يخضع جسم الإنسان بالمجمل إلى عمل الغدد الصمّاء المنتشرة في الجسم. ولكل غُدة عملها المحدّد. وتتواصل كلها عبر الغُدة النخامية التي هي الغدّة الرئيسة المحرّكة للغدد الأخرى.

* وظيفة الغدد
إن الكثير من عمل الغدد يتأثر بالضغط العصبي والنفسي. كما وتؤثّر هذه الغدد في الأعصاب، إضافةً إلى تحديد حرارة الجسم وعملية الاستقلاب وحرق الوحدات الحرارية وتوزيعها في أعضائنا وتخزينها وتحويلها إلى سعراتٍ حراريةٍ حين الحاجة لاستعمالها.

أنواع الغدد
أهم الغدد الصماء في الجسم هي:
ـ الغدة النخامية والتي تحتل مكاناً صغيراً في أسفل الدماغ وتُعتَبر الغدة الرئيسة التي تعمل وتسيطر على عمل الغدد الأخرى.
ـ الغدتان الكظريتان في الجهازين التناسليين عند المرأة والرجل.
ـ البنكرياس.
ـ الغدة الدرقية والغدد جار الدرقية.
وسنتعرّض في هذا المقال لمشاكل الغدة الدرقية وهي الغدة الأكثر إصابة بالأمراض والأكثر شيوعاً بين الناس.

* موقعها ووظيفتها في الجسم
تقع الغدة الدرقية في الرقبة، وتخضع بشكلٍ مباشر لتأثير الغدة النخامية في عملها، وهي تخضع بدورها لتواصلٍ كهربائيٍ عصبي في الدماغ HyPothalamus. وتُعتبر من أكبر الغدد الصمَّاء في الجسم. الغدّة الدّرقية غدة على شكل "H". تتألف من فصّين في أسفل العنق، يوجد كل منهما على أحد جانبي القصبة الهوائية، ويربط بينهما حبلٌ رفيعٌ من النسيج الدرقي. تنتج هذه الغدة الهورمون المعروف بالدَّرَقين (أو الهورمون T4). يتحكم هذا الهورمون بمعدلات التفاعلات الكيمائية التي تحدث في الجسم، وكلما ازدادت كمية الدَّرَقين في الجسم ازدادت سرعة عمله.

يحتوي الدَّرَقين على عنصر أساس هو اليود الكيميائي. ويحصل معظم الأشخاص على كمية كافية من اليود لإنتاج الدَّرَقين من الأسماك والمنتجات السمكية ومن شرب الماء. وفي بعض الدول يضاف اليود إلى ملح الطعام أو إلى الخبز؛ لتأمين حصول كل شخص على إمداد كافٍ ومنتظمٍ من هذه المادة. تنغرز غدةُ جنب درقية، وهي بحجم حبّة الفول، في كل من الزوايا الأربع للغدة الدرقية. تنتج هذه الغدد الأربع الهورمون الجنب درقي الذي يتحكم مع الفيتامين "د" بمستوى الكلسيوم في دمِ شخصٍ سليم الجسم من خلال جعل الأمعاء تمتص كمية أكبر من الكلسيوم الموجود في الدم وجعل الكليتين تفرزان كميةً أقلّ من الكلسيوم في البول. ويحتاج الجسم إلى الكلسيوم لأغراض عديدة، منها تقوية العظام والأسنان وتخثر الدم وعمل الأعصاب والعضلات.

وتُعتبر الغدة الدرقية من الغدد الرئيسة للنمو عند الأطفال، وتقوم بتحديد نشاطهم الذهني، إذ إن معظم الأطفال الذين يعانون من تراجعٍ في أدائهم العملي وفي الدراسة وفي نشاطهم الذهني يجب أن يخضعوا لفحص الغدة وقياس معدل الهرمونات في الدم. أيضاً الأطفال الذين يعانون من قِصر في القامة وعدم النمو بشكل جيد يُستحسن أن يخضعوا إلى مثل هذه الفحوصات.

* الأمراض التي تُصيب الغدة الدرقية
تتعرض هذه الغدة للأمراض التالية:
1- الكسل أو الإفراط في إفراز الهرمونات.
2- تعقيدات في أنسجتها وخلاياها. وهذا ما يُسمّى بـ Throid nodules.
3- يُمكن في حالات نادرة أن تُصاب الغدة الدرقية بنوعٍ من السرطان والذي نادراً ما يكون مميتاً.
يُعتبر نقص مادة اليود سبباً مباشراً للإصابة بأمراض الغدة الدرقية throid nodules أو تعقيدات الغدة أو ما يُعرف باسم تضخم الغدة الدرقية Goiter الذي يؤدي إلى كسلها.

* تسمم الغدة الدرقية
يحصل التسمّم الدرقي نتيجة فرط نشاط الغدة الدرقية، ويُعرف أيضاً بالإفراز الزائد للغدة الدرقية وبالتورم الدرقي السمّي، حسب الاعتلال الذي سبّب هذا المرض. يخضع نشاط الغدّة الدرقية بصورة طبيعية لتحكم الهورمون المحفز لها الذي تنتجه الغدة النخامية. ويحدث التسمّم الدرقي عندما يختل عمل آلية التحكم، فيزداد نشاط الغدة الدرقية بحيث تواصل إنتاج كميات كبيرة من هورمون الدَّرَقين الخاص بها.  في بعض الأحيان تصبح الغدة بأكملها مفرطة النشاط، وفي حالات أخرى تسبّب عقدة درقية حدوث التسمم الدرقي. ويؤدي وجود كميات متزايدة من الدرقين في الجسم إلى تسريعٍ عامٍ لكافة تفاعلات الجسم الكيمائية التي تؤثر على العمليات البدنية فيه.

* عوارض تسمُّم الغدة الدرقية
تظهر عدّة عوارض نتيجة تسمُّم الغدّة الدّرقية، أبرزها:
1- تسارع في دقّات القلب.
2- خسارة غير مُبررّة بالوزن رغم الزيادة في الشهية.
3- "تعصيب" ورجفة في اليدين مع الشعور بالحرارة الداخلية نتيجة زيادة التعرُّق.
4- تساقط في الشعر مع تناقص الكالسيوم في العظام.
ويُمكن تشخيص هذه الحالة إضافة إلى الفحص السريري والفحوصات المخبرية. واللافت أنه مع بدء العلاج تعود صحة المريض.

* أكثر أسباب تسمم الغدة
من أكبر أسباب تسمّم الغدّة إصابة المريض بمرض Graves الذي يرافقه جحوظ في العينين، وتضخم الغدة الدرقية toxic Goiter أو تسمم في عُقد الغدَّة.

* كسل الغدة الدرقيّة
تشير هذه التسمية إلى إنتاج الغدة الدرقية كميات صغيرة فقط من هورمون الغدة الدرقية المعروف بالدَّرَقين وتباطؤ كافة العمليات الكيميائية في الجسم نتيجة ذلك. يمكن أن يعود نقص نشاط الغدة الدرقية إلى أيّ سبب من الأسباب، أو قد يحدث دون سبب واضح. في بعض الأحيان يحدث هذا المرض نتيجة معالجة التسمّم الدرقي أو نتيجة غياب الهورمون الحافز للغدة الدرقية بسبب اعتلال أصابها، كما قد يحدث انخفاض في نشاط الغدة الدرقية عند توفر اليود في الحمية الغذائية لسبب من الأسباب. من المحتمل أن تحدث هذه الحالة المرضيّة أيضاً بسبب قيام الأجسام المضادة السائرة في الدم بإتلاف المناعة الذاتية للدَّرَق الموجود في الجسم.

* عوارض كسل الغدة الدرقية
1ـ كسل عام في الجسد.
2ـ الشعور الدائم بالبرودة رغم الطقس الحار.
3ـ ارتفاع في معدل الكولسترول والشحوم.
4ـ جفاف في الجلد.
5ـ تخافت في دقات القلب.
6ـ احتباس المياه في الجسم وزيادة في الوزن.
7ـ حالة غياب عن الوعي coma.

علماً أن هذه العوارض تُعالج بواسطة هرمون الغدة ويسترجع الجسم حالته الطبيعية. لا بد من الإشارة إلى أن أمراض الغدة يُمكن أن تكون عائليةً وراثيةً. والكشف المبكِّر عنها يُجنِّب الإنسان مشاكل كثيرة. ولا ننسى أن الفحص المبكر عند كل مولود جديد ضروري جداً، ويُجنِّب الأطفال مشاكل الغدّة، ويساهم في العلاج في الوقت المناسب. كذلك بالنسبة للمرأة الحامل، من المهم علاج كسل الغدة الدرقيّة عندها ومتابعة مراقبتها خلال فترة الحمل.