مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

وصايا العلماء: اعثر على دواء لإزالة الأخلاق الفاسدة

الشيخ حسين كوراني‏

 



هذه محاولة نتنقل معها إلى مجالس العلماء بكل ما تحفل به من رحيق براعم الوحي وأزهاره، وشذا عطرها المحمدي،و أريجه المتضوع. ومازلنا مع الرحيق الخميني، عليه الرحمة والرضوان‏

* في معالجة المفاسد الأخلاقية
ألا أيها العزيز استيقظ من النوم. تنبه من الغفلة، واشدد حزام الهمة، واغتنم الفرصة ما دام في الوقت متسع. وابحث عن حل ما دام في العمر بقية، وما دامت قواك تحت تصرُّفك، وشبابك في متناولك، ولم تغلب عليك الأخلاق الفاسدة، ولم تستحوذ عليك الملكات الرذيلة، واعثر على دواء لإزالة الأخلاق الفاسدة، واهتدِ إلى طريق لإطفاء نائرة الشهوة والغضب. أفضل علاج ذكره علماء الأخلاق وأهل السلوك لهذه المفاسد الأخلاقية، أن تركز على كل واحدة من هذه الملكات القبيحة التي تجدها فيك وتعمل بخلافها لمدة من الزمن، بعزمٍ وتصميم، وتصرُّ على مخالفة النفس والعمل بضد ميل تلك الرذيلة، واطلب التوفيق من الله تعالى في كل حال ليعينك في هذه المجاهدة، وسيزول هذا الخُلُق القبيح بعد مدة قليلة حتماً، ويهرب الشيطان وجنوده من هذا المتراس لتستقر بدلاً منهم جنود الرحمن. مثلاً: إحدى ذمائم الأخلاق التي تسبب هلاك الإنسان وتوجب ضغطة القبر، وتعذب الإنسان في الدارين، سوء الخلق مع أهل بيته، أو الجيران، أو الشركاء في العمل أو أهل السوق والمحلة، وهي تتولد من الغضب والشهوة.

إذا ظل الإنسان المجاهد لمدة من الزمن بصدد العمل على خلاف نفسه كلما عزم على إحراق الباطن، عندما يواجه ما لا يعجبه، وتستقر فيه شعلة الغضب، وتدعوه إلى الكلام غير المناسب أو القبيح، وظل يُذكِّر نفسه بالعاقبة السيئة والقبيحة لهذا الخُلُق، ويُظهر المرونة بدلاً مما تقدم، وفي الباطن يلعن الشيطان ويستعيذ باللَّه تعالى منه، فإني أعدك إذا تصرفت كذلك أن يتغير ذلك الخلق كلياً، ويحل الخُلق الحسن في باطن دولتك. أما إذا تصرَّفت طبقاً لميل نفسك: ".." فإن هذا الخلق قد يقضي عليك في هذا العالم. أعوذ باللَّه تعالى من الغضب الذي يمكنه في آن واحد أن يهلك الإنسان في الدارين. ويتسبب لا سمح اللَّه بقتل نفس، أو بالجرأة على النواميس الإلهية كما رأينا البعض في حال الغضب نطق بما يوجب الإرتداد وارتد.

قال أحد الحكماء: "إن السفينة بلا ربان في خضم الأمواج المتلاطمة أقرب إلى النجاة من الإنسان في حال الغضب، أو إذا كنت لا سمح اللَّه من أهل الجدال والمراء في المباحثة العلمية كما هو الحال بالنسبة للبعض منا معاشر الطلبة المبتلون بهذه السريرة القبيحة، فاعمل لفترة على خلاف نفسك، فإذا كنت في مجلس عامر، مشحون بالعلماء والعوام وجرت مباحثةٌ مَّا، ورأيت أن الطرف المقابل لك مُحِقٌّ، فأعترف بخطئك وأيِّده في ما قال. الأمل أن ترتفع هذه الرذيلة وفي برهة قصيرة. معاذ اللَّه أن يكون كلام بعض أهل العلم ومدعي المكاشفة صحيحاً. يقول: تبيَّن لي في بعض المكاشفات أن تخاصم أهل النار الذي أخبر عنه اللَّه تعالى هو مجادلة أهل العلم والحديث. إذا لم يكن إلا احتمال الصحة، فيجب أن يبذل الإنسان قصارى جهده في التخلص من هذه الخصلة. رُوي عن عدة من الأصحاب أنهم قالوا خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، ونحن نتمارى في شي‏ء من أمر الدين فغضب غضباً شديداً لم يغضب مثله، ثم قال: إنما هلك من كان قبلكم بهذا. ذروا المراء فإن المؤمن لا يماري. ذروا المراء فإن المماري قد تمت خسارته. ذروا المراء فإن المماري لا أشفع له يوم القيامة.

ذروا المراء فإني زعيم بثلاثة أبيات في الجنة في رياضها وأوسطها وأعلاها لمن ترك المراء وهو صادق. ذروا المراء فإن أول ما نهاني عنه ربي بعد عبادة الأوثان المراء. وعنه صلى الله عليه وآله: لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء وان كان مُحِقّاً. والأحاديث في هذا الباب كثيرة. ما أقبح أن يُحرم الإنسان بواسطة مغالبة جزئية ليس لها أي ثمرة ولا أثر، من شفاعة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، ويحوِّل مذاكرة العلم التي هي أفضل العبادات في الطاعات إذا كانت بقصد صحيح إلى صورة أعظم المعاصي، وإلى تالي عبادة الأوثان. على أي حال يجب أخذ الأخلاق القبيحة واحدة واحدة، وإخراجها من دولة الروح بواسطة العمل بخلاف النفس. عندما يخرج الغاصب، فإن صاحب البيت يرجع تلقائياً، ولا حاجة إلى جهد آخر، ولا عدَّة. وإذا اكتمل جهاد النفس في هذا المقام ووفق الإنسان لإخراج جنود إبليس من هذه الدولة، وجعل دولته مسكن ملائكة اللَّه ومعبد عباد اللَّه الصالحين، فإن السلوك إلى اللَّه يسهل، وصراط الإنسانية المستقيم يتحدد ويتضح، وتفتح أبواب البركات والجنات، وتوصد أبواب جهنم والدركات، وينظر اللَّه تعالى بنظر اللطف والرحمة ويدخل عبده في سلك أهل الإيمان، فيصبح من أهل السعادة واليمين، ويفتح له باب المعارف الإلهية التي هي غاية إيجاد خلق الجن والإنس، ويأخذ اللَّه تعالى بيده في هذا الطريق المحفوف بالمخاطر.


(1) تقدم استعراض ست فقرات من وصايا الإمام في كتابه "الأربعون حديثاً".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع