مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الشهيد السعيد حسن الياس فخر الدين

 

نشأته، وُلد الشهيد في بلدة الشهداء البقاعية (الكرك) في عام 1978 م. 
ترعرع في ظل بيت هادئ يخرج منه الطهر والإيمان حتّى إذا أراد الله أن يستعجل لقاءه فأخذ بأبيه شهيداً مغسلاً بدماه بعد أن ربانا وإياه على أجنحة من نور ترفرف فوقها حنايا أعلام كشافة الإمام المهدي(عج) فكان من قادة وأعلام الهدى ومن المؤسّسين للعمل الإسلامي والجهادي للمقاومة ولكن أراد الله أن يُبقى له طفلين يتيمين لتكون العبرة والأمثولة الحسنة. وكيف لا يكون هذا الشبل من ذاك الأسد...

نعم، وابتدأت حياة الشهيد السيد حسن منذ سنيّ الطفولة ليتربى في كنف جدّه صالحة بعد فقده لأبيه وبُعده عن أمّه فأكمل دراسته التكميلية وتابع بدأبٍ عمله الكشفي حتّى ترقّى ليصبح كأبيه قائداً كشفياً ليحصل على عدّة تنويهات من مفوضيّته وكذلك من بارئه فكان رفيق المسجد وجاره، عشيق الرسول ومن سلالته فكان للشجاعة أفضل صديق ولعشق ربّه ينبوعاً وعشيقاً لم تُدنسه الدنيا بُخدَعها وزخارفها وكان من الطبيعي له أن يدرك ويستعجل للقاء معشوقه فالتحق بصفوف التعبئة العامة رغم حداثة سنه ونعومة أظافره فلم يعرف الشيطان إليه طريقاً فعجز عنه متنحياً، وانطلق "هادي" هادئاً مطمئناً لا تهزّه ريح الدنيا فكان نوراً وضاءً، إذا رأيته خلته ملاكاً، لا يسمع منه إلاّ الكلام الطيّب، سبحان الله أيّ سرٍ فيك يا سيدي وأخي "هادي" لعلّي أستلهم من وجهك تسابيح الهدى. وأكمل "هادي" ولكن الله أراد أن يهب لحبيبه ومضة نورانية إلى مدركها، فها هو يقف هنيهةً ويقول بقلبٍ مطمئن أتاني الشعور بالفقدان وأحسست بأنّني لا أستطيع احتمال الصبر فقد ملّ الصبر مني لكثرة الانتظار فخذني ربي إليك وأومض إليّ طريقاً من نور وشهباً يخطفني إليك. وما هي إلاّ أيّام معدودة ويستعلي الشهيد حسن هامات الرّبى بعد اختياره من بين المئات للعمل في جهاز الاستشهاديين وتحديداً سريّة الشهيد "علي قشمر". وبدأ رحلته الحقيقية فخضع لعدّة دورات عسكرية عالية فكان كأبيه إذا برز لساحة الميدان أوتدَ في الأرض قدمه، وأعار الله جمجمته، همّه الأوحد رضا الله والفوز بالجنة والفلاح. فكان من المهاجرين إلى الله متنقلاً بين محاور الجنوب والبقاع الغربي على امتداد خطوط المواجهة ليرصد هنا ويستطلع هناك، من عبوة إلى موقع إلى كمين. وتمضي الليالي ويبيض وجه الهادي ويزداد نوره وتبدو على وجهه السّبحات العرفانية، وهذا لم يطفئ لهادي نيرانه المشتعلة داخل قلب ملائكي طاهر يحدثني عنه كلام ووجه بريء يقول: لا تخف فقد تآخينا فيننا اللقاء وحقاً ذاك اللقاء يا هادي، أيام قليلة ويغادر هادي مودّعاً. ويطلب السماح من جميع أخوته عارفاً مطمئناً لمثواه، مفتقداً للشهداء، ثائراً إليهم بعد اختياره من بين أخوته لعملية استشهادية نوعية على بعد أمتار من أرض القدس التي تحرّق لرؤياها. وإذا به يروي جبل "رامية باسيل" دماءً طاهرة يلوّن ترابها منادياً للشهيد محمد حيدر "هادي" سميتُ نفسي اسمك، وتقلّدت سلاحك، ورويت مكان وقع أقدامك دماءً، ومزجت دمي بدمك، وها أنا ذاهب إليك سائلاً الله أن يقبلني في ساحة رحمته المقدّسة. أخوك وحبيبك وسميك من جديد "هادي".

* وصية الشهيد
يقول الله عزّ وجل في كتابه الكريم:
بسم الله الرحمن الرحيم (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون) صدق الله العلي العظيم.
ويقول أيضاً: بسم الله الرحمن الرحيم (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلاّ قليل) صدق الله العلي العظيم.
أيها الأخوة المؤمنون، اتقوا الله ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون. واسمعوا قول أمير المؤمنين عليه السلام "أوصيكم بتقوى الله ونظم أمركم". أخوتي إنّ ساعة الموت آتية لا ريب فيها وكلّ إنسان معرض لها مهما طال الزمن فما أحسن الإنسان الذي يجري وراء الموت في رضى الله عزّ وجل.
هذا الإنسان الذي يحمل دمه على كفّه لا يبالي إن وقع الموت عليه أو وقع هو على الموت، طالما أنّ هذا هو سبيل الله ومن أجل إعلاء كلمته.
أخوتي، اعلموا أنّ هذه الدنيا زائلة وكلّ شهواتنا إلى زوال ولا يبقى للإنسان من هذه الدنيا إلاّ أعماله الصالحة فسيروا في رضى الله وطاعته وابتعدوا عن معصيته.

أخوتي، إنّ الدنيا ساعة فاجعلوها طاعة اجعلوا هذه الدنيا جسراً وممراً إلى سعادتكم في الآخرة بالأعمال الصالحة والكلمات الطيبة والجهاد في سبيل الله ونيل الشهادة.
أذكركم يا أخوتي ببعض ما هو أساسي في خطّنا هذا.. إنّ طريقنا الجهادي هو طريق طويل وشاق ومليء بالمصاعب والابتلاءات لذلك فاعملوا على بناء روحيات عالية وطيبة نازعين عن صدوركم كلّ الأدران والحجب التي تبعد الإنسان عن ربه كما أوصاكم أخوتي الشهداء من قبلي تمسكوا بهذا الخط وهذا النهج نهج المقاومة لأنّه طريق اختصنا الله به دون غيرنا فعلينا أن لا نضيع الفرصة من أيدينا وأهم من ذلك أن لا نضيع دماء الشهداء ونحفظ أماناتهم التي أودعونا إياها. التزموا بأوامر القيادة المباركة وأوامر قيادة المقاومة الإسلامية والطاعة لإرشادات السيد الخامنئي (دام ظله) والأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله (أدامه المولى) واجعلوا صور الشهداء على مرّ العصور أمام أعينكم واسعوا إلى تحقيق الأهداف التي استشهدوا من أجلها والبقاء على خطهم المبارك.

أهلي الأعزاء، أسأل الله لكم الصبر والسلوان وأن لا تحزنوا لشهادتي وأن لا تقبلوا من أحد أن يعزيكم بل تقبلوا التهاني واعملوا على أن يكون يوم شهادتي يوم فرح وسرور.

بسم الله الرحمن الرحيم (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإنّ الله لمع المحسنين). صدق الله العلي العظيم.
أخوتي الأعزاء أطلب منكم أن تسامحوني وتطلبوا لي المغفرة لعلي أسأت إليكم يوماً وأطلب منكم أن تواصلوا جهادكم الحسيني فإنّه الخط السليم الذي فيه نجاتكم في الدنيا والآخرة.
وأريد منكم أن تقضوا عني ثلاث سنوات صلاة وثلاثة أشهر صيام قربة إلى الله تعالى.
كما وأوصيكم أخوتي بوضع تربة حسينية في قبري.
وصيتي إلى أخي الحبيب علي،
أوصيك يا أخي بالالتزام بالخط الإسلامي الصحيح وأن تعود كما كنت من قبل وكما كان يعرفك أخوتك في التعبئة، أي أن تعود علي الملتزم والمؤمن. أوصيك يا أخي علي بأن تحافظ على التي ستصبح يوماً  ما زوجتك وعرضك وأن تلبسها اللباس الشرعي وتعلمها الصلاة وكامل الواجبات الدينية وهذه وصيتي إلى حسناء أيضاً.
أريدك يا أخي أن تسامحني إذا أخطأت معك يوماً ولقد كنت بغاية الشوق لرؤية وجهك الجميل قبل أن أنطلق إلى عملي.
لا أريد يا أخي أن يكون يوم شهادتي يوم حزن بالنسبة لك، بل اجعله يوم فرح وسرور وافتخر وارفع رأسك عالياً.
أخوكم المحتاج إلى رحمة الله "هادي"
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع