سنعرض في هذه الحلقة الوضع السياسي -الجغرافي للجزر الأكبر مساحة وسكاناً في البحر الكاريبي ويبلغ عددها خمسة هي: كوبا، هايتي، جمهورية الدومينيكان، جامايكا وبورتوريكو، مع الإشارة إلى أننا استعرضنا في الحقة الماضية كوبا وحدها بسبب وضعها التاريخي والجيوسياسي الهام والحسّاس، على أن نتحدث في هذه الحلقة وباختصار عن الجزر الأربع الباقية.

* هايتي‏
- نبذة تاريخية وسياسية:
نزل كولومبوس على سطح الجزيرة عام‏1492. وتحولت هايتي إلى مستعمرة فرنسية عام 1677 لتنال استقلالها عام 1804 إثر ثورة قادها العبد توسان أوفريتر. وقد اجتاحت الولايات المتحدة الجزيرة عام 1915 بحجة وجود اضطرابات سياسية واستمر احتلالها حتى العام 1934. ثم تم انتخاب فرانسواز دوفاليير عام 1957 ليصبح حاكماً مدى الحياة وفق أسلوب دكتاتوري، وخلفه بعد ذلك ابنه الذي شهدت ولايته مجاعة قوية بسبب الجفاف وسوء سياسته، وقد حصل هذا في منتصف السبعينات. وفي العام 1986 وقعت اضطرابات قوية طار على أثرها جون كلود دوفاليير إلى الولايات المتحدة على متن طائرة حربية أميركية لينهي 28 عاماً من دكتاتورية العائلة. فتم بعد ذلك تشكيل مجلس عسكري حاكم بقيادة الجنزال هوري نامفي، الذي سمى نفسه رئيساً للبلاد في 20 حزيران 1990.

الوضع البشري والجغرافي والاقتصادي: تشكل مساحة هايتي ثلث مساحة الجزيرة المعروفة باسم سبانيولا، ومن مفارقات البحر الكاريبي أن جزيرة سبانيولا يقطنها شعبان مختلفان للغاية من الناحية العرقية واللغوية وكل شي‏ء، هما شعب هايتي وشعب الدومينيكان. تبلغ مساحة هايتي 750,27 كلم وتقع في الجزء الغربي من سابانيولا التي يفصلها عنكوبا ممر يعرف بممر ويندوارد ويبلغ عرضه حوالي 50 كلم. ويبلغ تعداد السكان حوالي 6 ملايين نسمة، 95% منهم من العرق الأفريقي الأسود الذين يدينون بالكاثوليكية ويتحدثون بالفرنسية.. أما العاصمة فهي مدينة بورت أو برنس ذات الميناء الجميل الواقع على أقدام سلسلة جبلية قريبة من الشاطى‏ء، ويوجد قبالتها جزيرة صغيرة تحميها من المد البحري... ويبلغ تعداد سكانها حوالي نصف مليون نسمة.

يُطلق على هايتي اسم "الأرض العالية" لأنتضاريسها جبلية، حيث تغطي الجبال ثلثي أراضيها وتبلغ أعلى قمة فيها حوالي 3 آلاف متر. وتنتشر على هذه الجبال غابات معظمها صنوبري. وتُعتبر هايتي البلد الأفقر في الجزء الغربي من الكرة الأرضية وهي من بينالبلاد الثلاثين الأفقر في العالم، فلا يوجد فيها صناعات ولا مواد خام والزراعة متأثرة بالطبيعة الجبلية للبلاد. أما سياحياً، فالمردود قليل بسبب الضطراب الوضع السياسي مع أن الشعب هناك ودود مع الأجانب طمعاً بالنقود.

* جمهورية الدومينيكان‏
نبذة تاريخية وسياسية: منذ اكتشافها على يد كولومبوس عاشت الدومينيكان اضطرابات سياسية وحروباً أهلية وغزوات عسكرية كثيرة، البارز فيها هذا القرن احتلال البحرية الأميركية للبلاد عام 1916، بعد سلسلة من الحروب الأهلية، وكانت الحجة تأمين أراضي جديدة للسكر الذي ارتفعت أسعاره إبان الحرب الأولى. وتمالانسحاب الأميركي عام 1924 بعد هبوط اضطرابات سياسية واغتيالات وثورات مسلحة وتنافس كوبي - أميركي أوشيوعي - أميركي على الجزيرة إلى أن قامت الثورة الشاملة في 28 نيسان 1965 واستلمت الحكم. لكن الولايات المتحدة تدخلت بشكل سافر بحجة أن الثورة شيوعية، وغزا جيشها البلاد، ومن أجل التخفيف من حدة هذا التدخل، دعا الرئيس الأميركي جونسون بقية الدول الأميركية لإرسال قوات إلى الدومينيكان فاستجابت كل من البرازيل والباراغواي ونيكارواغوا وهندوراس وكوستاريكا. واستمر الاحتلال حتى عام 1966وبعد انسحابه دارت حرب عصابات وعمليات إنزال عسكرية بشكل دائم... وفي عام 1978 جرت انتخابات عامة حيث منع الجيش وصول المعارضة إلى الحكم، وتحت ضغط الولايات المتحدة وصل أنطونيو غوزمان إلى الرئاسة وهو قريب من واشنطن.

* الوضع البشري والجغرافي والاقتصادي: تحتل جمهورية الدومينيكان ثلثي جزيرة إسبانيولا لجهة الشرق. وتقع الجزيرة بين كوبا وبورتوريكو في بحر الكاريبي. وتبلغ مساحة الجمهورية 734,48 كلم. كما يبلغ تعداد السكان حوالي 7 ملايين نسمة معظمهم منعرق ممزوج بين الأسود والأبيض والقوقازي، وهم يدينون بالكاثوليكية بنسبة 95% ويتكلمون الإسبانية. أما العاصمة فهي مدينة سانتو دور مينغو، المدينة الأقدم في الكاريبي والتي بناها كولومبوس بنفسه، لذلك تتميز بمبانٍ أثرية جميلة، ويبلغ تعداد سكانها حوالي مليوناً ونصفاً.
تعتبر جغرافية الدومينيكان جبلية أيضاً ولكن ليس بمستوى هايتي، وفيها الكثير من الغابات وأراضي زراعة السكر وتعتبر السياحة صناعة هامة فيها، وهناك حركة تنشيط دائمة لقطاع السياحي لما يدره من أرباح. وتعتمد جمهورية الدومينيكان بقوة على زراعة السكر وتكريره وتصديره كما فيها مصنوعات غذائية متنوعة، وقد تم مؤخراً اكتشاف عدة مناجم للمعادن الثمينة.

* جامايكا
نبذة تاريخية وسياسية: اكتشف كولومبوس جامايكا عام 1494 وكان يسكنها هنود الآراداك، ثم وقعت الجزيرة تحت الاحتلال الإسباني الذي أباد معظم سكانها الهنود. وقدهاجم الإنكليز الجزيرة واستعمروها عام 1655 لتصبح تابعة للتاج البريطاني منذ ذلك الوقت. وقد حوجلت بريطانيا الجزيرة إلى مركز رئيسي لتجارة الرقيق حتى العام 1934.
وقد أصبحت جامايكا عضواً في اتحاد دول الهند الغربية واستمر كذلك حتى نالت استقلالها عام 1962 ولكن ضمن دول الكومونولث. وفي العام 1980 جرت انتخابات نيابية عامة في جو حرب أهلية. وفاز حزب العمال المحافظ برئاسة ادوارد سيغا الذي كان معارضاً منذ 7 سنوات. رئيس الدولة في جامايكا هو التاج البريطاني ويمثله حاكم عام يتعاون مع رئيس الوزراء الحالي ادوارد سيغا.

* الوضع البشري والجغرافي والاقتصادي: تعتبر جامايكا إحدى جزر الهند الغربية وتقع على مسافة 90 ميلاً إلى الجنوب من كوبا وعلى مسافة 100 ميل غربي هايتي. وتعرف مع بعض جزر الهند الغربية باسم جزء الأنتيل الكبرى. تبلغ مساحتها 10962كلم. ويبلغ تعداد سكانها حوالي مليونين ونصف مليون نسمة معظهم منالعرق الأفريقي ومنهم من العرق القاقازي والصيني، وهم يدينون بالبروتستانتية ويتحدثون الإنكليزية واللغة المحلية. أما العاصمة فهي مدينة كنغستون وهي المركز التجاري في البلاد.

تتميز طبيعة جامايكا بالجبال التي تغطي أربعة أخماس مساحتها، كما تتميز بجمال طبيعي ملفت ومتنوع وبغابات فيها أنواع كثيرة من الطيور، ويساعدها مناخها المداري ونسيمها البحري على اجتذاب السواح بشكل كبير.
بالإضافة إلى صناعة السياحة تنتج جامايكا السكر والفواكه المدارية كالموز والكاكاو وفيها كميات لا بأس بها من المعادن المختلفة.

* بورتوريكو
نبذة تاريخية وسياسية: اكتشف كولومبوس بورتوريكو عام 1493، واستعمرها الأسبان عام 1509، وقد حارب الأسبان الهجمات الإنكليزية والهولندية عليها... وبعد الحرب الإسبانية الأميركية عام 1898 تنازلت إسبانيا عن الجزيرة الإستراتيجية إلى الولايات المتحدة، وبالنظر إلى أهمية موقعها لمتتخل الولايات المتحدة عن السيطرة عليها،لذا فإن الجزيرة خاضعة حالياً وبصورة إدارية إلى الولايات المتحدة رغم كونها عضواً في الكومونولث وتتمتع بنوع من الحكم الذاتي... ويعتبر مواطنوها مواطنين في الولايات المتحدة لكنهم لا ينتخبون، ولديه مممثل بصفة مراقب في الكونغرس الأميركي.

* الوضع البشري والجغرافي والاقتصادي: تقع جزيرة بورتوريكو بين جزر العذراء الأميركية وجزيرة إسبانيولا وتبعد حوالي 1600 كلم عن مدينة ميامي الأميركية وهي أقرب مدينة أميركية لها، وتبلغ مساحتها حوالي 8700 كلم ويبلغ عدد سكانها 3 ملايين وربع مليون نسمة سوادهم الأعظم من العرق الإسباني ويحملون ثقافة إسبانية صافية برغم أنهم يتكلمون الإنكليزية بطلاقة. أما العاصمة فهي مدينة سان جوان التي يقطنها حوالي 800 ألف نسمة وهي مشهورة بخليجها الواسع. تغطي أراضيها جبال بركانية قليلة الارتفاع وتلفها سهول رسوبية ويتميز مناخها بالاعتدال سيما في الصيف. وبالنظر إلى الارتباط الإداري بالولايات المتحدة يعتبر الاقتصاد في بورتوريكو ناجحاً حيث يبلغ الدخل الفردي المستوى الأعلى من سائر دول الكاريبي، وتنشط السياحة في الجزيرة كمصدر آخر من مصادر الدخل القومي.