رسالة من سجين إلى زوجته‏

بالليالي المقرمات.. بالنخيل..
بالهنا المؤنس السادل... وانسياب الغديرُ..
بالعشب والطل... والجدول الحامل...
بالصباح المشعِّ...
عيناك... مذ أسقمتها الدموع... أرقتها الشجون...
في مدى التلِّ والساحل...
وجفناً... يجن لدقة بابٌ...
لشمس الفيافي... لعل العذاب...
سينأى بعيداً، برمشة عين...
يطيف ونومٌ..
ولكن تراها... بقلب هلوع.. وشوق‏
وجوعٌ‏
تطيح كظبي بكل خشوع...
نخال القدر هموماً طوال لطفل عثر..
لوقع الرعود تفيض درر..
تفيض بحرقة قلب جديب...
فيضمحل أفق فسيح رحيب...
تصيح كفى.... فقلبي رقيق... وحبي عميق‏
كجرحى عميق...
سلاني البعاد، وضوء القمر ووحدة عمري

أناجي الفكر
وتصرح كفى.. إلام الرحيل فكم‏
أنتظر
فقلت اسمعيني وعبِّي حنيني..
فإني مطر... بقلبي مطر... بروحي مطر
فلا تقلقي...

فهذي السنون لحتف المنون..
إلى الله نحن نتوق ونشدو
إلى جنة تذيب الهموم...
تفوح بوجدٍ... لعُرسٍ وسعدٍ..
فلا تقلقي..

فهذي السنون لحتف المنون...
بقرب الإله تكونُ الحياة..
بصوتِ البلابلِ تزهو الحياة...
بصحبة زينب،، وبنت محمد..
تطيب هناك... كؤوس الحياة...
فليس نعيقٌ... ويومٌ وذيبٌ...
سلامٌ يدومُ‏
صلاة بتولٍ‏
فلا من عذاب ولا من حروب‏
ولا من ضجر
نسيم بليل... حمامٌ وهدلُ‏
بريح القلوب.. ضباب وظلُّ..
وحبٌ ونخل...
نبيع العذاب فلا ما يُملُ‏
نعيمٌ مقيم... فصحبٌ وأهلُ‏
بدون أنين...

ولا من سمير بقلبه غلُّ...
وليس حقودٌ حسودٌ وجهلُ..
ننام طويلاً
طويلاً... طويلاً
نهز سوياً جذوع النخيل‏
فيسقط طلحٌ‏
ويسقط تمرٌ...
ونمشي بعيداً... فسهلٌ وتلُّ...
ونجلس حيناً... فنبعٌ ونهرٌ...
مُداماً نعبُّ بدون أثامةُ...
وسُكراً ولكن بدون ندامةُ..
وعشقاً جموحاً بثور غرامه..
وهذي السنون لحتف المنون...
فصبراً جميلاً...
فليس حياةٌ بهذي الحياةُ...
بكنف الإله تكون الحياةُ..