مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

عمليات التجميل بين الهوس والضرورة

- مقابلة مع الدكتور حسين هاشم والشيخ إبراهيم السباعي

مرفق استفتاءات حول الموضوع خاصة بالمجلة
تحقيق: جومانة عبد الساتر


تشهد عمليات التجميل رواجاً واسعاً في العالم أجمع بما فيه العالم العربي والإسلامي. والآراء منقسمة حول هذه العمليات التي لا تكون عادة للضرورة الطبية، إنما طلباً للمزيد من الحُسن والجمال، فهناك مَن يؤيدها وآخرون يَروْن أن إجراءها يأتي من باب الترف. فما هي دواعي اللجوء لعمليات التجميل؟ وما علاقة طب التجميل بالطب النفسي في ظل الإقبال الملفت على إجرائها؟ وما هو رأي الدين في عمليات التجميل؟ وما هو رأي علماء الاجتماع أيضاً في هذه الظاهرة؟ ما هي سلبيات وإيجابيات هذه العمليات؟ وأين الدور الرقابي والتوعية العامة؟ هذه الأسئلة وغيرها نطرحها على الدكتور المتخصص في طب التجميل والترميم حسين علي هاشم وعلى الكاتب والباحث الإسلامي الشيخ إبراهيم السباعي مع لفت النظر إلى أن هذه المقابلة هي مجرد حوار فكري ولا ربط لها بالحكم الشرعي وما ورد في المقابلة مما يشير إلى أنه حكم شرعي ليس صادراً عن سماحة الإمام السيد علي الخامنئي دام ظله.

نبدأ مع د. هاشم
* كيف نعرّف علم التجميل والترميم كاختصاص قائم؟

ـ هو اختصاص "جراحة عامة" بكل مراحلها، وبعدها هناك اختصاص لمدة سنتين "جراحة تجميل"، أي هناك سبع سنوات اختصاص بعد سبع سنوات طب.

* التداخل في الاختصاصات
* ما الفرق بين طبيب التجميل والترميم وطبيب الجلد؟

ـ هناك فرق بينهما، فاختصاصيّ الجلد يدرس خمس سنوات بعد الطب العام، بينما اختصاصيّ التجميل بحاجة إلى سبع سنوات بعد الجراحة العامة في لبنان. هناك الكثير من الفوضى والتداخل في الاختصاصات ما يؤثر على المريض ووقته، كبعض المراكز التي ليس لها علاقة بالطب.

* مبادئ طب التجميل ومنها عامل الأمان
* ما هي المبادئ التي يعتمد عليها اليوم طب التجميل، وكيف تطورت عبر العصور؟

ـ كل عملية لها خاصية ومواد معينة، الأنف مثلاً، نأخذ من الأنف ذاته بعض العظم والأنسجة لنحسّن ونرمّم، أو نستخدم بعض الدهون من جسم الإنسان ذاته في عملية نحت الجسم، بحيث توزع الدهون بشكل متناسق. في حالات أخرى لا تستعمل أجزاء من الجسم أو لا يكفي من الجسم، نضطر حينها إلى استخدام مواد صناعية مثل السيليكون لتكبير الصدر، لكن هذه العملية تطورت بحيث إنها أصبحت دائمة لمدة طويلة، لعشرات السنوات. الأساس في كل التجميل هو عامل الأمان مئة في المئة أو قريب من المئة بالمئة. لا يجدر أن نعرّض أنفسنا لأي خطر. إذا كان الخطر كبيراً يجب عدم إجراء العملية. وهناك قاعدة عامة، كل عملية تحتاج إلى نصف ساعة من الوقت لإجرائها يجب أن تجرى في المستشفى لتوفر المستلزمات الضرورية التي لا تتوفر في العيادة كالتعقيم. وهكذا عمليات تحتاج إلى بنج عام لا يمكن توفره في العيادة، ولعدم وجود الإمكانيات لمواجهة التداعيات التي يمكن حصولها في العيادة. فالوقاية أفضل من العلاج. يجب التنبه إلى ضرورة امتلاك الطبيب لشهادة التجميل وأن يكون مدرجاً على لائحة أطباء التجميل بحيث يمكن معرفة أسمائهم عبر الإنترنت، فنحن 66 طبيباً في لبنان، والذين يمارسون المهنة 500 شخص. الـ66 يطالَبون ويُساءَلون وهم متخصصون، أخطاؤهم مقبولة ويمكن للجهة المعنية محاسبتهم.

* العمليات المطلوبة والرائجة:
* كمقارنة، هل النساء أكثر إقبالاً من الرجال أم العكس، وهل هناك أطفال يجرون هكذا عمليات؟

ـ هناك إقبال من الشباب على إجراء بعض العمليات، ولكن الفتيات أكثر، النسبة تبلغ 70 بالمئة للنساء مقابل 30% للرجال. العمليات التي يطلبها الشباب: الأنف الأذن الوطواط شاميات سحب الدهون. كل الأمراض يسهل علاجها إذا ما كانت في بدايتها، خاصة في حالات الحروق والشفة الأرنبية.

* ما هي العمليات الرائجة الآن؟ هل هناك عمليات صعبة تواجهكم؟
ـ عمليات تخفيض الوزن (وتصغير المعدة) بحيث يكون وزنه 180 قبل العملية يصل إلى 80 بعد العملية، حتى ولو كان عمره صغيراً فقد أصبح عنده ترهل في وجهه وبطنه ويديه وصدره والأرداف، بحيث إن شكله يصبح كالثياب الفضفاضة، وهو بحاجة إلى عمليات شد لكل أنحاء جسده. في هذه الحالة، هو بحاجة إلى 3 4 عمليات، هناك بعض الألم ينتج عن العملية وهي تحتاج إلى فريق طبي.

* ما هي النصيحة الأخيرة التي توجهونها لجيل اليوم؟
ـ يجب أن يحس هو نفسه بالمشكلة، بعدها يلجأ إلى الطبيب المختص فيجري العملية. في حال وعده الطبيب بنتيجة 70% من العملية ولم يرض ننصحه بعدم إجرائها، لكن لا تتوقع الوصول إلى نتيجة 100%.

المقابلة الثانية كانت مع الشيخ إبراهيم السباعي للوقوف على رأي الشرع في عمليات التجميل
* ما هو المفهوم الإسلامي لعمليات التجميل؟

ـ الإسلام أعطى عناية خاصة للجمال الذي هو من سمات ما خلق الله سبحانه وتعالى في الكون، فالله جميل يحب الجمال. وأجاز الشرع للإنسان كل ما يحتاج إليه، إما تأسيساً وإما توكيداً وإمضاءً، ولفت النظر إلى بعض الأمور التي تضر بالإنسان، إما بشكل مباشر أو بالواسطة. بل بعض الأمور زاد فيها، وبعضها قيدها وحدّدها:

* عمليات التجميل بين رأي الطب ورأي الشرع:
قال تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ (الأنعام:119). يهمنا في هذه المسألة أن تكون هذه العمليات خاضعة إمّا للتشخيص الطبي من جهة، أو للعامل النفسي للإنسان. الشارع المقدس لم يمنع عمليات التجميل من حيث المبدأ، إنما قام بعمليات أخرى وهي أنه هذّب هذه العملية حتى يجعل لها برنامجاً خاصاً، وليس عاماً. بحيث إن الشارع المقدس أعطى حصّة كبيرة لعمليات تحسين المرأة أو الرجل للشكل الظاهري، خصوصاً أن هذه العمليات تساعد الإنسان على السعادة وعلى المضي في حياته بشكل أجمل. الإمام الباقر عليه السلام كان قد شدّ أسنانه بالذهب، لأنه كان يعاني من ارتخاء في الأسنان. إذاً، المشكلة ليست في تحسين صورة المرأة، إنما في غشّ أحدٍ ما، وإلا فما معنى قول الرسول صلى الله عليه وآله: "لعن الله الواصلة والمستوصلة" ؟ فعمليات التجميل تكون إما بالجراحة أو بالرياضة، لذلك يجوز للرجل إذا أراد أن يتزوج أن يرى من يختار من خلال ستار شفاف. عمليات التجميل الاضطرارية هي بحاجة إلى رأي الطبيب المختص وليس فقط إلى رأي الشرع. أما العمليات الاختيارية، فهي بحاجة إلى التحدث إلى المريض كإزالة الشعر أو زرعه أو تقشير البشرة أو ترميمها، شد الحاجبين، رفع الحاجبين، نفخ الحاجبين، حقن الدهون، تجميل الأنف، الثديين. هذه العمليات تجوز إذا كانت تجريها المرأة لأجل زوجها. أما بالنسبة للعمليات الخاصة بالوجه فهناك ما ورد عن عبد الله بن مسعود: "لعن رسول الله صلى الله عليه وآله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله" .

ـ الواشمات: التي تضع وشماً (Tatoo) في أماكن حساسة إذا كان للزوج، لا يوجد مانع مع اجتناب المحاذير الشرعية. إنما منع الواشمات في الوجه أو الأشياء الظاهرة للناس.
ـ المستوشمات: اللاتي يقمن بهذه العملية.
ـ النامصات: مدققات الحاجب.
ـ المتنمصات: التي تقوم بهذا العمل.
ـ والمتفلّجات: كان البعض في زمن الرسول صلى الله عليه وآله يقومون بالتفريق بين الأسنان مما يعطي جمالاً للبنت إذا ما ابتسمت. هذه المسائل حرام لأنها تعطي غشاً لهذا الإنسان المقدم على الزواج منها.

عن أسماء بنت أبي بكر أنه جاءت امرأة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وقالت له: يا رسول الله: إن لي ابنة عريساً وإنه أصابتها حصبة فتمزق شعرها، فهل على جناح إن وصلت لها فيه. فقال: "لعن الله الواصلة والمستوصلة" لأنها تقع في هدف الغش، ولذلك التدليس والغش حرام.

الشرع ورأي علماء النفس والاجتماع:
* هل تتوافق نظرتكم مع منطق علماء الاجتماع بهذا الخصوص؟

ـ نلتقي مع أطباء علم النفس والجراحة على أن نزيل ما يقف حائلاً بين الإنسان وسعادته مع الآخر رجلاً كان أم امرأة. كما أن على المرأة أن ترفع المنفرات لزوجها، كذلك على الرجل أن يرفع المنفرات لزوجته. الشارع المقدس أذنَ بعمليات التجميل، لكن بحدودها: هناك قسم أجازه الشارع وأقرَّه وسمّاه بأسمائه مثل: عملية الختان للذكور، وثقب الأذن للأنثى، والحناء، أو اتخاذ أنف بديل لما قُطع، لأن العرب في القديم كانوا إذا أرادوا أن يُذلوا الآخرين أثناء الحروب كانوا يقومون بجدع أنوفهم وتقطيع آذانهم، كما حصل لحمزة والشهداء. "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وكان مجدوع الأنف أيام الجاهلية واتخذ لأنفه ورِقاً (شيء من الفضة أو الجلد). وبعد فترة، فاحت منه الروائح، فقال له الرسول صلى الله عليه وآله: هلاّ اتخذته من الذهب، فصنع له واحداً من الذهب". التحسين بالمطلق يجوز، إلا ما خرج بالدليل.

* العوامل المشجعة على رواج عمليات التجميل
* ما هي العوامل التي ساهمت في رواج عمليات التجميل؟

ـ وسائل الاتصال والدعاية والترويج لها ولّدت عند الإنسان هرولة نحو التقليد، بحيث إن أغلب ما نراه أصبح مزيّفاً. ومن الأشياء المحرمة التي فيها تدليس: رتق البكر فيما لو فَضَّت بكارتها وأرادت أن ترتق، بمئتي أو ثلاثمئة دولار تجري العملية وهو حرام. كذلك الأنف. كثرة العمليات ولّدت الكثير من المحرمات والمسائل التي أوقعتهم في محظورات شرعية، بل وفي حرمة شرعية كاملة.

* دور التدين في الحد منها:
* بعدما ساهمت وسائل الاتصال في رواج هذه العمليات، إلى أي مدى يلعب التدين دوراً في الحد منها؟

ـ المتديّن يجب أن يختلف عن الآخر، بحيث إنه لا ينظر فقط إلى الشكل الخارجي، بل إلى الروح والجوهر. لكن، لا بد للإنسان من أن يأخذ بعض المسائل بعين الاعتبار. إنك تسكن مع البشر، فاللباس يتأثر بالعرف، والأكل بضوابط معينة؛ لذا، يجب علينا رفع المنفرات العامة أمام المجتمع. فرائحة الفم يجب إزالتها، ومعالجة الأسنان إذا كان شكلها غير مناسب. فالله أراد للإنسان أن يكون جميلاً وأن يحسّن صورته. لذلك، ورد استحباب تسريح الشعر أربعين مرّة حتى يصبح جميلاً. المؤمن يحب أن يفترق عن الإنسان غير المؤمن. المؤمنة تريد أن تكون جميلة، لكن يجب أن يكون هذا الجمال بطريقة شرعية صحيحة للزوج فقط.

* ما هي سلبيات وإيجابيات هذه العمليات على المرأة؟
ـ عندما تنظر الفتاة التي تنعم بجمال عادي إلى فتاة استطاعت أن تصنع من العادي شيئاً مميزاً، فسوف لن ترتاح نفسياً وسوف تطمح للوصول إلى ما وصلت إليه تلك الفتاة، وحينها، تكون قطعت علاقتها بالله سبحانه وتعالى، فالسعادة لا تكون بعمليات التجميل والغش والخداع والنفاق ولا بكل ما هو ليس حقيقياً وواقعياً. وأما إذا أرادت حكم الشارع فنقول: هذه الأشياء محرّمة. أما بالنسبة لمعايير وضوابط عمليات التجميل من الناحية الشرعية:

1 الإجازة الشرعية، (خاصة) من المكتب الشرعي وإعطاء التفاصيل، مع التمني على العلماء الخوض في التفاصيل، كي يعطوا جواباً شافياً.
2 إجازة من الزوج أو الأهل.
3 الشارع المقدس أجاز العملية بشرط ومنعها بشرط. جعل ضابطة وتركها إلى الطب، وهي أن الإنسان إذا ما أراد أن يقوم بعملية تجميل بشرط إذا كانت لمحلِل (لزوجها أو لحلالها)، أما الجزء الثاني الذي لا يجوز فما هو اختياري، وهو تدليس وتزيين وغش وخداع (الرسول صلى الله عليه وآله قال: مَن غشّنا ليس منّا).
القاعدة: يجوز لنا أن نقوم بعمليات التجميل بعد الإجازة الشرعية، وقبلها أن ننظر إلى الشارع، إن لم يكن لديه نهي أو منع أو حرمة، فعندئذ، لا إشكال فيها.

* استفتاءات خاصة لمجلة بقية الله من مكتب استفتاءات الإمام الخامنئي دام ظله
1 هل يجوز للمكلف أو المكلفة أن يخضع بدنه أو بعض أجزائه لعمليات التجميل من أجل رفع التشويهات الموجودة فيه أو تحسين جماله. وفي حال كان الطبيب غير مماثل هل يجوز في أي من هذين الموردين أو لأجلهما معاً؟ وهل يجوز الرسم على البدن (الوشم) في أنحاء مختلفة إذا كان الطبيب غير مماثل؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باسمه تعالى

بشكل عام لا مانع من ذلك في نفسه في كلّ الموارد المذكورة، ولكن يجب الاجتناب عن المقدمات المحرمة كاللمس والنظر المحرّمين إلا إذا كان لضرورة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع