نور روح الله | علّمتنــا  أن نبصر جمـال البلاء* مع الإمام الخامنئي | رسالة القرآن: حقيقة النصر* تسابيح جراح | نبضي الخافت تمرّد على الموت مناسبة | في جوار المعصومة عليها السلام الافتتاحية | أذلّاء، لن يجدوا إلّا سراباً كان أباً مجاهداً - حوار مع عائلة سماحة السيّد الشهيد هاشم صفيّ الدين (رضوان الله عليه) وصيّة السيّد صفيّ الدين: "ممنوع أن يجوع أحد" قيادة السيّد هاشم: حـزمٌ فـي ليـن نذرٌ أثمر شرحاً - شــــرح نهــــج البلاغـــة للسيّد هاشم صفيّ الدين لستُ شيعيّاً وأحبُّ السيّد

المرأة في بكين‏: أزمة حضارة، وخلفية سياسية مشبوهة



لقد بدأ المؤتمر الذي انعقد في بكين حول حقوق المرأة غوغائياً ومرتجلاً، إن لجهة عدم توفر العناصر الأساسية لإنجاحه أم لجهة المسائل المطروحة على بساط البحث وخلفياتها، حيث لم يتم انتقاؤها بصورة منطقية. إلا أنه لم يفرغ من الأهداف، حيث عمل المؤتمر باتجاه الحد من النمو السكاني،  ونمو التأثير الديني، والعمل على فتح الطريق من أجل بناء مجتمع ليبرالي. وعلى هذا الأساس كانت لنا الملاحظات التالية:

الملاحظة الأولى: إن الأمم المتحدة - والتي تهيمن عليها الولايات المتحدة الأمريكية

 - ليست هي الجهة المؤهلة لرعاية هذا المؤتمر، إذ من الواضح بأن الإدارة السياسية الأمريكية قد درست المشروع بعناية شديدة قبل أن تسوق له في الأمم المتحدة، وهو أمر يعزز المخاوف على المرأة وعلى المجتمعات المحافظة والمتدينة. فالمرأة دائماً كانت تدفع ثمناً باهظاً، تحت عناوين جذابة وبراقة يختفي تحتها الكثير من الطعن والتوهين بإنسانيتها ونقاوتها.

الملاحظة الثانية: كيف وفي ظل تفشي "الإيدز" والناتج عن العلاقات الجنسية الشاذة - تدعى الشاذات ليأخذن موقع الصدارة في وضع حلول لمشكلات المرأة، فيما هو الشذوذ بحد ذاته مرضاً مستعصياً. وإنه لمنتهى السقوط أن تأتي أربعين ألف امرأة ليأخذن بنصائح تلك المنحرفات الساعيات إلى إسقاط الفوارق الطبيعة وتنويع صيغة الحياة الزوجية، وجعل الحياة الزوجية الشاذة شرعية "طبيب يداوي الناس وهو عليل".

الملاحظة الثالثة: عندما يعقد مؤتمر عالمي وتاريخي إلى هذا الحد فمن البديهي والطبيعي أن يطلب إلى مجموعة من المفكرين والخبراء من أهل الاختصاص ليقوموا بإعداد دراسات وأبحاث متنوعة وموسعة حول نقاط ذات اهتمام علماني وديني من دون أي موقف مسبق. على أن يعقد المؤتمر بعدها أو يعمل لها، أما أن يكون الأمر بهذا الارتجال فهو إسفاف بحق المرأة وتوجيه مسبق لنتائج المؤتمر، إذ أين الاهتمام بمسائل الشذوذ الجنسي والأسرة والأمومة وظلم المرأة، في داخل الأسرة وفي العمل، أين حقها الإنساني والثقافي في ظل مجتمع تعامل معها كوسيلة صناعية وتجارية فأسقط كرامتها وقداستها، وتجاهل الأمور الأخلاقية والإنسانية والفلسفية، والتي تعبر عن جوهر الإنسان وحقيقته العظيمة. وهو ما يحتاجه الرجل والمرأة على السواء.

الملاحظة الرابعة: هل أراد المخططون خلف المؤتمر أن يحلوا المشكلة الإنسانية للمرأة، أم أن هدفهم كان مواجهة المؤثرات الدينية في المرأة ومواجهة الإسلام العقائدي في الشرق.
لقد عمل الأمريكيون في المرحلة الأخيرة، وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي على إرساء قواعد سياسية واقتصادية لنظام عالمي ليبرالي، وهو أمر لا يمكن أن يكون من دون إعادة تشكيل البنى الاجتماعية من جديد.
لذلك نعتقد أنه كان المطلوب من المؤتمر أن يساعد على تفكيك العلاقات الأسرية، ويضعف دور الدين، ويقوم بعملية غسل دماغ اجتماعي وتربوي كامل يحضر الشعوب لتقبل مفاهيم غربية ليبرالية لا تقيم وزناً للدين ولا للأخلاق، وهكذا يستطيع الغرب كسب معركة بأقل كلفة.

الملاحظة الخامسة: لقد عمل المؤتمرون على الاعتراف بحق المراهقين بالثقافة الجنسية، وهو أمر من الطبيعي أن يدفع لبناء علاقات جنسية مبكرة ليس فيها أولاد ولا حياة أسرية شرعية، وهو ما من شأنه أن يلغي من نفوس الشباب الحاجة إلى العلاقة الأسرية، كما سيجعل الاهتمام الجنسي طاغياً على أي اهتمام إنساني وتربوي، وسيقطع أو يخفف العلاقة بالتراث الإنساني الديني.

الملاحظة السادسة: لقد سعى المؤتمر إلى اعتبار الإجهاض أمراً بل حقاً مشروعاً للمرأة وإلى اعتبار العلاقة الجنسية خارج نطاق الزواج الطبيعي شرعية.
كل ذلك بهدف الحد غير الطبيعي للنسل، وإماتة الروح الأخلاقية الإنسانية، حيث لا يعتبر الإجهاض جريمة قتل، ولا تعتبر العلاقة الجنسية "الزنا" عملاً شائناً.
إن هذا سيؤدي إلى التقليل من تأثير العناصر الإنسانية والدينية في بناء المجتمع.

ولا شك أن هذه المؤتمر لم يكن الأول ولن يكون الأخير على المستوى الثقافي والاجتماعي. فإن الغرب يعيش أزمة حضارية، يمكن أن نسميها الفراغ من الجوهر، ولا حل لها إلا بالإسلام الذي يمتلك هذا الجوهر.
وهنا يقف الغرب على مفترق طرق إما تقبل الإسلام والإعلان عن فشل الحضارة الغربية والخضوع لكل مترتبات ذلك، إما مواجهة الإسلام والنزوع إلى الدين، فأختار الخيار الثاني وكانت المرأة هي السيف وهي الضحية، وكان الجنس والشذوذ الجنسي هو الطريق الأسرع لانحلال الحس الإنساني والأخلاقي والديني دفعة واحدة.

إن المؤتمر حمل فكرة محاربة الله ورسوله وتحويل الإنسان إلى حيوان أكثر ما يهمه غريزته.
وعلينا تقع مسؤولية تحصين المجتمع من الفساد ووسائل بثه الهدامة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع