الشيخ محسن قراءتي‏

هل الإنسان حر أم مجبر؟ وما هي حدود الحرية؟ خلق اللَّه تعالى الإنسان حراً وأعطاه الاختيار ليتمكن من انتخاب أعماله التي يقوم بها. على الرغم من وجود أدلة كثيرة على اختيار الإنسان، هناك من يقول بأنه مجبور لكنه يظن نفسه مختاراً، وأهم هذه الأدلة:

أ - يقع الإنسان عادة في حالة تردد بين الحين والآخر. هذا الشك والتردد هو دليل على الاختيار والحرية، حيث يتمكن من القيام بالعمل ويتمكن أيضاً من تركه.
ب - يقوم البعض بنقد أعمال الآخرين، وهذا دليل على أن الشخص الذي قام بالعمل كان بإمكانه أن لا يقوم به.
ج - تمر على الشخص أوقات كثيرة يندم فيها على قيامه ببعض الأعمال، وهذا يبين أنه كان بإمكانه أن لا يقوم بالعمل، لذلك يخاطب الشخص نفسه: يا ليتني لم أعمل العمل الفلاني!
د - يقوم كل شخص عادة بعملية تربية لأبنائه أو أنه يعهد بالتربية إلى شخص معين، وهذا يعني أن الولد من خلال تربيته يمكنه أن يترك الطريق المنحرف ويسير في طريق الصواب.
بناءاً على ما تقدم، تشكل الأمور التالية: الشك، النقد، الندم والتربية أدلة على حرية الإنسان. ثم إن الحرية ليست شأناً مختصاً بالبشر، بل تطلبها حتى الحيوانات الأخرى. فلو وضعنا قطة في قفص وقدمنا لها أشهى المأكولات فإنها تفضل الغذاء البسيط الذي تتلقفه من الشوارع...

لو لم تكن في الجنة حرية لأدى ذلك إلى عذاب المؤمن، ولهذا عندما يدخل المؤمنون الجنة يتخاطبون بقولهم: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ﴾ (الزمر: 74). بالنظر إلى ما تقدم، فإن الإنسان مخلوق للَّه تعالى يجب عليه العمل بأوامره، فإن لم تكن لحريته حدود، بحيث يعطي لنفسه هواها ويستسلم لشهواته فإنها ستؤدي به لا محالة إلى السقوط والانزلاق. يجب أن تُنَظَّمَ الحرية في إطار الشرع والعقل كي لا تكون سبباً في سلب حرية الآخرين.