تحقيق: نبيلة حمزي

كم هو مزعج أن تكون جالساً لتنظر إلى جانبك وتجد صرصاراً يتجوّل، أو تلمح فأراً يمرّ بسرعة البرق من أمامك، وعلى المقلب الآخر يواجهك صراع مرير مع طابور منتظم من النمل الذي دخل منزلك دون استئذان. وقد لا تنام ليلة بأكملها وأنت تلاحق البعوض فتستعمل كافّة أنواع المبيدات للتخلّص منه... كلّ هذه الآفات المزعجة يُطلق عليها اسم "آفات الصحّة العامّة" إضافة إلى أنواع من الحشرات والقوارض التي تحيط ببيئتنا المنزليّة وتسبّب أضراراً ماديّة، وصحيّة، عبر نقل الأمراض إلى الإنسان. فما هي أنواع آفات الصحّة العامّة الأكثر شيوعاً؟ وما هي مضارّها على الإنسان؟ وكيف يمكن مكافحتها والوقاية منها؟ أسئلة عديدة حول هذا الموضوع حملناها إلى مديرة جمعيّة أصدقاء البيئة المهندسة "ليلى عليق فضل الله" فحدّثتنا عن النقاط التالية:

*تصنيف آفات الصحّة العامّة

تؤكّد المهندسة "عليق" أنّ أنواع آفات الصحّة العامّة كثيرة، ويتمّ تصنيفها تحت المملكة الحيوانيّة بحسب تركيبة الجسم والجهاز الهضميّ وعدد الأرجل.

إن أكثر الأنواع انتشاراً في بيئتنا، منازلنا أو بالقرب منها، الحشرات التي لديها ثلاثة أزواج من الأرجل، زوج من قرون الاستشعار وأجنحة: كالصراصير والبعوض، والذباب، والنمل. وتقتات هذه الحشرات على المدّخرات من المواد الغذائيّة، وهي تختلف عن الحشرات الزراعيّة بأنّها لا تهاجم المزروعات، بل تهاجم المواد الغذائيّة التي يختزنها الإنسان في منزله.

هناك أيضاً القوارض، وهي حيوانات وليست من الحشرات، ولها أربع أرجل، ذنب، جهاز هضميّ شبيه بالإنسان وأسنان فتّاكة تساعدها على قضم الأشياء كالفئران والجراد.

*الأضرار الناتجة عن آفات الصحّة العامّة

تسرُد لنا "أماني" معاناتها الطويلة مع الصراصير في منزلها، ما يؤدّي إلى خجلها عند ظهور هذه الحشرات، أثناء وجود ضيوف في منزلها، أضف إلى ذلك ردود أفعال أولادها من هذه الصراصير. وقد عملت جاهدة للتخلّص منها باستخدام أنواع كثيرة من المبيدات.

بدوره "الحاج أحمد" يبدي غضبه نتيجة صراعه المرير مع البعوض طوال اللّيل، حيث يقوم باستخدام عبوات الغاز المتنوّعة للتخلّص منها.

وهناك أضرار مباشرة وغير مباشرة لوجود آفات الصحّة العامّة في منازلنا. والأضرار المباشرة بعضها ماديّ، وذلك بسبب ما يلحق المفروشات والأثاث المنزليّ من تلف، أيضاً الملابس والسجّاد وتلف المخزون من الطعام، وبعضها الآخر صحيّ عبر نقل الأمراض إلى الإنسان كأمراض الدمّ وغيرها...

*مكافحة آفات الصحّة العامّة

تتنوّع أساليب منع ومكافحة هذه الآفات بين الوقائيّة والطبيعيّة والكيميائيّة. وتشرح لنا المهندسة "عليق" الأساليب الوقائيّة التي تهدف إلى عدم دخول هذه الآفات إلى المنزل على الشكل التالي:

1- إغلاق جميع المنافذ الخارجيّة للمنزل (التشقّقات والفتحات في الجدران والأرض).

2- وضع شبك أو ما يُعرف بالمنخل على جميع النوافذ وفتحات التهوئة.

3- إزالة بقايا الطعام المتناثرة في أرجاء المنزل.

4- إحكام إغلاق العبوات التي تحتوي على مواد غذائيّة مخزّنة في المنزل كالمراطبين.

5- إجراء فحص دقيق للأغراض التي نريد إدخالها إلى المنزل، من الخارج، وخاصّة العبوات الخشبيّة، والكرتونيّة، وإزالة بيوض الحشرات كليّاً في حال وجودها.

*المكافحة الطبيعيّة

تنصح المهندسة "عليق" باستخدام الأساليب الطبيعيّة للتخلّص من آفات الصحّة العامّة كونها غير سامّة وفعّالة، ولا تشكّل خطراً على صحّة الإنسان. وفي الجدول التالي طرق طبيعيّة وبسيطة لمكافحة أغلب آفات الصحّة العامّة الموجودة في منازلنا.

نوع الآفة/ طريقة المكافحة

النمل
يجب تحديد موقع دخول النمل إلى المنزل، ومن ثمّ عصر حامضة وتركها فيه، كما أن اعتراض خطوط طبشور أو غبار الفحم للنمل يؤدّي إلى تراجعه.
كما ويمكن خلط النشاء والسكر ليصبح مزيجاً يوضع بالقرب من مكان النمل، فعندما يأكل النمل النشاء تنتفخ معدته ويكبر حجمه بشكل كبير جداً، ما يؤدّي إلى موته.

الصراصير
بداية، يجب إغلاق كافة الفجوات الموجودة وخصوصاً في خشب الجدران ورفوف الحيطان والخزائن والأنابيب... ومن الممكن تزييت عنق زجاجة الحليب ووضع قطعة بطاطا نيّئة فيها، ما يؤدّي إلى جذب الصرصار ودخوله إليها وموته.
كما ويجب جلي الأواني وعدم ترك رواسب في المجلى.

الذباب
من المعروف أنّ الذباب يدخل إلى المنزل من النافذة المعرّضة لأشعة الشمس، لذا يجب إغلاق النوافذ قبل تعرّضها للشمس، كما ويمكن صناعة أوراق لزِجة لالتقاط الذباب عن طريق وضع العسل على الورق الأصفر.

البعوض
قم بفتح قنينة وضعْ فيها خليطاً من كوب ماء ساخن وثلاث ملاعق سكر وملعقة خميرة، فتفاعُل الخميرة والسكر ينتج عنه CO2 وبالتالي يجذب البعوض الذي سيلامس الماء وبعدها يموت.

القوارض
في زوايا المنزل، قم بوضع طارد للفئران مثل النعناع، لأنّ القوارض تكره رائحة النباتات العطريّة وتبتعد عن مكان وجودها.
كما ويجب تنظيف المنزل جيداً والتخلّص من الحقائب والكتب والمجلات القديمة.

وبالمقابل للمكافحة الكيميائيّة سلبيّات كثيرة وخطيرة جداً على الكائنات الحيّة، منها:

1- تكوُّن سلالات من آفات مقاومة للمبيدات.

2- تلوُّث المنظومة البيئيّة، بمكوّناتها المختلفة، بمتبقّيات المبيدات.

3- انتقال المبيدات عبر السلسلة الغذائيّة وزيادة تركيزها، كلّما انتقلت من مستوى لآخر ما يزيد من خطورتها.

4- التسمّم الذي قد يصيب الكبار والصغار جرّاء استخدام المبيدات.

5- الإصابة ببعض الأمراض الجلديّة والصدريّة (أمراض الجهاز التنفسيّ) بعد الاحتكاك المباشر مع هذه المواد.

*استخدام المبيدات

إذا اتخذنا قرار استخدام المبيدات بأنفسنا يجب مراعاة التالي:

1- أن تكون بعيدة عن متناول الأطفال.

2- أن لا تلامس الجسم بشكل مباشر أثناء استخدامها.

3- أن تخزَّن المبيدات في عبواتها الأصليّة مع الحفاظ على بطاقة تعريفها. ولا يجوز أبداً تخزين المبيدات في أوعية مستعملة للأغذية أو المشروبات.

4 - أن تكون أغطية الأوعية محكمة الإغلاق.

5- أن نتخلّص فوراً من المبيدات بعد الانتهاء من استخدامها.

6- أن نقوم بتنظيف المنزل جيداً وتهوئته بعد استخدام المبيدات.

وفي ختام المقابلة، شدّدت المهندسة "عليق" على ضرورة استخدام الطرق الطبيعيّة لمكافحة هذه الآفات نظراً لخطورة استخدام المبيدات الكيميائيّة ولما فيها من ضرر كبير على بيئتا، صحّتنا وصحّة أطفالنا، فالصحّة السليمة في البيئة السليمة.