ولاء إبراهيم حمود
مضت أعوام يا خالي(*)؛ ملامحك ترافقني، شغاف القلب تحضنها وترويها ندى الأشواق مترعةً، دموعُ الحب من أمي وصوتها يروي للأيام أصداء بطولاتك. وجهك يملأ الدار(1)، في صورة على حائط، ترمقني بها عيناك، أخالها حين أرمقها، ناطقةً، فلا صبحٌ أُحَيِّيه ويسعدني، دون صمتِ عينيك، يحييني وذاك الدار، ينتصب رغم البعد، في أعماق وجداني، يطوف حوله الشهداء، يبتهجون بعرسِ مجاهدٍ بطلٍ، زفَّ دماه حنَّاءاً لملحمةٍ، هي العرس، هي الفرح بوادٍ، غيرِ ذي قحطٍ، زرعته ملامحهم، رياحيناً للقياك. غرستها سواعدهم، خطاهم تسبق الفجر إلى الله.
وتلك الدار يا خالي، يحنُّ لصوتك الواثق، يعلنها، بصدق كلِّ من صدقوا،" هذي الدار يا أُختاه ليست لي... سأسكن أجمل منها، في الجنة هذي الدار ليست لي، فدار الله واسعةٌ، فيها الحور مقبلةٌ، وفيها الكوثر العذبُ، لُجَيْنٌ من رضا الله..." ، وتمضي صادقاً وعدك، ولا تخلو هذي الدار من بعدك، فيها فتيةٌ أبرار، صانوا الأرضَ صانوا العهدَ، وانتصروا وذا عهدك. ففي الوادي عروج الروح، في العمر مدى ذكراك يتسع، لدارٍ طاب سكناها... وحين الشوق يقتحم جنان القلب، ويهوي مثل إعصارٍ ويُبكيني ألوذ بصوتها الغالي، يحدثني، يواسيني، هي أُمي، تُلِمُّ بكل أحوالي، وتحمل في نجاواها، بطولاتٍ من الوادي، لآتٍ يصنعُ النصرَ من الماضي، أكاليلَ لأبطالٍ وفرسانٍ، رأيت عند مقدمهم، مع الوعد في تموز رغم تراكم الأعوام، طلَّتك وبسمتك، فناديت ورود العرس والأزهار: أن هيَّا أخيراً أقبل خالي... أميراً يحيي آمالي.
(*) الشهيد ديب محمد بهجة، بطل عملية وادي السلوقي في كانون الثاني .
(1) الدار التي بناها ليسكنها بعد زواجه الذي لم يتم، لكنه كان يعلن في كل وقت، أنه لن يسكن هذه الدار، وفعلاً، مضى شهيداً ليسكن الدار التي أعدها الله للشهداء أمثاله.