نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

قبسات من سيرة الشهيد القائد الحاج أبو رائد علي وهب حجازي‏


أيها المنتظر طويلاً ها قد وصلت‏

"نحن المظلومون عبر التاريخ ليس لنا إلا الله"
هي كلمات لإمامنا الراحل الذي بث فينا روح العزة والإباء، وصنع منها قوافل الشهداء. كنت أيها الشهيد ترددها دوماً، وتبثها شجوناً عند سياحتك في آفاق عوالم المستضعفين في لبنان وفلسطين والعراق والبوسنة.
كنت تشتعل فتتحول إلى بركان هادر يرمي بحممه من سقر على رؤوس الأعداء وتعود إلى طلعتك الغراء ابتسامة النصر الإلهي.
كنت أصدق مثال في البر والوفاء. آلمك انزعاج أمك وأنت ابن الأشهر العشرة فلم ترض لنفسك عقاباً إلا الفطم1. وعاهدت أسرتك الصابرة على إعلان الرحيل فصدقك الله وأنت في غربة السفر2.
من عرفك وشاهد أسرارك في خلسات الليالي يعلم- والله- اخضلال لحيتك الطاهرة ببكاء الفراق، ولشد ما أحزنك رحيل إخوتك الشهداء صعقت في عالم الطبيعة ولا يدري أحد هل كنت تشاركهم أسفار عوالم الملكوت3 أم تجلس بقرب أمير وهو يطمئنك أنه يحرس ثغور المسلمين4.

يا أخي،
لقد رأيت ابيضاض عينيك وأنت ترى عروج الأحبة فتكتب لهم خواطر شجونك، وتبث إليهم شكوى بقائك، وكأن هذه الدنيا أضحت بعدهم مظلمة وآذنت بوداع.
فيا رباه،
أي سر استودع حبيبك حتى صار يفرح بقرب اللقاء كفرح الطفل بثدي أمه، وأي يوسف ينتظر يعقوب بعد طول غياب.
كيف يا إلهي جعلت ضالته الشهادة في كل أرجاء الدنيا.
فهو لا يفتر يمنّي النفس بلقياك في الحج الأكبر، فيقرأ سورة آل عمران عند صخرة الصفا5.
ويبكي لحزن الزهراء عليها السلام في أرض الحجة الثامن عند عتبة روح الأرواح، ويطلب بحرارة تحرق كل أكوام الدنيا أن يقتل كما إبي الفضل بلا رأس ولا يدين6.
فاستجبت له يا ربي بعد أن امتحنته وهو يمضي على ربى عاملة يزرع الرعب في قلوب أعدائك ويقتل منهم جمعاً كثيراً.
ها قد أقبل أخوك الشهيد عباس حمود وهو يبشرك7، ويلقي إليك سر الإله فتضحك ملهوفاً، وتودع الدنيا بوداع الصادقين.
آه يا أخي الشهيد، لقد عاهدتنا أن تزورنا أكثر من ذي قبل، فتحل بيننا كأطياف نور عم السماء.
وها قد بدأت تفي بوعدك، وكانت زيارتك الأولى في أرض معركة الجهاد فتأسر مع من أسروا، وكأنك توجهنا كما كنت تفعل دائماً إلى أن بيتك الحقيقي هو ساحات الجهاد.

للشهيد الحاج أبو رائد أسرار مع الله لا يعلمها إلا هو سبحانه، وقد أظهر الله منها ما كان نفحة من عالم الغيب لنا نحن المستأنسين بظلمة الدنيا الفانية وعلائقها الكاسدة. منها كرامات ومنها مشاهدات، وما بينهما فضائل روح الإسلام التي تأصلت في جوهره الصافي.

* من كلمات الشهيد
"يجب على كل منا تطهير نفسه من رجس الشيطان، والسعي الدائم إلى التكامل الروحي، ويجب على المؤمنين البكائين الالتقاء لجمع مظلوميتهم والتأكيد والإصرار عليها لإلقاء الحجة للحجة للتعجيل بالفرج والكشف عن كل بلاء. ويجب على الذين يعانون من الجدب الروحي أن يسعوا ليحصلوه عن طريق الدعاء والجهاد وجميع أنواع العبادات، وأن يقرنوا القول بالعمل، وبعد الانتهاء من فترة التحصيل يجب عليهم المضي قدماً للالتحاق بالسابقين".
"واعلموا أحبائي أنه لم يكن يحلو لنا سفك دماء وقتل الكافرين والمنافقين لولا ما أمرنا به الله من جهاد كلمة تارة، وفناء أرواح تارة أخرى، ليسلم دين الحق ولتعلو كلمة الإسلام عالياً رغم كل الحاقدين المتربصين".
"على مر السنون لم تنطفئ‏ء الشعلة الحسينية في نفوس الثائرين، بل ازداد وهجها مستمدة عزيمة وقوة في معانات ومظلومية وصبر أهل البيت عليهم السلام.
ولأن كل هذا كان لله كان لا بد من استمراريتها بالزخم ذاته في كل عصر، متصدرة بذلك صراع الحق مع الباطل".
"إني أسأل الله تعالى بقلب خاشع متذلل محرر من عبودية النفس أمارة، أن لا يميتني ميتة فراش.
أسوة بأئمتنا المعصومين المظلومين، وأسوة بالشهداء الطاهرين، حتى ألقاهم ولا تكون روحي مكسورة وخجولة، وأسأله سبحانه أن لا أُقتل قبل أن أكون لائقاً للشهادة، وأتمنى أن لا أموت قبل أن ألقي الرعب في قلوب جميع المنافقين والكافرين.

* مناجاة إلى الشهداء
"كنتم الأقرب لمرضاة الله وكنا الأبعد بالمعصية.
نتقرب إلى الله زلفى من خلالكم وإنها ليست تعابير أخطها فحسب بل حقيقة حتمية يقينية، أنها حقيقة ممزوجة بالدمع والقهر والدم.
يا ليتني كنت حبة تراب على أرجلكم أنتم يا معشر الطهر والصفاء، يا من بكم تتجلى روائع اليقين.
إخواني الأحباء سأطلق صرختي الصامتة المكبوتة في جوف الليل لعلها تصل أسرع في هذا الكون الساكن.
أو لعل الفرصة سانحة لخرق الحجب للوصول إلى المناجاة الصحيحة.
إليكم أزف البشرى بعد عناء تحقق الحلم.
إني بكم ملتق وعن أهل الدنيا مبتعد،
نعم إخواني إليكم أزف البشرى فبشرانا بملقانا".
"لو استطعت أن أغوص تحت التراب أثناء مناجاتي خجلاً من جلالتك لما توانيت لحظة فمنها وإليها يا رب العالمين".
"لقد أحببت أن أقترب من مواقع العبودية الحقة وذلك بابتعادي عن ضجيجكم أهل الدنيا وزيف عيشكم الغافل عن ذكر الرحمن،
الغارق بتأدية الأعمال الفانية المسرعة بكم إلى الخسارة الكبرى: التي هي رضى العزيز".
"مشكلتهم أنهم إذا باعدت الأيام بينهم نسوا آلامهم وأحبابهم، ولكن مشكلتي أنه مع مرور اللحظات يزداد ألمي وحنيني.
أصبر على مضض والحرقة بالقلب، فبعد رحيل الحبيب تلو الحبيب يصبح الحافز أكبر لبلوغ الأمنية.


1- تروي أمه أنه عندما كان في الشهر العاشر من عمره وأثناء إرضاعه عضّها بأسنانه كما يحصل لأكثر الأولاد أثناء نمو أسنانهم، ومن شدة ألمها صفته صفعة خفيفة فأعرض لتوه عن الرضاع وفطم نفسه عن حليب أمه، ومهما حاولت أن ترضعه فيما بعد لم تفلح.
2- من جملة العهود التي عاهد بها زوجته أنه إذا استشهد فسوف يأتي لإبلاغها وهي في بيتها. وقد وفى الشهيد بذلك، إذ شاهدته زوجته عشية استشهاده قادماً إليها كنوز شع في الآفاق، ثم خرج من البيت.
3- في إحدى الليالي أسرعت زوجة الشهيد إلى أخيه مضطربة، فقد أغمي عليه من شدة البكاء، فهرول إليه مسرعاً وحاول جاهداً إعادته إلى حالته الطبيعية ولكن دون جدوى. وبعد فترة عاد إلى حالته الأولى، وهو يبكي ويناشد الشهداء ويشكو إليهم ألم الرحيل وطول الفراق.
4- أسرّ الشهيد إلى زوجته أنه كان يحرس في أحد الليالي إحدى ثغور المسلمين، وكان معروفاً بحرصه الشديد وتشدده في أمر الحراسة، ولكن نتيجة التعب والإرهاق غفا لعدة لحظات، وعندما استيقظ انزعج كثيراً وأخذ يعاتب نفسه على ما حدث، ولما التفت إلى يمينه شاهد سيداً جليلاً جالساً إلى جانبه وعلى ركبتيه سيف ذو الفقار، فابتسم له السيد ثم غاب.
5- عندما حج الشهيد هذه السنة قيل له أن هناك صخرة قرب الصفا من يقرأ عليها سورة آل عمران ويتمنى شيئاً فإنه يتحقق وهناك قرأ الشهيد تلك السورة وسأل الله أن يرزقه الشهادة.
6- قبل يوم من استشهاده، كان الشهيد يستمع إلى مجلس عزاء عن سيدة نساء العالمين عليها السلام. فرفع يديه إلى السماء، وأسل الله أن لا تكون شهادته إلا كشهادة أبي الفضل العباس عليه السلام. وهذا ما حدث فعلاً.
7- لقد شاهد الحاج أبو رائد في عالم الرؤيا الشهيد عباس حمود الذي كان يحبه كثيراً، وبشره بلحوقه به عن قريب، فسُر كثيراً وشرع بتوصية إخوانه بوصايا الوداع. وفي الوقت الذي كان فيه الكثيرون يجزعون من الموت ومقابلته، كان وجه الشهيد يزداد إشراقاً.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع