الشهيد عدنان معروف قشمر (أبو ميثم)
﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ (الحج: 39 40).
أخطُّ هذه الكلمات سائلاً المولى عزَّ وجلَّ أن تكون الأخيرة وأنا في لهفة واشتياق للقاء سيدي ومولاي أبي عبد الله الحسين عليه السلام وإخواني الشهداء وحسن أولئك رفيقاً. إنها والله نعمة ما بعدها نعمة، أن يمنَّ الله علينا. ومَن غيرُنا لمقارعة أعداء أعدائه والذين هم أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود، كيف لا ونحن من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام القائل: "الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه، فهو درع الله الحصينة وجُنته الوثيقة"؟!(1).
إنها أيام الفخار والعزّة أن ترى الغدّة السرطانية إسرائيل تتلوى تحت ضربات المجاهدين كتلوي الأفعى المطعونة بسكين، فاحرصوا يا إخوتي المجاهدين على أن تستغلوا هذه الفرصة وأن تكسبوا هذه التجارة الرابحة التي يسّرها لكم ربكم، ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (الصف: 11)، وبعدها يأتي ﴿نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الصف: 13).
إخوتي الأحبة: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (الصف: 10) هو درب المقاومة الإسلامية، لأنه مرتبط بدرب الحسين عليه السلام، ودرب الحسين عليه السلام أوسع إلى الجنة، تمسّكوا بسفينة المقاومة الإسلامية، لأنها سفينة الحسين عليه السلام، وهي مشروع إلى الجنة، والتي من تمسّك بها نجا، ومن تخلّف عنها ضلّ وهوى إلى حضيض المذلّة والمهانة: ادخلوا من الباب الذي منه يؤتى وهو باب ولي الأمر الخامنئي المفدى المؤدي إلى صاحب الزمان عجل الله فرجه، وإذا شعرتم يوماً أن الوهن والملل قد تسرّب إليكم فافعلوا ما أمرنا به ولي الأمر وهو استحضار الهدف الذي من أجله نعمل، هذا الهدف الذي من أجله كانت بعثة الأنبياء والرسل عليهم السلام وجهادهم وتضحياتهم.
واعلموا يا أخوتي أن كل ما نبذله في هذه المسيرة الإلهية هو نزر يسير وقليل مما يجب علينا أن نفعله، وقد لا يستطيع إطفاء نيران ذنوبنا وآثامنا التي تثقل ظهورنا وتمنعنا من الوصول إلى مراتب الكمال الإنساني، لذا، عليكم أن تحفظوا أمانة الشهداء والسيد عباس، أمانة المقاومة الإسلامية، وأن تبذلوا دونها المُهج والأرواح رخيصة نصرةً لدين الله وإعلاءً لكلمته في هذه الأرض، علّ الدماء الحمراء تطهّر نفوسنا الأمّارة بالسّوء وتوصلنا إلى حيث الحسين عليه السلام. وعليكم أن تتوسلّوا بأهل البيت عليهم السلام بالأدعية والمناجاة، فهم سفينة النجاة وشفاعتهم تنجينا ﴿يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ (الشعراء: 88)، ولا تنسوني من دعائكم ومسامحتكم، وخاصّة كل من له عليّ حق.
ربِّ اجعلني من المجاهدين في سبيل إعلاء كلمتك، ربِّ ولا تحرمني من فرصة أنت أعطيتها ومن نعمة أنت فرضتها، ربِّ إن لم أكن أهلاً أن أبلغ هذا الأمر فأنت أهل أن تقبلني، لأنك تقبل التائب وتعفو عن المذنب المسيء العاصي. ربِّ اجعلني ممن يتذوقون حلاوة قربك وجوار أوليائك وكرّمني بالشهادة وألحقني بالصالحين.
(1) نهج البلاغة، خطب الإمام علي عليه السلام، ج1، ص67.