نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أمراء الجنة: الشهيد فؤاد عبد الرسول بعبلبكي

 


على صفحات القلب أطياف ذكريات دافئة، وفي ثنايا الصدر لهيب آهات تستعر، وللغياب عتاب تتداعى لجفاه الأحبة، وللفراق أسى تتقطع منه أوردة العاشقين.

يا حبيباً لله ها قد دُعيت إلى جواره، فمن أين أدخل عالمك المشرق بنور الله، ولا يمكنني الدخول إلا من حيث أمر الله أن ندخل البيوت من أبوابها وبعد استئذان أهلها، فهل تأذن لي وأنا أقف على باب سيرتك لأكتب بمداد الشوق عن تلك النفس المؤمنة التي ذابت في الله وأخلصت له في الطاعة والعبادة حتى استقر بها الرحال على عتبة الرحمة الإلهية... وبعد أن قطعت هذه النفس أشواطاً وسارت أعواماً للارتقاء والارتفاع عن هذه الدنيا والزهد فيها، فوصلت على أجنحة الإيمان حيث المقامات القدسية التي يختار منها البارئ الذين أحبهم فيختصهم بكرامته، عندها نرى الشهيد ذاك الإنسان الذي يجعل بينه وبين التاريخ علاقة لتبقى دائماً علاقة خلق متبادلة، ولأنه هو الذي يصنع علاقة خلق متبادلة، ولأنه هو الذي يصنع التاريخ بصناعته للحدث، عندئذ تتحوّل ساحة الجهاد والكفاح الطويل إلى محراب عبادة، يستمد قدسيته من العلياء ثم يلتحم بها لأنها المأوى الذي يليق بالشهداء.... وتتراءى لهم الأنوار المحمدية فتعكس ضياءها في قلوب العارفين والمجاهدين فيبحرون في مواكب النور إلى النور.

ولد الشهيد فؤاد عام 1969م، في بلدته سلعا من القرى العالمية، قضاء صور.. وهو ينتمي إلى عائلة مؤمنة متواضعة تحافظ على المبدأ الشرعي وتنعم بحب الله وبرسول الله وأهل بيته عليهم السلام.

عندما بدأ الشهيد بالالتزام كن صغيراً وعمره لا يتجاوز العشر سنوات فكان يخشى الله حق خشيته، وأصبح من العباد الذين يعتقدون بوحدانية الله تعالى، التزم بالواجبات الرعية المفروضة وألم نفسه بالمستحبات الإسلامية، يكثر من تلاوة كتاب الله المجيد، يؤدي صلاة الليل يساعد الفقراء والمحتاجين، يبادر بالتحية، وكان عاشقاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلموأهل بيته الأبرار عليهم السلام وقد ترجم هذه المودة والمحبة للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلمبالحزن والجزع والبكاء على مصاب سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام فكان يسعى في المحافل والمساجد وحيثما ذكر عليه السلام وقلبه كالجمر من شدة الشوق والحنين ليلهب روحه أكثر بحرارة دموع العشق إلى جوار الإمام الحسين عليه السلام، متقرباً بذلك إلى البارئ عز وجل، وجل همه أن يكتب في ديوان الشهداء والمخلصين... وقد كانت له علاقة خاصة مع أهل البيت عليهم السلام وشديد التوسل بهم لأنه لم يجد أقرب إلى الله تعالى من هؤلاء الأبرار ليقدمهم كواسطة بين يدي المولى لقضاء حوائجه ولاستجابة دعائه.

ومن جملة ما تميز به الشهيد هو أنه ذو حياء وأدب قل نظيره في ذاك الحين، كان له نور يسطع من وجهه، ورأسه دائماً منحنياً لله تقدست أسماؤه... وقد تميّز أيضاً بحنانه، ورأفته، وصبره وسعة صدره، كريم لا يبخل بشيء، يرد الإساءة بالإحسان، باراً بوالديه، يعطف على إخوته ويسعى لقضاء حوائجهم، وهو ذو تأثير بين أفراد العائلة يخالطهم ليدخل في عمق كل واحد منهم ليحمل معهم الهم بإيجاد حل لأي مشكلة، يحبه الصغير والكبير خصوصاً كل من يعرفه أو شاهده.. وهو على وجه الخصوص كان يحب الأيتام حباً كبيراً ويأتي بهم إلى المنزل يكرّمهم ويلاطفهم ويدخل الفرحة إلى قلوبهم ويسير معهم إلى منازلهم، ويدعو إلى المسجد ويعلمهم كيفية أداء الصلاة والالتفات للأحكام الشرعية من واجبات ومحرّمات..
ذكرت الوالدة أن الشهيد قد أنهى المرحلة المتوسطة، وقد انتسب إلى حوزة الإمام المنتظر في صدّيقين لتحصيل العلوم الإسلامية وقد مكث فيها مدة ستة أشهر وبدأ يزحف نحو الوصول لساحة الجهاد العسكرية حاملاً في جنباته إدراكه وثقافته وعلمه ليقف بين صفوف المجاهدين وهو يعي مسؤولية الدفاع عن بيضة الإسلام بفكرٍ واعٍ وقلب مطمئن... وقد خضع الشهيد لدورات ثقافية وعسكرية وانتسب للمقاومة فبدأ الجهاد بالمرابطة على الثغور ومن ثم انطلق إلى عمليات المقاومة الإسلامية.

بالنسبة لأخلاقه وكيفية تعاطيه مع الآخرين لا سيما الأخوة في ساحة الجهاد فكان لا يبالي إذا امتلك منصباً يرفعه أو يخفضه في نظر الآخرين، ولا يكترث إذا كان في الخطوط الخلفية، لأن همه الوحيد هو أداة التكليف الشرعي بالصورة المطلوبة، لأنه يعتبر نفسه حارساً للإسلام وبكل تواضع، لشدة حبه وإخلاصه لعمله ومرؤوسيه ولتمسكه بهذا النهج الحسيني، وبوعيه وإصراراه وإيمانه بالله تغلّب على كل شياطين الجن والإنس من حوله ومن النفس الأمّارة بالسوء، كشف الحجب عن بصيرته ليرى مكانه عند مليك مقتدر، وقد أقسم لله أن يترك هذه الدنيا ويلحق بركب الشهداء الأبرار، برفاق الدرب الذين سبقوه إلى الخلد فسارع إلى حيث كانت تنتظره الرحمة والكرامة لينال شرف الشهادة وذلك من جراء إغارة عدوانية على بلدة عين بو سوار في الإقليم وهو يقوم بواجبه الشرعي الجهادي بتاريخ 19 آب - 1989م.

فقضى شهيداً محروماً من زفافه، فبين زفافه وبين شهادته أسبوع فقط، لكن شار الله أن يكون له بدل العرس عرسان، عرس الشهادة، وأن يُزف عريساً إلى الجنة حيث تنتظره الحور العين وهي تفتخر أنها زوجة مجاهد لشهيد في سبيل الله، فهنيئاً لك يا أخي الشهادة وطابت الأرض التي فيها دفنت... ودمت خالداً في الجنان مع الأبرار..

* وصية الشهيد فؤاد البعلبكي:
بسم الله الرحمن الرحيم
 ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون﴾َ صدق الله العلي العظيم.

إخوتي في المقاومة الإسلامية: دافعوا عن الرسالة الإسلامية العظيمة بكل ما أوتيتم من قوة، واعلموا بأن الإمام الخميني العظيم قدس سره قهر بجهاده الاستكبار العالمي الممثل بالشيطان الأكبر أمريكا.

إخوتي في الجهاد: تابعوا السير بجهادكم في خط الإمام الخميني قدس سره الذي هو خط الإسلام المحمدي الأصيل.

أمي الحبيبة، أبي العزيز: اجعلوا دموعكم على أبي عبد الله الحسين عليه السلام فهو المستحق الحقيقي لهذه الدموع لأنه المجاهد الذي قدّم دمه وقضى ذبيحاً مظلوماً غريباً في سبيل عزة ونصرة الإسلام والذود عن الأمة والدين العزيز.
ابنكم الفقيد إلى رحمة الله ولمسامحتكم جميعاً
فؤاد البعلبكي


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع