مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مرجع المسلمين والمسيحيين في قانا الشيخ بدر الدين الصايغ

حسن ركين

 



في نهاية القرن التاسع عشر وعلى أبواب القرن العشرين، بزغ نور الشيخ بدر الدين أمين الصايغ العاملي، في حين كانت الدولة العثمانية قد ترهلت وباتت تعرف "بالرجل المريض" والاستعمار الأجنبي يخطط كيف سيستولي على تركتها.  ولد الشيخ بدر الدين عام 1897 حسب إفادته، أما في الهوية فهو من مواليد العام 1900م. 

عاش سماحة الشيخ طفولته متنقلاً بين بلدته قانا العاملية وبلدة حناويه، وعاش مع أبيه كصديقَين، خاصة وأن الحاج أمين الصايغ كان دائم التردد إلى المقامات الطاهرة في النجف الأشرف وقم المقدسة.  سبعة عقود قضاها إماماً لبلدة قانا وضواحيها، فبات بيته مرجعاً لكل الناس من مسلمين ومسيحيين، فهو من يجمع الشمل، ومن يحل مشاكل الناس. ولكل عائلة في المنطقة قصة مع الشيخ بدر، وظل يتصدى لإمامة الجماعة حتى العام 2003 حيث كان عمره 106 سنوات، إلا أن المرض أثر فيه كثيراً، فخلفه في إمامة الصلاة سماحة الشيخ علي الأشقر، الذي ما زال يتردد إليه بشكل يومي.  مع الشيخ بدر تتسع لخيالك الكثير من الأحلام، وتسأل ما شئت عن قرن مضى، ولكنه عاشه بكل تفاصيله وأيامه وساعاته.


* ماذا تتذكرون من أيام الطفولة؟
- كنا قد تربينا في بيت متواضع. أصل العائلة يرجع إلى الشيخ محمد بن مكي العاملي الشهيد الأول. وقد تحققتُ من شجرة العائلة من سماحة المرجع الكبير شهاب الدين المرعشي النجفي قدس سره.

* كيف بدأتم الدراسة، ومن هم المدرسون؟
بدأت في الدراسة في بلدة حناويه عند المقدس الشيخ أسعد بسمة رحمه الله لفترة قصيرة، وبعد ذلك اصطحبني والدي رحمه الله لزيارة العتبات المقدسة في إيران والعراق، وهناك نزلنا عند ابن خالي الشيخ حبيب آل إبراهيم المهاجر رحمه الله حيث استبقاني هناك وتولى أمري وباشر بتدريسي، ودرست في منطقة لواء الكوت. بعد أن تولى أمري ابن خالتي الشيخ حبيب آل إبراهيم، حيث كان وكيلاً للمرجع السيد أبي الحسن الأصفهاني رضي الله عنه في لواء الكوت، درست هناك فترة، ثم انتقلت إلى النجف الأشرف ودرست في الحوزة العلمية. وهناك درست عند فضلاء الحوزة، وأذكر منهم الشيخ عبد الرسول الجواهري، السيد حسين الحمامي، الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، السيد محمد فضل الله العاملي، السيد جمال الكلبيكاني والسيد حسن الشيرازي. بعد ذلك درست عند المقدس الميرزا حسين النائيني الذي أجازني الاجتهاد فقهاً وأصولاً، وكان وقتها عمري ما زال 27 سنة، ثم منحني أستاذي الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء إجازة خطية عامة. وحصلت على إجازة من المقدس الشيخ رضا آل ياسين. كما أني درست في العديد من الحوزات العلمية فترة طويلة من الزمن.  ثلاثة عشر عاماً قضيتها في حوزة النجف الأشرف، أتردد على دروس العلماء الفضلاء. ولم أنس كم كانت الدروس صعبة، وتحتاج إلى كثير من الدرس والجهد والمذاكرة والمباحثة.

* متى كانت رحلة العودة إلى لبنان؟
- أثناء الدراسة في النجف الأشرف وبعد تحصيل عدة إجازات، رجعت للاستقرار في بلدتي قانا، حيث كانت توجد حاجة ملحة لوجود إمام في البلدة، فاستقررت فيها منذ منتصف الثلاثينات حتى العام 2003م.  قانا عزيزة على قلبي، ولها عندي مكانة كبيرة في وجداني، هذه البلدة التي لم تعرف يوماً أي تناحر طائفي. والحمد لله، لم تحصل فيها مشاكل، وهي مثال على التعايش الإسلامي المسيحي.

* كيف تلخصون تجربتكم خلال هذا العمر المديد؟
- ما زلت أذكر ويلات الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية، وبعدها الانتداب الفرنسي والفتن التي أشعلها في البلاد، خاصة الفتن التي أثارها بين المسلمين والمسيحيين في بعض القرى وفي جزين، ولكن بحمد الله، بقيت قانا بعيدة عن الفتن، وعاش أهلها في وئام واحترام.  بعدها نشبت الحرب العالمية الثانية، والويلات التي حصلت من جوع ومعاناة. كما لا بد من ذكر الكيان الغاصب الصهيوني الذي عاث بالأرض خراباً وفساداً.  العمر المديد يمكن تلخيصه بنظرات سريعة تمر أمام المخيلة، ويمكن أيضاً أن يتعلم منه الإنسان الكثير من الحكم والعبر.  ولكن وضعي الصحي الآن لا يساعدني كثيراً على الكلام.

* ماذا يعني لكم يوم الانتصار في 25 أيار وفي تموز 2006؟
- للخامس والعشرين من أيار دلالات كبيرة، فهو يوم عز، ويوم انتصار. وهذا اليوم يشبه يوم فتح المسلمون فيه مكة المكرمة. فالمجاهدون لهم الفضل الكبير بعد الله تعالى على هذا الإنجاز العظيم. ونسأل الله تعالى أن ينصرهم دائماً. وانتصار تموز هو معجزة إلهية كبرى. ونحمد الله تعالى على أن المجاهدين موحدون متكاتفون متعانقون، وما دام المجاهدون متحدين، فلا أحد يقدر على مواجهتهم، والله مع الجماعة.

* ما هي الكلمة التي توجهها للمجاهدين؟
- كل التهنئة والتبريك للمجاهدين والمقاومين الشرفاء. هؤلاء أعزوا الأمة ورفعوا رأسها عالياً. وكل التهنئة والتبريك للسيد الهاشمي العلوي السيد حسن نصر الله. هذا السيد الحيدري استطاع أن يذل إسرائيل مرة بعد مرة. فهو عز لأتباع الحق، وهو قائد للشرفاء – وأشار بيده إلى صورة السيد حسن نصرالله وقد ألصقها على صورته – هذا السيد منصور بإذن الله تعالى.  إن قانا قد دفعت ثمناً باهظاً من الارواح، فقد قدمت قرابين أعزاء على طريق النصر والعزة. والمقاومة وحدها استطاعت وضع ميزان الرعب، وحمت المواطنين من نيران العدو.

* بمَ توصي الشباب؟
- الشباب ذخيرة الأمة ورأس مالها، الشباب هم المحرّك الأساس للأمة وللوطن، وأي وطن بلا شباب لا ينفع.  أوصي أبنائي الشباب، بالتقيد بالدين الحنيف واتباع تعاليمه. وإني بعد هذا العمر المديد، أشعر بالكثير من الندم على أيام الشباب لأني لم أستثمرها كما يجب.  الشباب هم جنود الإمام المهدي عجل الله فرجه، وهم الممهدون لدولته العادلة. الشباب حرروا الوطن من رجس الاحتلال الصهيوني. الله الله بالشباب، فهم عمدة المجتمع ورقيه وتقدمه.  أنا الآن أبكي عندما أسمع النداء إلى دفن ميت ولا أقدر على المشاركة فيه. مرحلة الشباب أخطر مرحلة وعنها سوف يسأل الإنسان، وكيف أمضى هذه الفترة، وهي من أهم مراحل الحياة.

* هل من كلمة أخيرة؟
سلامي إلى كل المجاهدين، سلامي إلى المقاومين وسيدهم، سلامي إلى المؤمنين الملتزمين، ولا يسعني إلا الدعاء لهم.  في الختام نشكر سماحة الشيخ علي الأشقر إمام بلدة قانا الذي واكبنا لإنجاز هذه المقابلة.

***

عاصر مرحلة الحرب العالمية الأولى بكل تفاصيلها، وما زال يذكر جيداً كيف دخل الجيش الأجنبي من شاطئ صور.  سبعة عقود من الزمن قضاها في إمامة قانا مع تصديه لإمامة قانا قام بتأليف العديد من الكتب الفقهية والأدبية.
انتصار المقاومة في 25 أيار هو أشبه الأيام بيوم فتح مكة المكرمة مرحلة الشباب هي أخطر مرحلة وسوف يسأل عنها الإنسان وكيف أمضاها.

* كتب ومؤلفات سماحة الشيخ بدر الدين الصايغ
- كتاب الإجارة: وهو الكتاب الذي أخذ عليه الإجازة الفقهية بالاجتهاد من المقدس النائيني.
- مباحث السفر: كتاب فقهي حول أحكام السفر.
- الفتاوى: وهو يحتوي على مجموعة من الاستفتاءات والمراجعات التي كانت تأتي إليهً.
- مبحث اجتماع الأمر والنهي: وقد أخذ عليه إجازة في الأصول من الميرزا النائيني.
- حلية الصائغ: كشكول مؤلف من 3 أجزاء.
- القداسة الإنسانية.
- أنا مدينة العلم وعلي بابها : وهو ستة أجزاء.
- أهل البيت عليهم السلام.
- روضة الأديب: مخطوط.
- ضالة المؤمن.
- المنظومة الذهبية : أشعار مخطوطة.
- رسالة الإيضاح في إرشاد القضاة إلى الصلاح.
وتجد مؤلفات أخرى معظمها ما زال مخطوطاً لا سيما فيما يتعلق بالشعر.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع