهض وتناول حاسوبه ليضعه في حقيبته... أزاح الصحيفة المطويّة... ليجد علبة البسكويت الخاصة به. ترقد بسلام. 1

أحد المواقف والقصص التي نسمعها ونقع فيها طيلة الوقت، لكنها توقعنا في صراع مع أنفسنا حين نقع في فخّ الحكم قبل أن ننظر في حقائبنا الخاصة لنجد محملاً حسناً للآخر.

فأيهما ينتصر فينا... غالباً؟


1- مقتبسة

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع