نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

تربية: كيف تُنمّى ملكة التفكير عند الطفل؟


رامي بليبل


عندما يولد الطفل تكون حواسه نشطة وقادرة على اكتشاف البيئة حوله، وهذه الحواس – بدرجة ما – تمكّنه من امتصاص كلّ ما يصل إليه من معلومات وبالتدريج يأخذ في تنظيم هذه المعلومات وترجمتها، ويبدو العالم أمامه وكأنّه يطلّ عليه من ثقب يتسع قليلاً قليلاً.
خلال السنوات الأولى من حياة الطفل ينمو مخّه بصورة سريعة ومتلاحقة كما يكتمل تطوّر حواسه خلال أشهر قليلة من مولده، وهذا بدوره ينعكس على قدراته العقلية المتنامية حتّى إذا ما وصل الطفل إلى عامه الخامس يكون قد ألمّ بمعظم المهارات العقلية الأساسية، وأصابع الطفل المفتوحة هي مصدره الأول للمعلومات، فعندما يمسك بإحدى لعبه ثمّ يتركها فإنّها تسقط على الأرض محدثة صوتاً وإذا ما ربطت هذه اللعبة بسريره فإنّه يجذبها بيده وهي عندئذٍ لا تحدث صوتاً لأنّها لا تصطدم بالأرض لكنّها تعود إليه إذا ما تركها من يده ... وليس غريباً أن الطفل في هذا العمر المبكر لا يمكنه خزن المعلومات فحسب بل واستخلاص النتائج وتصنيف هذه المعلومات أيضاً..

وعندما يضاف الكلام إلى مهارات الطفل فإنّه يكون قادراً على التعبير في كلماتٍ عمّا يفكّر أو يفعل والقدرة على الكلام تخلق عند الطفل ما يعرف بالتفكير النظري أو التأمّلي.

والأطفال ينمون – تقريباً – عند معدلات واحدة لكن هناك بعض الأطفال يأخذون وقتاً أطول لفهم بعض الأشياء عن سواهم، هذا على الرغم من أنّ الجميع له نفس المستوى من الذكاء وعندما يكون هناك تأخّر واضح في النمو العقلي يجب معرفة الأسباب التي تؤدّي إلى ذلك ومعالجتها في وقت مبكر حيث أنّ معالجة الكثير من حالات التخلّف العقلي مبكراً تحقّق نتائج جيدة. وتعتمد قدرات الطفل العقلية على ما يولد به من صفات وراثية بالإضافة إلى عوامل أخرى يمكن أن تعوق أو تشجع هذا التقدم، والبيئة المحيطة بالطفل تشكل معظم هذه العوامل وذلك من خلال مؤثراتها المختلفة، والطفل يتفاعل ويتكيف مع عالمه بطريقته الخاصّة، فالتعب والمرض والمثيرات العاطفية تؤثّر إيجاباً أو سلباً على نمو الطفل العقلي. من المعروف أنّ متاعب السمع والبصر أو عدم تطوّر الحواس مثل الشم أو الّلمس والتذوق لها أثرها على نمو التفكير .. فالطفل المكتمل من الناحية العضوية سوف يتمكّن من اكتشاف البيئة حوله مبكراً عن سواه الذي يعاني من نقص ما، والطفل المكتمل عضوياً يتعلّم من خلال المشاركة أكثر ممّا يتعلّم من خلال الملاحظة.. ومن العوامل الأخرى التي لها تأثيرها في النمو العقلي للطفل، الأشخاص الذين يظهرون في العالم المحيط به مثل الجدود والأطفال الآخرين (الأتراب) وعامل البريد ومعلم المدرسة، كما أنّ الطبيعة حول الطفل من شمس ومطر ورياح لها أيضاً تأثيرها في نمو الوعي عنده، الأمر ببساطة إذاً: إنّ الطفل يتأثر بكلّ ما يحيط به أو يتفاعل حوله.
ونلاحظ أنّ النمو العقلي للطفل يعتمد على قدرته على تنظيم المعلومات التي يستقبلها وعندما تضاف إلى خبرات الطفل معلومة جديدة فإنّه يحاول تصنيفها مع ما سبق أن عرفه وهذا يمكنه من تخيل العالم الذي يعيش فيه.
ومثالاً على ذلك رؤية الطفل الذي بلغ السنتين من عمره للطيور وهي تطير ثمّ تهبط لالتقاط البذور، إنّه عندئذٍ يكوّن صورة عن الطيور، لكنّه عندما يذهب إلى حديقة الحيوان فإنّه يرى النعام وهو من الطيور إلاّ أنّه لا يطير وهنا تتسع فكرته عن الطيور فهناك طيور تطير وأخرى لا يمكنها الطيران وقد يتساءل الطفل بعد ذلك عن عدم قدرة النعام على الطيران وعلى الرغم من أنّه يملك أجنحة؟

ويكون الجواب:
الطيور تطير لتهرب بسرعة من خطر تواجهه لكن النعام له هذه الأرجل الطويلة التي تمكّنه من الجري بسرعة لذلك فهو لا يحتاج إلى الطيران ولأنّه لا يستعمل أجنحته لفترة طويلة فإنّها فقدت وظيفتها وهكذا تتسع معارف الطفل وخبراته.

ولعلّنا نضيف إلى كل ذلك العوامل العضوية التي تؤثر بدورها على النمو العقلي للطفل ومن بين هذه العوامل:
-الغدد "خاصّة الغدّة الدرقية".
-الأمراض التي يصاب بها الطفل خاصّة إصابته بنقص التغذية كذلك بعض الأمراض التي تصيب الأم أو حتّى الأب، مثل إدمانها على التدخين في فترة الحمل.
كلّ هذه الأمور يجب وضعها في الاعتبار عند تقويم الحالة العقلية للطفل. ومن المفيد أن نذكر هنا أنّ كثيراً من هذه المشكلات العضوية قد اختفى أثره بفضل نظام اللقاحات الذي تأخذ به أكثر الأمهات إضافة إلى التقدّم الطبّي الهائل في رعاية الطفل جنيناً حتّى يغدو شاباً.
العقل واللعب:
ينظر الأبوان إلى شغف الطفل باللعب واهتمامه به على أنّه لا يعدون أكثر من تسلية أو تلهية، لكن الحقيقة أن لَعِب الطفل يؤثّر تأثيراً مهماً وحيوياً للغاية في تطوّر وعيه ونموه الفكري. فمن خلال اللعب يتعلّم الطفل ويكتشف وينمو ويتخلّص من الخوف ويكوّن صداقات ويطوّر عواطفه.
وليست اللّعب هي تلك التي تباع في محلات بيع لعب الأطفال فحسب بل إن كل ما يقع في يد الطفل أو داخل عالمه يمكن أن يكون لعبة يتعلّم منها شيئاً جديداً.
ويعتبر وجه الأم أول لعبة – إن جاز التعبير – تثير اهتمام الطفل فهو يحاول العبث به محاولاً اكتشاف ملامحه، دفئه، تفاعلاته. ويمكننا أن نقول بصورة أخرى إنّ الطفل يحول أيّ شيء إلى لعبة. وليس للعب عند الطفل قواعد، بل إنّه إذا حاول الأبوان تحويل اللعب إلى تعليم فإنّهما يدمران تلقائية اللعِب عند الطفل والتي هي جزء من طفولته نفسها.

وتؤدي اللعب بأنواعها المختلفة دوراً آخر في حياة الطفل، فمنها اللعب التي يضربها بعنف ليتخلص من العدوانية وهناك بعض اللعب التي تساعده على النوم، كما أنّ هناك لعباً أخرى تساعد الطفل على تنمية مهارات عضلية أو رياضية مختلفة.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع