رامي بليبل

نامت أعين الليل واستقرت الشمس في كبد السماء وبدأت الضوضاء ومضى العمر في الرحيل.
الدّرب طويلة هي ذاتها الدّرب الأخيرة، تلقى صنوفاً من البشر، ألواناً من الأشياء وغيوماً بيضاء تخفي خلفها آيات الله العظيمة...
والدّرب تتشعب بك دروباً، وفي أيّها عليك بالتمهل والتعقل، فالبصيرة هنا مشعل النور الذي يقودك إلى نهاية الدّرب القويمة، تتبعثر بك الأحداث، تعصف بك خطوب الحياة، تتناولك المغريات، لا تبرح نفسك حتّى تجاهد جهادك المخلص فتفوز فوزها العظيم، تقابلك ابتسامات كثيرة، إطراءات منمّقة، اختيرت لك حتّى تقرّ في أذنيك فتفعل فعلها بك...

ولطالما رشفت من الوجوه لغة غريبة تفوح منها رائحة الزمن، لطالما شاهدت أسناناً بيضاء تظنّها أظهرت صفاءً لك، فما أن تدير بظهرك حتّى تشعر أن تلك لم تكن إلاّ تكشيرة لا تنمّ عن محبةٍ وأنّ الابتسامة لم تكن إلاّ زيفاً، وأنّ الوجوه تلك ليست إلاّ وجوهاً باهتة لا بريق ولا حياة فيها، وما يؤلم الروح بحق ليس نفاذ مؤامرة الأحداث وخطوبها ولا مخادعة البشرية وزيفها بل أن تتكاتف عليك إلى جانبها نفسك فتسلمك إلى دنيا الهلاك...
وما يؤثّر في النّفس حقّ تأثيرها سجود الروح رافعة يديها تضرعاً، والدموع الصارخة وهي تندفع من العيون الصادقة... والآن أيتها الأحداث!!
وان اشتدت خطوبك وإن نفذت في القلب سهامك...
أنّها البشر...
وإن خلت أرواحكم من الصفاء..
ذلك الغائب لا بدّ آتٍ...
أيها الليل..
وإن نامت أعينك.. فالذكرى لا بدّ ستصل...
والوعد لا بدّ من وفائه..
وأكيدٌ أنّك ستبصر في هذه الوجوه لغة علويّة، يفوح عبيرها، جهاداً وتقوى...
ويرتفع الصوت عالياً... أيتها النفس إن عين الله لا تنم.. وكفى به رقيباً..
فيا الله... يا الله.. سلّطنا سلّحنا وعلى مجاهدة أنفسنا سلّطنا واغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وارضَ عنّا وارحمنا واجمعنا تحت راية الحجّة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
اللهم الحمد والصبر لك يا الله، اللهم الحمد والصبر لك يا الله، اللهم الحمد والصبر لك يا الله.