إعداد: فيصل الأشمر
شكَّل الشعر الوطني الفلسطيني النموذج الأمثل في التعبير عن التعلق بالوطن وحب الأرض، وتعدد الأدباء الفلسطينيون الذين لجأوا إلى الشعر باعتباره إحدى وسائل المقاومة ولساناً معبراً عن حال الشعب الفلسطيني المظلوم والمسلوبة أرضه والذي لم يذعن يوماً أمام تسلط واضطهاد المحتل الصهيوني له. يقول الشاعر عبد الرحيم محمود، وهو الشاعر الذي كان مقاوماً في شعره وفي حياته إلى أن قضى شهيداً في سبيل وطنه:
فإما حياة تسرّ الصديق وإما ممات يغيظ العدا |
سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى |
وما العيش؟ لا عشتُ إن لم أكن مَخوفَ الجناب حرام الحمى |
ونفس الشريف لها غايتان ورود المنايا ونيل المنى |
لَعَمرك إني أرى مصرعي ولكن أغُذُّ إليه الخطا |
إذا قلتُ أصغى ليَ العالمون ودوّى مقالي بين الورى |
لعمرك هذا ممات الرجال ومَن رام موتاً شريفاً فذا |
أرى مقتلي دون حقي السليب ودون بلادي هو المبتغى |
ويقول أيضاً محرضاً قومه على الثورة:
وسابقتُ الرياح ولا افتخار أليس عليّ أن أفدي بلادي؟ |
دعا الوطن الذبيح إلى الجهادِ فخفّ لفرط فرحته فؤادي |
أتقعد والحمى يرجوك عوناً وتجبن عن مصاولة الأعادي؟ |
وقلت لمن يخاف من المنايا أتفرَق من مجابهة العوادي؟ |
أثيروا للنضال الحقِّ ناراً تُصَبُّ على العدا في كل وادي |
وللأوطان أجنادٌ شدادٌ يكيلون الدمار لكل عادي |
أما عبد الكريم الكرمي الذي اشتهر بلقبه "أبو سلمى" فيناشد المتخاذلين وضعاف النفوس ترك الحرية للشعب في تحرير أرضه فيقول:
سلّموا الشعبَ أمره واستريحوا يا حماة الاصنام والأوثان |
أيها الحاملون ألوية العا ر تخلّوا عن حَومة الميدانِ |
|
كل جيشٍ يكون حرباً على الشع ب ذليلٌ إذا التقى الجمعانِ |
ويقول أيضاً:
فهي حيناً تشب في جبل النا ر وحيناً تشب في الأغوار |
دم أهلي مشاعل من نارِ حملتها مواكب الثوارِ |
يا فلسطين نحن باسمك في السا ح وقوفاً نخوض كل غمار |
وعلى ضوئها تلوح فلسطي ن وتاريخ شعبها الجبار |
ويرى هارون هاشم رشيد أن الحرية لا بد آتية مهما كانت الصعوبات، فيقول في إحدى قصائده:
ومهما هدنا الفقر غداً سنحطم الفقرا |
أخي مهما ادلهمّ اللي ل سوف نطالع الفجرا |
وتمضي جلجلات الرع ب إن براً وإن بحرا |
ستعلو صيحة الأحرا ر يوم نطالب الثأرا |
غداً في زحمة الأقدا ر سوف نحقق الأمرا |
ونُطلع في الغد الآتي نجوماً حرة زهرا |
|
فلسطين التي ذهبت سترجع مرةً أخرى |
ويصف إبراهيم طوقان المقاوم في قصيدته "الفدائي" فيقول:
يرقب الساعة التي بعدَها هولُ ساعته |
لا تسلْ عن سلامتهِ روحه فوق راحتهِ |
هو بالباب واقفُ والردى منه خائفُ |
صامتٌ لو تكلما لَفظَ النارَ والدما |
|
فاهدأي يا عواصفُ خجلاً من جراءته |
ويتحدى توفيق زيّاد المحتلين رافضاً الإنقياد لهم قائلاً:
في اللد والرملة والجليل |
كأننا عشرون مستحيل |
وفي حلوقكم |
هنا على صدوركم باقون كالجدار |
وفي عيونكم زوبعة من نار |
كقطعة الزجاج، كالصبّار |
فلتشربوا البحر |
إنا هنا باقون |
ونزرع الأفكار كالخمير في العجين |
نحرس ظل التين والزيتون |
وفي قلوبنا جهنم حمرا |
برودة الجليد في أعصابنا |
ونأكل التراب إن جعنا |
وإذا عطشنا نعصر الصخرا |
وبالدم الزاكي لا نبخل |
ولا نرحل |
وحاضر |
هنا لنا ماضٍ |
|
ومستقبل |
أما شاعر فلسطين الأشهر محمود درويش فيخاطب المحتل بقوله:
سُلبت كروم أجدادي |
سجل أنا عربي |
أنا وجميع أولادي |
وأرضاً كنت أفلحها |
سوى هذي الصخور |
ولم تترك لنا ولكل أحفادي |
إذاً سجّل برأس الصفحة الأولى: |
فهل ستأخذها حكومتكم كما قيل؟ |
ولا أسطو على أحد |
أنا لا أكره الناس |
آكل لحم مغتصبي |
ولكني إذا ما جعتُ |
ومن غضبي |
حذارِ حذارِ من جوعي |
ويقول كمال ناصر الشاعر الذي انتهت حياته شهيداً على أيدي الصهاينة رافضاً سلام المحتلين:
وقبضةُ المعتدي |
لن نستريح |
كأنها والغدرَ في موعد |
بظفرها الأسودِ |
يا وصمةً لا تنام |
تنهشُ من وجودنا المجهد |
لا تعملي للسلام |
لا تؤمني بالسلام |
فالمجد معنىً ثائرٌ واقتحام |
لا تخشعي للسلام |
لن نستريح والشعب دامٍ جريح |
وغضبةٌ تحملنا للأمام |
ويرفض سميح القاسم المساومة على حقه في أرضه فيخاطب غاصب الأرض قائلاً:
ربما أعمل حجّاراً وعتالاً وكناس شوارع |
ربما أعرض للبيع ثيابي وفراشي |
ربما تُطعم للسجن شبابي |
ربما تسلبني آخر شبرٍ من ترابي |
ربما تُحرق أشعاري وكتبي |
ربما تسطو على ميراث جدي |
ربما تبقى على قريتنا كابوسَ رعبِ |
ربما تُطعم لحمي للكلابِ |
وإلى آخر نبضٍ في عروقي سأقاوم |
يا عدو الشمس لكن لن أساوم |
وترى فدوى طوقان أن الفجر لا بد آتٍ تصنعه الأمة فتقول:
والأمل الظامي مهما ذوى لسوف يُروى بلهيب ودم |
ستنجلي الغمرة يا موطني ويمسح الفجرُ غواشي الظلَمْ |
|
فالجوهر الكامن من أمتي ما يأتلي يحمل معنى الضرَم |