عبد الحليم حمود

* كلية للفن الإسلامي في هولندا
إن لهولندا اهتماماً كبيراً بالتاريخ والفنون والحضارة الإسلامية، وفي متاحف هذا البلد نشاهد اللوحات الفنية والمقتنيات والقطع الأثرية الإسلامية التي تنتمي إلى مناطق مختلفة من العالم الإسلامي من شمال أفريقيا إلى آسيا الوسطى مروراً بالشرق الأوسط والهند. هذا وقد قام أحد متاحف هولندا بإصدار مجلد ضخم وغير مسبوق عن الفنون الإسلامية بعنوان "حلم الجنة"، أما أهم حدث تُوّج به الاهتمام الهولندي بالفنون الإسلامية فقد شهدته روتردام والذي تمثَّل في افتتاح أول كلية للفنون الإسلامية وممثلون في احتفال عالمي شارك فيه برلمانيون هولنديون وممثلون عن عدد من الجامعات والمؤسسات الإسلامية المعنية بالفنون الإسلامية في أوروبا والعالم الإسلامي. تتوجه كلية الفنون الإسلامية بالأساس إلى الجيل الثالث من المسلمين الهولنديين، كما تسعى إلى تقديم الفنون الإسلامية كواجهة مشرقة للإسلام في خطوة لتغيير النظرة الغربية عن الإسلام والانتقال بها من الصورة النمطية التي تحاول وسائل الإعلام تكريسها إلى صورة الإسلام الحضاري الذي تمثل فيه الفنون ركناً أساسياً.

* معماري الفقراء حسن فتحي: مقاومة الاسمنت‏
لقد درَّسوا عمارته في معهد أثينا التكنولوجي ومعهد العمارة الاستوائية بلندن وجامعة أريزونا ضمن مناهج الدراسة بينما احتفظ متحف بوسطن بنماذجه المعمارية كمثال لتطوير العمارة. حسن فتحي واحد من أهم المعماريين في العالم، استند إلى دراسته الموسوعية وخبرته الثقافية ووعيه ومعرفته ومزج بين عمارة الطين والعمارة العربية الإسلامية. استعان بالتراث الجمالي للأبنية العربية بمختلف عصورها فأصبح صاحب نظرية معمارية شاملة انحازت إلى المشروع القومي في الستينيات، بتطبيق النظام التعاوني الاشتراكي في البناء ونال بنظريته تلك أرفع وأهم الأوسمة والجوائز. حاول حسن فتحي وتلاميذه أن يوجدوا لغة معمارية جديدة في العالم العربي بدءاً من الخمسينيات وكانت أحلامه عظيمة في بناء تجمعات سكنية كبيرة وبلغ هدفه بمساعدة الدولة لكن صعوبات جمّة اعترضت أعماله أبرزها عدم فهم نظريته من قبل الشريحة التي توجه لمساعدتها فزادوا على بيوتهم ما يشتهون مما أبطل الغاية التي كان ينشدها وهذا ما برّر للكثير من المتربصين به من المعماريين والنقاد الذين هاجموا أعماله وشككوا في مقدرتها الخدماتية. حسن فتحي معماري كرس حياته للارتقاء بالظروف المعيشية للإنسان والحد من المباني المتهالكة، وقد انتقل إلى جوار ربه في العام 1989 بعد أن ترك أكثر من بصمة مقاومة للكتل الخرسانية الاسمنتية.

المعاصرة في الخطاب المسرحي‏
ما أفرزته التجارب المسرحية في القرن العشرين ما زال متواضعاً على رغم ضخامة ما قُدم على يد ستانسلافسكي ومايرهولد وفاختانكوف وبسكاتور وبريشت وماكس راينهارت مروراً بأنتونين آرتو وصولاً إلى المسرح الشعبي المعاصر وانتهاء بتجارب كروتوفسكي، والاشكالية تكمن في عدم مواكبة الخطاب المسرحي للعلوم الإنسانية على رغم عراقته التاريخية ومراحل ظهوره في المجتمع ونموه ومواكبته لتطور التشكيلة الاجتماعية. إن الخطاب المسرحي لا يمكن أن يتكامل ويتحول إلى ضرورة ملحة إلا إذا نظرنا إلى بنية المسرح والوضع المعرفي للمسرح الذي يعتمد أولاً وأخيراً على الإنسان كذات وموضوع فالخطاب المسرحي هو الفن الذي أنجز بهدف الإقناع بأفكاره عبر أسلوبه وقيمته الفنية وعمق دلالاته ولا يكون تطوره وتكامله من دون الحرية والديمقراطية، من دون العدل وحقوق الإنسان، من دون وجود المكان المسرحي والمؤسسة المسرحية. على الخطاب المسرحي أن لا يحاول عقلنة المسرح وتحويله إلى قواعد جامدة مثلما لا يعني أيضاً أن يأخذ المسرح دور الأيديولوجية والشعار الفكري أو السياسي كما أن الجانبين العلمي والاختباري لا يشكلان هدفاً أساسياً قائماً بذاته ولذاته في تحقيق واختبار الخطاب المسرحي وإنما المختبر المسرحي هو جزء من حالة التكامل والوصول إلى خطاب مسرحي وهنا يمكن لنا أن نضيف إلى الخطاب صفة المعاصرة أو الخطاب الحضاري.