علي شعيب
يسبقني التاريخ...
فأولد في القرن العشرين،
تتقاذفني أمواج الدهر وليداً
لا يعرف حتى العربية
ترميني في شطآن الدنيا
غريباً بين الأحياء،
حتماً أجهل نفسي
أجهل سر الأشياء
أجهل حتى سرّ الجهلِ
أجهل حتى سرّ الجهل لجهلي
أجهل في العالم كل العالم
أجهل في العالم كل الأشياء
أحزن، حزي لا يعلمه إلا الله
أفرح، فرحي لا يعلمه إلا الله
أجوع، وأظمأ
أولد ظمآن من فرط الجهل
من يسبقني غير الله؟
فالمولى محض عطاء
من يقتل هذا الجهل
الممعن تغريباً فيَ
يرميني في وطن البلهاء؟
صار المولى يعطي يعطي يعطي يعطي
فالمولى محض عطاء
بدأت تقترب الأشياء
بدأت تكبر عيناي
بدأت ترصد كل الأضواء
صرت وريث عطاء،
عطية في أثر عطية
وسنية في أثر سناء
آخذ آخذ آخذ آخذ
أختزن الماضي وأسكت
لا أعرف إلا السلبية،
مثل الصحف اليومية
أستجمع كل الأنباء.
تلكم قصة قلب
يبحث عن سر الإنشاء.
وفي ليل شتوي عاصف
ينزل ماء المزن حفيفاً في حضن التربة
ويعانق حبات القمح الظمأى
في ذاك الليل،
وفي إحدى الأحياء المنسية
من وطني
سامرني عجوز تاريخ كالكهلِ
يحمل في يده سبحة
يلتف بثوب من وبر الجمل
ويتمتم قرب الموقد
لا أنسى كان يتمتم:
باسم الله،
وأنا...
لا أعرف إلا السلبية،
حدِّثني... يا هذا الممعن في صمتك
وكأنك مفترش صدري
كالجبل - اسمعني هات
فأنا -
لا أعرف إلا السلبية،
يسمعني التاريخ حكاية
تحكي قصة قومٍ عاشوا في مكة
في عصر اتّسمت فيه قبائلهم بالجهل،
كانوا في الأرض التعساء
كانوا فرقاً في الملل
عبدوا أصناماً حجرية
ودعوهم لاتٍ عزة هبل،
بعث الله نبياً فيهم
فالمولى محض عطاء
بعث الله نبياً فيهم
يهديهم ويزكيهم
ويعلمهم من علم الله
يعصمهم عن فعل الزلل
يأتيهم بالخير يوافيهم
ويمد قريشاً بالبشر،
فيردون عليه سباباً
مجبولاً من يم الغد
قوم قد حرموا الغفران
قوم عباد الهبل
يتمادى الكفر...
يتمادى الكفر بسخرية
لا يدري إذ يسخر ما يخسر،
والقلب الوادع يشتعل
كالنار يؤججها المجمر
ويسيل الدمع يلاقي الدم يثير الهم
ولا يقهر،
تتمزق أكباد الأطفال
من جوع في شعب تتفطر،
يصبر أحمد حباً في الله
يتجرع مرَّ الصبر
وهل صبرٌ - من مُرِّ الصبرِ - أمَرْ
هذا ومحمد طاقهم
يعطي السائل لا ينهر
هم سموه أميناً من قبل
لا يبخل إن ملكت يمناه
بجوهر
يستصرخ يستنهض قوماً والله
ما فيهم غير خديجة
أو حيدر
لولاهم ما قامت قائمة الدين
بسواهم أحمد لم ينصر.
تتوالى الحبات بسبحة التاريخ
المتقوقع قرب الموقد،
ويطول السرد
تتوالى الأعوام كمثل الحبات
عاماً يأتي عاماً يدبر،
ويطول الحزن كمثل السرد
يآلام حتماً!..
حتماً لن تنقلها الأسطر
وحتى النصف الآخر من ذاك الليل
أشخاص المسرح لم تستر،
تتوالى القصة بفصول
يستكمل فيها الأوباش أدوار الغي
يخرج قصتهم شيطان الجهل
غي غي غي غي
حتى قالوا أحمد أبتر؟!
يا هذا التاريخ... رويداً
أسدل أستارك هيا
أطفىء أنوارك في الحال
أغلق مسرحك الليلي،
أشعلت الثورة لم تبصر
ما فعلت أحداثك فيَّ،
اليوم... يطيب كلامي
ما عدت أريد السلبية
اليوم...
عشرون جمادى
من قال محمد أبتر؟!
اليوم.. عشرون جمادى
... بستان محمد قد أثمر
اليوم... عشرون جمادى
اليوم... يولد روح الله
اليوم... تولد "كوثر"
يا شانىء رل محمد... فلتأتي
أدعوك إليَّ.. ألا تأتي؟
أزعمت محمد أبتر؟
تعالَ
سألقنك درساً من قرآني
درساً ندعوه الكوثر
اليوم... عشرون جمادى
إنا أعطيناه الكوثر - فالمولى محض عظاء
وزعمت محمد أبتر؟!
ومن نسل الكوثر سبطين
والسبط الآخر قد ذخر
علياً للدين بعيد الطف
فما قصَّر
وزعمت محمد أبتر؟!
والباقر من بعد علي
يورث صادقهم علماً متبقَّر
والصادق من بعد الباقر
يورث موسى بن جعفر
وزعمت محمد أبتر؟!
وفي طوس من بعد الكاظم
راض بالحمن وما قدر
وجواداً قد أمره علي
في الناس
ونعما من أمَّر
وزعمت محمد أبتر؟!
وجواد جاد بهاديهم
ويليه الحسن العسكر
وزعمت محمد أبتر؟!
والخف الباقي لنا فيه أمل
ننتظر مطلعه الأزهر،
يحمل سيفاً ذا حدَّين
يعلوه التاج الأخضر،
وزعمت محمد أبتر؟!
والشجر الطيب يمتد...
يثمر في القرن العشرين
بروح الله الأكبر،
يبني في قم دولتنا
وزعمت محمد أبتر؟!
أدعوك إلي،
يا شانىء آل محمد،
أسمعت بروح الله!
هل هزّت طبلة أذنك حنجرةً
كانت تصدح يا مقتله الشاه؟
هل هزت طبلة أذنك تلك الأفواه
كانت قد ناجت قائدها
لبيك روح الله؟
أعلمت بإنسان هزت يُمناه المشرق
وتهز المغبر يُسراه؟
هذا روح الله
منْ هز العرش الأمريكي سواه؟
هذا من نسل محمد
وضياء محمد في محياه،
هذا من نسل محمد
وعيون محمد في محياه،
وزعمت محمد أبتر؟!
قد تعجب... في يوم المحشر
إنسان من قرن العشرين
يُدعى روح الله
قال: محمد يا جداه،
والزاعم أنت أنّ محمد أبتر؟!
لا... لا تعجب
فغداً في المحشر
يقص لك التاريخ حكاية
تحكي قصة قوم عاشوا في قم
ساعة تدري من أبتر
... وسيأتي يوم المحشر