مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أمراء الجنة: الشهيد القائد أحمد حبيب سلّوم

نسرين إدريس قازان


شهيد الدفاع عن المقدّسات القائد أحمد حبيب سلّوم (أبو علي مهدي)
اسم الأم:
حبيبة سلّوم
محل وتاريخ الولادة:
النبطيّة 12/3/1975
الوضع الاجتماعي:
متأهّل وله 5 أولاد
رقم السجل:
12
تاريخ الاستشهاد:
23/7/2013



بين حبيبٍ وحبيبة، وإخوةٍ أورقت في قلوبهم المحبّة والحنان، تربَّى أحمد ابن مدينة النبطيّة، الذي عجّت طفولته بأحداثِ حربٍ أولدت بداخله غضباً على العدوّ الإسرائيليّ الذي لم يترك لهم مكاناً يأوون إليه بعد أن دمَّر منزلهم، فهُجِّروا إلى قرية أخرى لم تكن أكثر أمناً، ولكنها كانت مستقرّاً إلى حين، فإذا ما عاد إلى النبطيّة، بعد سنوات، وجد منزله مُحاطاً بمواقع العدوّ الإسرائيليّة الشاهقة، تقصف مدافعها المدينة والقرى أنّى شاءت.

*المقاوم الصغير
كثيرة هي الأشياء التي اعتملت بداخل أحمد جرّاء الاحتلال الإسرائيليّ، فهو لم يكن كغيره من الأطفال لا يفقهون من الحياة إلّا اللعب واللهو، بل كان كلّ همّه كيف يمكن أن يواجه هذا العدوّ، فكان يتحيَّنُ فرص القيام بموقف مقاوم بما يتناسب مع عمره وإن كان مجرّد إزعاج لهم، فالجرأة والشجاعة صفتان وَسَمَتا شخصيّته منذ الصغر، فتراه يُخطِّطُ ويُنفِّذ غير عابئ بالمحتلّ. ففي السابعة من عمره، وأثناء انتظاره باص المدرسة، لمح دوريّة إسرائيليّة راجلة قادمة من بعيد، فاستغلَّ أحمد حفريّات الطريق ليوهمهم بأنّ ثمّة مقاوماً يختبئ فيها، فأثار رعبهم ومضى إلى مدرسته بسلام.

*دربُ العلم والجهاد
وامتدّت يدُ الاحتلال إلى حياته الخاصّة، فحرمته من إكماله دراسة المرحلة الثانويّة، بسبب تدهور الوضع الأمنيّ وقطع الطرقات، ولكنه عوّض ذلك بالالتحاق بالدورات الثقافيّة والعسكريّة.لعب أحمد دوراً هامّاً في تأصيل الالتزام الديني في بيئته.
وبأسلوب مفاجئ ولطيف كان يلفت نظر من حوله إلى الحكم الشرعيّ الصحيح. وقد اغترف من دروس وتعاليم الإمام الخمينيّ العظيم قدس سره، ما أكسبه ركيزة ثقافيّة عمل على تغذيتها وتطويرها ونقلها إلى مَنْ حوله، من إخوته والمجاهدين، ولاحقاً زوجته وأولاده.

*أنيس العلم والعلماء
وكما الفراشة تطوف حول النور، كان يحوم حول العلم والمعرفة والغذاء الروحيّ. وقد وفَّقه الله تعالى، في الفترة الأخيرة أثناء زيارته لمقام الإمام عليّ الرضا عليه السلام، لمجالسة بعض العلماء والمراجع، فاغترف من مجالسهم المعارف الروحيّة والمعنويّة ما أثمر فيه تغيّراً واضحاً. وصار إذا ما أراد أن يتحدَّث بحديث مع أحد يغيبُ عن كلّ ما حوله وهو يشرح ويستفيض، وكأنّ قلبه يحاكي لسانه.

*تجارة لن تبور
في عمر الشباب، فقد أحمد أخاه أثر حادثِ سيرٍ مروّعٍ، فازدادت أمّه تعلّقاً به، وصارت تخاف عليه وتحمل همّه.
ولم تمنع الأحوال الماديّة الميسورة أحمدَ من تركِ العمل في التجارة التي يحبُّ، واختيار تجارةٍ هي أحبُّ إليه من الدنيا وما فيها، فلم يتنازل عنها، بل كان مجاهداً مميَّزاً، لا بل قائداً مخطّطاً ومنفّذاً للكثير من العمليات العسكرية الحسّاسة والبطوليّة التي ارتبطت باسمه. فهو قد قاد مجموعةً من المجاهدين النوعيين الذين يجري اختيارهم لتنفيذ المهمّات النوعيّة والخاصّة نظراً للتدريب العالي الذي خضعوا له.
وكانت أُمّه كلّما نفّذت المقاومة الإسلاميّة عمليّة على أحد المواقع في قضاء النبطيّة، تجلس قلقةً حتّى عودة ابنها الذي حينما تراه تهدأ ويسكن قلقها.

*حبيبة والسيّد هادي
وشاءت الصدف المؤثرة أن تلتقي حبيبة بمجموعة من رفاق ولدها ومن بينهم الشهيد السيّد محمد هادي حسن نصر الله، فتعرّفت إليه، وما هي إلّا أشهر وارتفع السيّد هادي شهيداً إلى بارئه الأمر الذي ترك فيها أثراً كبيراً.

*حبيبة تولَد من جديد
انتظرت حبيبة أن تحمل طفل أحمد الأوّل، ولكنّها توفّيت قبل ذلك، فحزن عليها أحمد حزناً عميقاً رافقه طوال حياته، وأسمى ابنته الكبرى على اسمها.

*حنين إلى الشهادة
بعد التحرير في العام 2000، لم يترك أحمد للحسرة أن تسكن قلبَه، وهو الذي قضى عمره في أكثر المحاور خطورةً، وودَّع العديد من رفاق دربه شهداء، بل راح يطوّر مهاراته القتاليّة، ويعبّئ نفسه معنويّاً وروحيّاً وفي باله أنّ الله تعالى قد ادّخره لمعركة قادمة، فإذا ما بدأت حرب تموز في العام 2006، أحسّ أنّ الانعتاق من هذه الدنيا قريب، وقد لامس الشهادة في غير مكان، غير أنّ الحرب انتهت، ووقف وبيده سلاحه، وهو يرى العدوّ يلملم خيباته.

*الآن حمِي الوطيس
بعد حرب تموز صار أحمد يبحثُ عن حقيقة سرّ بقائه حيّاً، ولم يخشَ طرفة عين أن يُحرم من الشهادة، لأنّه سلك سبيلاً مؤدّاه الشهادة، فكان كلّما قام بعملٍ تفكّر فيه، حتّى إذا ما أضرم التكفيرُ نيران الفتنة في المنطقة، ارتاح قلب العاشق الذي سارع إلى شدّ حيازيمه والالتحاق بالمعركة منذ بدايتها، والبشرى ترتسم على ملامحه؛ فأيُّ عزٍ وفخرٍ أعظم من أن يقضي المرء دفاعاً عن حرمة الدين وعقيلة الهاشميين زينب عليها السلام؟

*وسام الشهادة
شارك أحمد في القتال في أكثر من منطقة في سوريا. وأثناء شرحه مهمّةً لأحد المجاهدين استهدفه قنّاص برصاصة رفعته شهيداً على الفور، لينال ما سعى إليه طوال عمره، وما عمل على تبيان حقيقته لكلّ من حوله، ليخفّف عن قلوبهم هول رحيله. وإن كان أحمد قد غاب عن الأنظار، غير أنّ حضوره في القلوب، وفي تاريخ المقاومة، سيظلّ نابضاً بالحياة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع