إعداد: ديما جمعة فواز

تجتمع الأسرة حول الشاشة الصغيرة، الجميع حاضر وينتظر!

الأم وابنتاها والخالة والجدة والجارة وبناتها.. ويمكن أيضاً للشاب ذي الأربعة عشر عاماً أن ينضم ويشاهد..
وطوال ساعة من الزمن، تتسمّر العيون على التلفاز لمتابعة أحداث الحلقة 85 والتي من المفترض أنها الأخيرة..
لطالما تأثّر أفراد الأسرة بأحداث المسلسل التركي المأساوية، أو ضحكوا للمواقف الطريفة. هم يعرفون الممثلين وشخصياتهم ويتوقعون ردات فعلهم ويتنبؤون بما يمكن أن يحصل في الحلقة القادمة: لا يصدقون أن فلانة يمكن أن تسرق أو أن فلاناً يضرب زوجته! هم يفهمون الطبيعة الإنسانية لكل شخصية ويتعاطفون معها. حتى أن الجدة لا تملك صبراً أن تدعو في كل حلقة على العم الشرير الذي يظلم بطلتها المفضلة!

طوال 85 حلقة من المسلسل اليومي، انتظمت حياة تلك الأسرة بناء على مواعيد العرض: لا خروج من المنزل، لا صخب أو حديث خلال عرض المسلسل. حتى أنه مسموح تأخير الدرس، وتأجيل الصلاة إذا صادف وقتها مع وقت البرنامج.

85 حلقة وكل حلقة عبارة عن ساعة زمنية أي ما يقارب الخمسة آلاف دقيقة أمضتها تلك الأسرة خلال الأشهر المنصرمة تترقب أحداث المسلسل! أقبل شهر رمضان ببركاته.. وانصرم، ثم لفّت عاشوراء بسوادها الحي الذي يقطنون فيه.. وولّت لياليها، بينما لم يسمحوا لأي مناسبة أو حدث أن يزحزحهم عن مشاهدة التطورات.

وبعد متابعة شيّقة للحلقة الأخيرة، حيث تتكلّل العلاقة الدراماتيكية بزواج البطلين، يظهر العم الشرير –الذي من المفترض أنه مات في الحلقة الماضية- رافعاً مسدسه ويصوبه إلى صدر العريس.. تتصاعد الموسيقى، وينقطع النفس.. لتظهر على الشاشة عبارة: ترقبونا في الجزء الثاني من المسلسل التركي!
وينظر أفراد الأسرة إلى بعضهم بعضاً بذهول، فتبدأ الجدة بالدعاء على المجرم كيف حرمهم الفرحة! وبعد لحظات من الصمت المطبق، تتذكر الأم طبختها على النار، أما الجارة فتسرع إلى منزلها.. بينما تتلفت الفتاة الصغيرة صائحة: الجزء الثاني مؤلف من 85 حلقة أيضاً؟!