مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أول الكلام: فإنَّك بأعيننا

السيد علي عباس الموسوي


لا شكّ في أنّ ما يتعرّض له الإنسان في حياته من أفراح وأتراح، صحّة ومرض، عذاب وألم، قتل واعتداء وغير ذلك يشترك فيه جميع البشر، فهذه أمور لا فرق فيها بين كبير وصغير، مسلم وكافر، صاحب منزلة ودرجة ومقام أو إنسان عادي، فالكلّ في معرض الابتلاء.
ولكن ما يختلف فيه البشر هو موقف وردّة فعل كل إنسان على ذلك، فهل يواجهه بالعجز والاستسلام، أو بالمواجهة والثبات؟ وكيف يتقبّل ما يحل به، وما يصيبه في هذه الحياة؟

يرتبط الموقف من هذه الأمور بمجموعة من الاستعدادات، والقدرات الإنسانية، ومن ذلك ما يرتبط بقوة الشخصية والتربية الاجتماعية والبيئة والمحيط، فالتربية الصحيحة تجعل الإنسان قادراً على المواجهة، والبيئة المساعدة تعطيه القدرة على الصمود والثبات.
ولكن ما يهمنا هنا هو أن هذا الموقف يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنظرة الإنسان إلى خالقه وبارئه؛ فالإنسان الذي يؤمن بالله بكل صفات كماله وجماله، ويؤمن بالقدرة الإلهية المطلقة ويعمل على توثيق الارتباط بما يؤمن به، سوف يكون موقفه من كل ما يصاب به في هذه الحياة موقف الصّبر والثبات والسعي لمعالجة ذلك بكلّ ما أمكنه، دون أن يصاب باليأس أو القنوط ودون أن يقع في الاستسلام والعجز والوهن.

الإنسان المؤمن بالله يواجه ذلك أولاً بالصّبر، وهذا الصبر ينطلق من الإيمان بأن كل ما يجري هو حكم وقضاء إلهيّين، لأن التوحيد الأفعالي يعني الاعتقاد والايمان بأن شيئاً لا يجري في هذا الكون ويصيب هذا الإنسان إلا وهو فعل الله عزَّ وجل، والفعل الإلهي لا يصدر إلا عن حكمة بالغة، وإن لم يدرك الإنسان سرّ هذه الحكمة.

فالإنسان المؤمن يرى أن كل ما يقع هو بعين الله، والإنسان الذي أتمّ مقام العبودية لله، واعترف بهذه العبودية، سوف يرى أنّ كل ما يجري هو بعين الله، وأن الله لا يغفل عما يجري في الكون، بل لا يغفل عن عين العناية والرّحمة بعباده المؤمنين.
والإنسان المؤمن، ولإيمانه واعتقاده بالأمرين السابقين، يتوجه دائماً إلى الله عز وجل بالتسبيح والتنزيه والتقديس في آناء ليله وأطراف نهاره فلا يخلو حال من حالاته من ذكر الله عزَّ وجل لأنه يسعى لكي يقوّي ارتباطه بهذا الخالق الرحيم، بما يجعله دائماً محلّ عنايته.

في كل الشدائد التي يمكن أن تحلّ بنا كأمّة مقاومة، وعندما نواجه كلّ عدو يتربّص بنا علينا أن نستحضر، وبوضوح، إيماننا بهذا الخالق، وما نراه من أننا محل عنايته ولطفه ورحمته، وأن نواجه ذلك بالذّكر الدائم والمستمر لله عزَّ وجل امتثالاً لخطابه تعالى في كتابه الكريم حيث يقول: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (الطور: 48-49).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أضيف في: | عدد المشاهدات: