مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مشكاة الوحي: مخافة الله رأس الحكمة


الخوف منزل من منازل الدين ومقام من مقامات الموقنين، وهو أفضل الفضائل النفسانية، إذ فضيلة الشيء بقدر إعانته على السعادة، ولا سعادة كسعادة لقاء الله والقرب منه، ولا وصول إليها إلا بتحصيل محبته والأنس به، ولا يحصل ذلك إلا بالمعرفة، ولا تحصل المعرفة إلا بدوام الفكر، ولا يحصل الأنس إلا بالمحبة ودوام الذكر، ولا تتيسر المواظبة على الفكر والذكر إلا بانقطاع حب الدنيا من القلب، ولا ينقلع ذلك إلا بقمع لذاتها وشهواتها، وأقوى ما تنقمع به الشهوة هو نار الخوف، فالخوف هو النار المحرقة للشهوات، فإذن فضيلته بقدر ما يحرق من الشهوات ويكف من المعاصي ويحثّ على الطاعات، ويختلف ذلك باختلاف درجات الخوف.

وقيل: من أنس بالله، وملك الحق قلبه، وبلغ مقام الرضا، وصار مشاهداً لجمال الحق، لم يبقَ له الخوف، بل يتبدل خوفه بالأمن، كما يدل عليه قوله سبحانه:  ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُون.
إذ لا يبقى له التفات إلى المستقبل، ولا كراهية من مكروه، ولا رغبة إلى محبوب، فلا يبقى له خوف ولا رجاء، بل صار حاله أعلى منهما. نعم، لا يخلو عن الخشية. أي الرهبة من الله ومن عظمته وهيبته. وإذا صار متجلياً بنظر الوحدة لم يبق فيه أثر من الخشية أيضاً، لأنه من لوازم التكثّر، وقد زال. ولذا قيل: "الخوف حجاب بين الله وبين العبد". وقيل أيضاً: "إذا ظهر الحق على السرائلا لا يبقى فيها محل لخوف ولا رجاء".

 فالآيات والأخبار الدالّة عليه أكثر من أن تحصى، وقد جمع الله للخائفين العلم والهدى والرحمة والرضوان، وهي مجامع مقامات أهل الجنان، فقال:
 ﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ -. وقال:  ﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ. وقال: ﴿جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾.

وكثير من الآيات مصرحة بكون الخوف من لوازم الإيمان، كقوله تعالى:
 ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.
وقوله:  ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.
ومدح الخائفين بالتذكير في قوله: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى.
ووعدهم الجنة وجنتين، بقوله: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى .

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع