مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

اعرف عدوَّك: سادة الأموال القذرة

نبيل سرور


تعتبر مكافحة غسل الأموال وقاية للبنوك والمؤسسات المالية والبورصات والاقتصاد القومي من الأضرار أو المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المترتبة على هذه الجريمة. ولذلك أصبحت هذه الجريمة تعد جريمة أصلية وليست جريمة تابعة، وهي من أخطر جرائم القرن الحالي، فهي جرائم شديدة التعقيد خاصة مع زيادة جرائم الكمبيوتر والانترنت.

* غسل الأموال
يقصد بمصطلح غسل الأموال مجموعة من الأنشطة والتصرفات التي يترتب عليها اكتساب الأموال غير المشروعة والناتجة عن الجرائم التي تدر عائدات اقتصادية زائفة، على خلاف الحقيقة لكونها مدعمة بالمستندات والوثائق القانونية التي تقطع الصلة بين الأصل غير المشروع للمال الناتج عن الجريمة، والصور النهائية التي يؤول إليها المال بعد اندماجه في الاقتصاد الرسمي المشرف، ودون أن يستطيع رجال الأمن إثبات العكس بسهولة حيث يعمد غاسلو الأموال إلى سلسلة من العمليات والتصرفات المالية وغير المالية التي تترتب عليها مستندات تؤيد المشروعية لتلك الأموال على خلاف الحقيقة. يلجأ إلى غسل الأموال كل من يتعاطى الاتجار غير المشروع بالممنوعات لإخفاء مصدر الأموال والدخل غير المشروع، وجعل هذه الأموال تبدو كأنها دخل مشروع. وبمعنى آخر إن غسل الأموال هو تبييض الأموال المتأتية عن طريق الجريمة مع عدم الكشف عن مصدر تلك الأموال، ومن ثم تنظيفها عن طريق إدخالها في القنوات المصرفية العادية.

* منشأ هذا المصطلح:
يرجع استخدام هذا المصطلح إلى عصابات المافيا في الولايات المتحدة الأمريكية التي كان أفرادها يحصلون على الأموال غير المشروعة من تجارة المخدرات، ويلجأون إلى إنشاء مغاسل أوتوماتيكية لغسل النقود قبل إيداعها في البنوك. ومنذ ذلك الحين بدأ يتزايد اهتمام العالم والمجتمع الدولي كله بمكافحة هذه الجريمة، بسبب ما تبين من ارتباطاتها بالتمويل لأنشطة إرهابية أو عنف داخلي. حيث تعد مشكلة غسل الأموال من أخطر المشكلات التي تواجه العالم اليوم خاصة بعد مشاركة دول وحكومات ودوائر استخبارات عديدة فيها وحمايتها لمروجي هذه الأموال. وقد ازداد خلال السنوات الماضية حجم الأموال القذرة التي انتشرت في السوق المشروع بإنشاء الشركات والفنادق والمصانع. وقد أشار صندوق النقد الدولي إلى أن حجم تجارة غسل الأموال يتراوح بين 500 و750 مليار دولار سنوياً. وحوالي 70% من هذه الأموال ينتج عن تجارة المخدرات وأن الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا والكيان الصهيوني تقف في طليعة الدول التي تعاني من ارتفاع غسل الأموال.

* مراحل عملية "غسل الأموال":
ولا بد من التنويه إلى أن وجود مثل هذا النظام المالي أدى إلى الدخول في السوق المشروعة مباشرة عن طريق شراء العقارات، الذهب والمجوهرات وغيرها، وعبر عمليات الاحتيال المتنوعة. وبشكل عام تمر عملية غسل الأموال بمراحل ثلاثة:
الأولى: مرحلة التوظيف أو الايداع أو الترقيد.
الثانية: مرحلة التمويه والتعتيم.
الثالثة: يطلق عليها مرحلة الاندماج أو التكامل، حيث يُدمج أو يختلط المال غير المشروع مع الأموال المشروعة ويدوران معاً في نشاط معلن ورسمي ومختص بالمستندات والوثائق القانونية.

* آثار ونتائج غسل الأموال:
إن نتائج انتشار غسل الأموال تؤدي إلى القلق الاقتصادي لما تحمله من آثار ضارة تؤدي إلى الفساد وهدر الموارد الاقتصادية، وتحدد آثاره بانعداد القيم والروابط بين أفراد المجتمع، والتأثير على قدرة الحكومات في إدارة ومتابعة السياستين المالية والنقدية، وزيادة الاستهلاك ورفع الأسعار، وزيادة معدل الضرائب وارتفاع معدلات البطالة بجانب زعزعة الاقتصاد الوطني.

* آلية مكافحة غسل الأموال:
بتاريخ 9/9/2003م أصدر مجلس النواب اللبناني مرسوماً تشريعياً يحمل رقم  ينص على إحداث هيئة لمكافحة غسل الأموال ونص أيضاً على انشاء مصرف يساهم في انعاش وازدهار الاقتصاد الوطني. وقد عرّف المرسوم غسل الأموال بأنه: كل فعل يهدف إلى إخفاء أو تغيير هوية الأموال التي لها علاقة بعمليات غير مشروعة وذلك تمويهاً لمصادرها الحقيقية ولكي تظهر على أنها ناجمة عن عمليات مشروعة. ونص المرسوم على العقوبة بالسجن من ثلاث سنوات إلى ست سنوات، وبغرامة لا تقل عن مئة مليون ليرة لكل من أقدم أو تدخل أو اشترك بعمليات غسل الأموال غير المشروعة، وتطبق نفس العقوبة على الشروع. وأعطى المحكمة المختصة الحق بمصادرة الأموال الناجمة عن الجرائم المشار إليها سابقاً.

* نظرية المؤامرة
تؤكد التقارير المختلفة أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية متورطتان في عمليات غسل الأموال عبر أجهزتهما المختلفة أو عبر شخصيات متعددة وتعتبران سيدتي الأموال القذرة. فقد عملتا على تأسيس مجموعة لإبتزاز الأموال، وترتبط إسرائيل والحركة الصهيونية لا سيما في أمريكا بغسل الأموال وهو ارتباط ليس بحديث بل قديم جداً. وأشارت صحيفة معاريف الإسرائيلية إلى مجموعة عمليات أقدم خلالها عملاء يهود على غسل الأموال تحت شعار الدين. وعلى سبيل المثال فقد كان أحد العملاء يخفي في كتاب الصلاة الذي يحمله 5 جوازات سفر وفي سيارته 280 ألف دولار نقداً. وقدرت الأموال القادمة من تجارة المخدرات في نيويورك التي غسلها هذا العميل بهذه الطريقة بملايين الدولارات. ولم يقف تبييض الأموال القذرة لدى الإسرائيليين عند تجارة المخدرات إنما تجاوزه إلى تجارة الأسلحة، حيث تم الكشف عن شبكة يقودها أحد الضباط السابقين في الموساد الإسرائيلي لمصلحة الأنظمة الديكتاتورية السابقة في أمريكا الجنوبية. وقد كشف النقاب عن دور كبير للموساد من خلال تجارة الذهب والحجارة الكريمة في تمويل حروب القارة السوداء، ببيع الأسلحة مقابل الألماس للمتحاربين من حكومات ومتمردين.

وهناك عدد من الخبراء لا يقللون من نظرية المؤامرة لإضعاف الاقتصاد الغربي من قبل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. فهما كما ذكرنا متورطتان في تجارة المخدرات وتجارة البشر في المنطقة والعالم، فقد ركزت إسرائيل على اختراق الدول العربية المجاورة من خلال اختراق يجمع بين الكسب المادي والتخريب، وما يترتب على تلك العمليات من تخريب اجتماعي كبير خاصة مع استغلال التكنولوجيا المتقدمة التي تتفوق فيها إسرائيل على الدول العربية التي تنفق بسخاء على البحث العلمي والتكنولوجي، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية من خلال جماعات المعارضة في كثير من الدول العربية مستغلة ضعف وفساد المؤسسات الإدارية داخل تلك الدول، وما يرتبط بها من جرائم الأموال والتهرب الضريبي وأنشطة المضاربة بالأراضي والعقارات وتجارة الجنس والتعدي على الأراضي الحكومية. ويؤكد العديد من الخبراء الاقتصاديين أن كثيراً من الاستثمارات القادمة إلى المنطقة العربية أموال قذرة، استخدمت في كثير من الأنشطة الاقتصادية والسياحية والعقارات والإنتاج السينمائي وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، مع تحويل جزء كبير من هذه الأموال إلى جماعات مسلحة.

 إن جرائم غسل الأموال تزيد في منطقة الخليج العربي بسبب نشاط السوق الاقتصادي وزيادة الاستثمارات والقدرات العالية على الشراء والإنفاق. في ضوء ما سبق نجد أن معظم الدول العربية قد أصدرت القوانين اللازمة لمكافحة غسل الأموال، وألزمت المؤسسات المالية المختلفة بأحكامها، وعلى رأسها البنوك والمصارف والجهات الأخرى التي يرخَّص لها بالتعامل في النقد الأجنبي والجهات التي تباشر نشاط تحويل الأموال.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع