إعداد: عبد الحليم حمود

مما لا شك فيه أن المراكز التاريخية في كل مدينة إسلامية غنية بالكثير من عناصر التراث المعماري العريق، الذي يظهر الوجه الأصيل للحياة الإسلامية ومجتمعاتها ومراحل تطورها عبر العصور. في زمن الإمبراطورية الإسلامية العظمى تطور فن العمارة الإسلامية في بناء المساجد والجوامع والمدارس، وذلك ضمن ثورة أسلمة أراضي الفتوحات. لقد كان عصر المسلمين الأوائل عصر ثورة ملموسة لا في العمارة فحسب، بل في مختلف الفنون.

من خصائص العمارة الإسلامية، عدم وجود انفصال أو قطيعة بين طبيعة المنشآت الدينية والدنيوية. ومن المدن الإسلامية المعروفة برقي مستواها الفني والأثري نذكر سمرقند المدينة الواقعة على طريق الحرير المشهور الذي ربط الصين بمراكز الحضارة العربية الإسلامية لقرون عدة وهي المدينة الثانية بعد العاصمة طشقند في جمهورية أوزبكستان. ومدينة سمرقند لها عمر طويل كعمر روما وأثينا وبابل، حيث يصل إلى 2500 عام، وقد أسماها العرب "جنة الشرق" وكانت عاصمة للإسكندر الأكبر وعاصمة الامبراطورية الإسلامية في وسط آسيا. وسمرقند تسحر زوارها بما تملك من كنوز فنية ومعمارية ذات شهرة كبيرة في تاريخ فنون العمارة الإسلامية، وفيها الكثير من المساجد والأضرحة والمدارس. يتميز موقع "شاه زنده" في سمرقند بالقباب الفيروزية المزخرفة بأنواع القاشاني الجميل المزين برسومات نباتية وأخرى هندسية رائعة. أما مسجد مدرسة "أوليغ بيك" فيثير الانتباه في أسلوب معالجة فضائه وطريقة تسقيفه، إذ تقسم أربعة عقود مستعرضة فضاء المسجد إلى خمسة أقسام وكل قسم فيه سُقِف بواسطة قباب تستند إلى عقدين متوازيين ونصف عقد بينهما.

يتجسد في عمارة مدرسة "أوليغ بيك" ذلك القرار التزييني الذي يؤكد حضور فكرة الطيف اللوني، كوسيلة ضرورية في عملية تكسية المبنى بالصياغات اللونية، وقد انتقلت المدرسة من تقليدية استخدام اللون الآحادي إلى التعددية اللونية، فيما يدعى بـ"الفسيفساء الخزفي النقوش" والذي يُعد من أهم نجاحات الفن التزييني الذي أنتجته شعوب الشرق الإسلامي.