في الحياة الاجتماعية يمكن لإنسانين أو حتى لفئتين اختلفتا وانفصلا عن بعضهما البعض، يمكن لهما الجلوس على مائدة واحدة والتحاور بينهما وتسوية ما حصل من نزاع بقليل من المحبة والتسامح. وقد يعقب هذا الحوار الهادئ، ليس عودة العلاقة كما كانت عليه، بل وربما عودتها أقوى وأمتن من ذي قبل؛ وهذا لا ينطبق على لم الصغار والشباب بل يتعداه إلى دائرة أوسع وأكبر.
إن ما يبعث على الأسف حقاً وجود بعض الأفراد الذين يعيشون سوية ويشتركون في الحياة معاً، ولكنهم يمضون حياتهم بالآلام والمتاعب دون أن يفكروا باتخاذ المواقف الصحيحة تجاه بعضهم البعض أو أن ينتهجوا السلوك السليم الصائب، بل إنهم وبدل ذلك يزيدون الطين بلَّة باتخاذهم المواقف الخاطئة، وبعدها يتمنون الخلاص من هذه الحياة الجهنمية التي صنعوها بأنفسهم!
نعم إنه أمر يبعث على الأسف حقاً أن يقوم زوجان، وفي مقتبل حياتهم المشتركة، وبسبب جهلهم وانعدام خبرتهم في اتخاذ المواقف، بتحويل عشهم الدافىء إلى جحيم مستعر. وبالرغم من ادعائهما النضج الفكري فإنهما يسدَّان جميع الطرق التي تؤدي إلى أن يعيشا بسلام وطمأنينة.
إن ارتكاب أحد الزوجين لخطأ ما لا يبرر للآخر إعلان "الحرب" وتحويل المنزل إلى ساحة للعمليات والقتال؛ والمطلوب من الزوجين أن يحلاّ مشاكلهما واختلافاتهما في جو من التسامح والمحبة والتضحية.. وهذا هو الطريق الذي يؤدّي إلى السعادة.فالواجبات الزوجية لا تنحصر في تلك العلاقات المشتركة بينهما ومسؤوليتهما في تربية أبنائهما، بل إن هناك من الواجبات الأخرى ما يفوق ذلك حجماً.
إن واجباتهما تجاه بعضهما البعض تربوياً وأخلاقياً مسألة جوهرية بالرغم من عدم وجود ما يشير إلى ذلك في عقد الزواج.
إن الرجل والمرأة مسؤولان عن إصلاح أفكار وآراء وسلوك بعضهما البعض. إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجب على جميع المسلمين يشمل. أيضاً. الحياة الزوجية، بل إن الحب الحقيقي يتجسّد في موقف الرجل تجاه زوجته وموقف المرأة تجاه زوجها ومحاولة كل منهما إنقاذ شريك حياته من سوء العاقبة وهدايته إلى الطريق الذي يؤدي به إلى السعادة في الآخرة.
وإذن فإن الرجل هو المسؤول المباشر عن زوجته في مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذا فإن المرأة هي الأخرى مسؤولة أيضاً.