نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

98% من علمائنا في مجال الطاقة النووية من الشباب‏

المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان في حديث حول الشباب الإيراني
حوار: محمد ناصر الدين‏


جميع الأطفال الذين ولدوا في عام انتصار الثورة الإسلامية في إيران أو قبله بسنوات قليلة وبعده أيضاً هم شباب إيران اليوم الذين يقاس عمرهم بعمر الثورة التي لم يشهدوا تفاصيلها أو شهدوها في عمر لم يسمح لهم بإدراك أبعادها وأهميتها واليوم بعد 26 عاماً على انتصار الثورة هل يحمل هؤلاء الشباب روحها وما هي نظرتهم إليها؟ كيف هي علاقتهم بجيلها وقيادتها؟ وما هي حقيقة ما يصوره الإعلام الغربي عن اهتمامات الشباب الإيراني ورؤيته لمستقبل إيران؟ وأسئلة أخرى أجاب عنها المستشار الثقافي السيد محمد حسين هاشمي في هذا الحوار.

* ما هو الدور الذي قام به الشباب الإيراني أثناء الثورة الإسلامية في إيران؟
الثورة الإسلامية في إيران قامت على أبناء إيران من الرجال والنساء والشباب الذين عاصروا فترة أواخر السبعينات منذ بداية عام 1977 عند اشتعال فتيل الثورة إلى عام انتصار الثورة عام 79 حتى العام 1981 مع بدء المراحل التي واجهتها الثورة كرد فعل القوى الكبرى على انتصارها بدءاً بالحرب العراقية الإيرانية والمؤامرات التي توالت للقضاء عليها، والتي عاصرها الجزء الكبير من الشباب آنذاك، ووقف وتصدى لها بكل شجاعة فكان ذلك العصر عصراً شبابياً. وقد أشار الإمام الخميني قدس سره إلى شريحة الشباب الذين استطاعوا بتضحياتهم أن يقفوا دون وصول القوى المعادية إلى مآربها وأهدافها بأنه لولا هذه الشريحة لكانت الثورة تعاني في داخلها ومن خارجها من الصعوبات الكبرى.

* ما هي المهمات والأدوار التي أوكلت إليه بعد انتصار الثورة؟
بعد انتهاء الحرب أعلن الإمام الخميني قدس سره عن جهاد البناء وهي عملية اقتضت مشاركة أبناء الشعب كافة والشباب الذي كان حاضراً للكفاح والجهاد والاستشهاد في الحرب توجه بعد الحرب إلى جبهات البناء في الصعد المختلفة من بناء اقتصادي وعسكري وثقافي وبدأت مقومات المجتمع الإيراني الجديد تظهر وبدأت المؤسسة الإيرانية كمؤسسة فاعلة وناشطة تتبلور وبدأت الدولة تبنى على أسس علمية عبر الترتيبات الوزارية والإدارية. ومع بدء جهاد البناء كانت هناك عملية أخرى أشار إليها الإمام الخميني قدس سره بعد انتهاء الحرب والعودة من جبهات القتال بمخاطبته الجماهير الثائرة أننا انتهينا من الجهاد الأصغر وعلينا بالجهاد الأكبر فبدأت عملية البناء النفسي إلى جانب البناء الاقتصادي والعسكري... وبدأت عملية بناء الجانب العقائدي في الشباب وهي عملية كبيرة جداً اهتمت بها القيادة الإسلامية فأنشأت المجالس الثقافية والتربوية وشارك فيها كل المهتمين بالشأن الثقافي في مشروع عقائدي أخلاقي لرفع المستوى الإيماني ولتكريس مفهوم التقوى في المجتمع الإيراني. وقد كانت توجهات القيادة أن تشمل عملية البناء الثقافي والفكري والأخلاقي والعلمي كامل المجتمع الإيراني دون استثناء. واهتمت الثورة بجانب التربية والتعليم وبدأ الجيل الجديد وجيل الشباب مشواره الثقافي والعلمي في ظل دولة إسلامية بعد أن تغيّرت المناهج التربوية والكتب والإعلام فأصبحت منطلقاتها إسلامية تدعو إلى الفضيلة وكل ما ينسجم مع العُرف الإسلامي العام. فلذلك كان الجيل الجديد ينمو في أجواء إسلامية وإيمانية مقبولة وبمنطلقات جديدة بعيدة كل البعد عن الانحرافات والتبعية للغرب، استطاعت فيها إيران أن تحقق إنجازات علمية مهمة جداً في كل المجالات وكلها على يد الشباب الجديد. ومنذ فترة وجيزة أعلن المسؤول عن الملف النووي في إيران أن 98% من خبرائنا وعلمائنا ومن يعملون في مجال الطاقة الذرية والشأن النووي أعمارهم ما بين 25 و35 سنة وهؤلاء من جيل ما بعد الثورة وتربوا بعد انتصار الثورة.

* كيف تعرّف جيل ما بعد الثورة على الثورة؟
كان انتصار الثورة في إيران أقرب إلى المعجزة لأنها أودت بنظام كان من الأنظمة القوية في المنطقة ومدعوماً من قِبل الولايات المتحدة الأميركية وذلك بفضل المجتمع الذي كان مميزاً بحركته التي استطاعت أن تقضي على النظام العسكري والأمني القوي واستطاع أن يبني نظاماً جديداً في إيران حاملاً معه المخزون الفكري والثقافي والديني. ومن الطبيعي أن ينتقل هذا المخزون إلى الجيل الأول من الشباب الذين لم يعيشوا أيام الثورة. وهذا الجيل الشاب عاش فترة التكالب الغربي الاستعماري ضد إيران وكان يحمل الذكريات والثقافة وكل هذا المخزون وينقله إلى الجيل الذي يليه ومن خلال التصاق الجيل الجديد (محور الحديث) بالجيل الأول ومن خلال معايشته للكثير من مظاهر هذه الثورة ومظاهر الحرب المفروضة بكل ما اشتملت عليه من تضحيات واستشهاد وجراح وإعاقات وأمراض وانعكاسات على العوائل والمجتمع الإيراني بكامله تعرّف على الثورة وعلى التضحيات التي بُذلت حيث لم تخلُ عائلة من أب شهيد أو أخ أو عم... ومن أب جريح أو أخ أو عم.. فشاهد بأم العين اليُتم والإعاقة والجرح وتعرّف على الأسباب من الوالد والأخ والأستاذ وفي البيت والشارع والمدرسة والجامعة فاتضحت له الصورة لما جرى في إيران. مظاهر الثورة بكل ما فيها من مفردات جسّدت للجيل الجديد تضحيات وشهادات حية ليستقرئ ما لم يحضره ولم يشهده، إضافة إلى هذه المظاهر كان للإعلام والسينما وغيرهما دور في تعريف الجيل على الثورة وعلى الإمام الخميني قدس سره وأهمية الإنجاز الذي حقّقه.

* يتعرف الشباب الحوزوي على الإمام الخميني قدس سره والثورة من خلال الآثار التي تركها الإمام قدس سره على الحوزة وفي الحوزة، ولكن كيف يتعرّف الشباب الجامعي عليه؟
الآن هناك دروس عن الثورة في كل فروع الجامعات وكلياتها وكتب وضعت عن الثورة والإمام قدس سره تدرّس إضافة إلى الدروس الأخرى وثانياً المحاضرات واللقاءات والندوات التي تعقد في الجامعات والنشرات التي تصل إليها في الشؤون المختلفة لها موقع خاص، وهناك ارتباط الوسط الجامعي مع الدولة واللقاءات التي يعقدها الشباب الجامعي مع المسؤولين ولقاءات القائد دام ظله مع الجامعيين بين الفينة والأخرى والتفاف الشباب حوله وجلوسه بينهم لساعات طويلة ليسألوه ويجيبهم ومن خلال الإعلام وإحياء المناسبات من ولادة الإمام إلى وفاته إلى الانتصار ومن خلال الكتب التي تركها الإمام أو كتبت عنه قدس سره وخصوصاً وصيته السياسية الإلهية في كل المكتبات الجامعية.

* كيف هي علاقة هذا الجيل بنهج الثورة المتمثل بالإمام الخامنئي دام ظله؟
مما يلاحظ بشكل كبير جداً هو اهتمام الإمام دام ظله بالشأن الشبابي فهو صاحب روحية شبابية كبيرة ويظهر ذلك في ما يمارسه من رياضة وأدب وما يمارسه في لقاءاته المتواصلة مع الشباب ومع المتفوقين في كل المجالات... فيدعمهم ويساعدهم ويشكّل لهم غطاءً شخصياً، وله نظرة فنية ثاقبة إن كان على مستوى الموسيقى أو المسرح أو السينما أو الأدب فعندما يلتقيهم يحدثهم وكأنه متخصص في شأن كلٍّ منهم وعندما يخرجون يتحدثون عن القائد ووجهات نظره في القضايا المختلفة، وهو أديب وشاعر وكاتب وهو عندما يتحدث بالفارسية يخرج كلامه في سياق أدبي رائع جداً والأدباء القوميون وبعضهم معارضون للجمهورية الإسلامية منبهرون بتفوق القائد وأدبياته، وهذه الخصائص التي انفرد بها القائد دام ظله تجعله شخصاً محبوباً في الوسط الشبابي وشخصية جذابة لديهم لذلك أستطيع القول أن السيد القائد ملتفت إلى الشباب بأشكال متعددة عبر اللقاءات التي يبثها التلفزيون والحوارات بينه وبينهم أو غيرها من الأشكال. إضافة إلى ذلك هناك حركة مهمة يقف وراءها الإمام القائد الخامنئي دام ظله وهي حركة ونهضة توليد الفكر والعلم لا تكرار العلوم وهو شخصياً يهتم ويشرف على هؤلاء بين الفينة والأخرى وله لقاءات بالأساتذة والجامعيين والمتخصصين والمبدعين ويشجعهم بشكل متواصل.

* ما هي حقيقة ما يصوّره الإعلام الغربي عن أن الشباب الإيراني غير منسجم مع القيادة؟
نحن لا نتوقع من الإعلام الغربي أن يمتدحنا والإمام الخميني قدس سره يقول: إذا امتدحنا الغرب فينبغي أن نشك في مسيرتنا. ولكن أشير إلى أنه رغم أن جلَّ الشباب الإيراني مثقَّف إلا أنه يوجد في أوساطهم من له تطلعاته وأفكاره، وللرد على ذلك أشير إلى أن ثلث المجتمع الإيراني هو من الشباب بين 15 و22 سنة وحوالي النصف بين 15 و35 سنة وهذه الشريحة نراها تلبي أي دعوة من القيادة للمظاهرات أو التجمعات المليونية رغم الحر أو البرد لإطلاق الشعارات القوية وهذا الحضور يعني أن هناك تواصلاً بين القيادة والقاعدة، بين القائد والأمة، إضافة إلى ذلك أن حضوره في المجالات العلمية وبأعداد هائلة في الجامعات حيث يبلغ عدد المتقدمين للجامعة سنوياً حوالي 1,5 مليون شاب وفتاة هو نتيجة الإصرار والحرص من القيادة ليدخل الشباب إلى العملية العلمية والتربوية وهذا بذاته شكَّل عامل جذب لهؤلاء الشباب للقيادة الإسلامية. وإذا نظرت إلى صورة الوضع في إيران تجد الشباب يقف إلى جانب تطلعات هذا البلد وقيادة هذا البلد لأن البلد يعيش عملية سياسية متواصلة، وما تصبو إليه القيادة هو في الواقع مطالب شعبية لأن القيادة الإسلامية هي قيادة جماهيرية قبل أن تكون سياسية.

* هل هذا يعني أن الشباب بكامله إلى جانب القيادة؟
الحديث عن جيل الشباب الإيراني وتوجههم العام لا يعني أنه ليس في إيران تطلعات أخرى كما في كل البلدان، فهناك شباب لم يخضعوا للتربية والثقافة الإسلامية فهناك من تعلَّم في دول أخرى وعاد إلى إيران ومنهم من هم في إيران ولكنهم يعودون إلى عوائل تعيش إرثاً ثقافياً معيناً وهذا ما لا ننكره فإيران قارة من حيث المساحة وفيها حوالي 70 مليون نسمة ولا يُتوقع أن يكون كل هؤلاء أو جلُّهم ممّن أشرت إليهم إنما المهم أن تكون النخبة المفكرة والعاقلة هم من المؤمنين بالثورة وبهذه الدولة التي تقود الجبهة الثقافية وكل الجبهات. أما داخل المجتمع فهناك أوساط شبابية البعض منها منحرف أو مقلِّد للغرب أو غير متعلِّم وهم قلّة لأن الأمية في إيران أصبحت متدنية جداً حيث كانت نسبتها 45% في عهد الشاه أما الآن فتتراوح بين 5 و8% نتيجة البناء التربوي الذي حصل بعد الثورة وهذا ما أخذ بالجمهور ليقف إلى جانب الثورة لذلك ترى أن جل المجتمع الإيراني المتعلّم يقف إلى جانب الثورة وترى أن من يشكّل المعارضة في القضايا هم ممّن تعلّموا في الجامعات الغربية أو من السياسيين المتغرّبين الموجودين في إيران.

* يقول الإمام الخميني قدس سره: "إننا لا نخشى المحاصرة الاقتصادية ولا الغزو العسكري، إنما خوفنا من التبعية الثقافية..." هل ما يحصل اليوم من بعض الشباب هو ما كان يقصده الإمام قدس سره ويحذِّر منه؟
ما تفضّل به الإمام قدس سره هو الواقع والإمام قدس سره كان يدعو إلى الانفتاح ولكن ليس بالمعنى السلبي للانفتاح، وهو كان منفتحاً عندما دعا للثورة ومجدداً عندما دعا للتجديد ومتحضراً عندما دعا للحضارة وللمدنية وعندما أقام نظاماً جمهورياً إسلامياً ونحن في ظل دخول الغرب على الخط الثقافي ليس لدينا أي وسيلة لحفظ مجتمعاتنا سوى تحصينها فكرياً وثقافياً وعقائدياً ونحن نشهد محاولات جادة من الغرب والغربيين للتأثير ثقافياً وموضوع العولمة الذي طُرح أخيراً مهم جداً ولكننا كمسلمين وكأمة ذات حضارة نريد لأنفسنا أن تكون ذات مواقع صلبة في مواجهة هذه العولمة وإلا نصبح كالقطيع العالمي الذي يقع ضحية العولمة الثقافية الغربية. نحن انطلاقاً من الجمهورية الإسلامية نعمل وبجد ليكون موقعنا متقدِّماً في الشأن العالمي ثقافياً وعلمياً وعملياً حتى نستطيع أن نكون ذوي تأثير لا متأثرين فقط، نحن لا نريد أمركة الثقافة فنحن نأخذ من أمريكا ما هو جيد ونرفض ما هو سيئ ونحن لدينا الشي‏ء الكثير من الخير لنعطيه لأمريكا وللدول الأخرى.

* يرتبط الحديث عن الشباب غالباً برغبته في التغيير، ماذا يريد الشباب الإيراني أن يغيِّر؟
لا بد من التوضيح أولاً أن ما حصل في إيران كان تغييراً جماهيرياً بقيادة الإمام الخميني قدس سره وكانت الانطلاقة الجماهيرية شبابية في واقعها وعنصر الشباب هو الذي أحدث التغيير الأساسي وهو الذي أراد أن يكون النظام إسلامياً. فالتغيير لم يحصل اليوم بل حصل منذ إسقاط نظام الشاه وما زال، فالجمهور متحمّس للإصلاح والتجديد والتغيير نحو الأفضل، هذا التغيير يحصل عبر العملية السياسية المتكاملة في إيران فالجمهور الإيراني يقوم بالتغيير من خلال ما نشاهده في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية للتجديد في الخطاب وهذا التجديد دائماً هو أمرٌ ذاتي ولكنه تحت سقف الجمهورية الإسلامية وفي ظل القيادة التي فتحت الساحة على أبوابها الواسعة أمام الجمهور الإيراني لكي يتطوّر ويتغيّر ويجدد خطابه، وقد حصل أكثر من مرَّة أن الهيئة المشرفة على الانتخابات فتحت المجال لشخصيات سياسية ذات توجهات قومية ولكن الجمهور لم ينتخبهم وأصبح واضحاً أن هؤلاء لا قاعدة لهم داخل الجمهور الإيراني وأثبت الشباب أنهم يريدون الخط الإسلامي راعياً لهم، وإن كان هناك تعدُّد في المشهد الثقافي في إيران والمشهد الاجتماعي والفكري حيث توجد الجاليات المتعددة من المسيحيين واليهود والزردشت إضافة إلى الكثير من العوائل السابقة الشاهنشاهية أو المنتفعين من النظام السابق وكل أولئك ثقافتهم غير إسلامية ومنهم ثقافتهم غربية فأولئك موجودون داخل المجتمع الإيراني ولكن هذا المشهد لا يشكل شرخاً داخل المجتمع وهؤلاء نسبتهم لا تشكّل شيئاً كبيراً ولا يخرجون عن الإطار العام.

* هل يعيش الشباب الإيراني مفهوم الحرية بشقيها الفكري والسياسي في ظل النظام الإسلامي؟
يوجد في إيران توجهات متعدّدة وسقف مفتوح على مستوى العلم والفكر حيث لا رقابة على الفكر والعلوم سوى أن تشكّل الثقافة هتكاً لحرمة الأديان المتعددة أو ترويجاً لما هو خارج عن العُرف أو الآداب الإنسانية العامة، ومن مظاهر الانفتاح معرض الكتاب الدولي الذي يقام سنوياً في إيران وتشارك فيه أكثر من مئة مؤسسة عالمية تأتي بجُلِّ كتبها حيث لا رقابة على أي كتاب، كذلك ينسحب هذا الأمر على السينما والموسيقى وغيرها من مفردات الثقافة، وهذا الانفتاح يسري إلى التعدد في وجهات النظر في الشأن السياسي والاقتصادي والثقافي والتي تشكّل الجامعة أحد منابعها ومصدراً للإشعاع الفكري والعلمي والثقافي ويكون بعض الإشعاعات خارج الإطار الفكري الذي تؤمن به الجمهورية الإسلامية ومع ذلك لا يقف المسؤولون في وجه هذه التوجهات وهناك توجهات في الحوزة العلمية أيضاً مختلفة في الرأي في قضايا فكرية متعددة وكذلك في الوسط الثقافي والإعلامي. وموضوع الحريات في إيران مطروح منذ انتصار الثورة وهو موضوع أساسي ومهم جداً في الوسط الإيراني، وموضوع الحريات يدخل في إطار جمهورية النظام التي تعني أن الشعب حر في الانتخاب والاعتقاد في الإطار الذي تضعه الجمهورية الإسلامية فالقصد أن هناك هذه التوجهات إن كان في مجال الحريات أو ما يُطرح في موضوع حقوق المرأة وإن حققنا بعد انتصار الثورة حضوراً هاماً للمرأة معنوياً وفعلياً حيث توجد نساء في التعليم الجامعي ورئاسة الجامعات وفي المناصب الحكومية والبرلمان وأصبحت المرأة فاعلة في الشؤون العامة، إذاً هذه التوجهات هي المفردات الأولية للتغيير والتطور الحاصل في إيران وإذا لم يكن هناك تعدُّد في الفكر والنظر لا يحصل أي تطوّر أو تقدم في المجتمع، وإيران اليوم هي بحاجة لهذه التعددية لتستطيع مواصلة مسيرتها ولتتواصل مع العالم ومع التطورات العالمية في المجالات المختلفة.

* ألا يدعو هذا الانفتاح للقلق؟
الانفتاح على الفكر والثقافة بكل أنواعها لا يشكل خطراً بل الخطر أن لا نحصِّن مجتمعنا أمام كل هذا، فهناك تحصين ثقافي متواصل في إيران حقّق نجاحاً كبيراً وينبغي أن يحقق في المستقبل نجاحاً أكبر وإلا نحن أمام هذه الهجمة بدون تحصين ولا فائدة من أي أمر آخر.

* الحرية الفكرية والانفتاح وحضور المرأة في الساحات كلها من مظاهر الحرية والتعددية ولكن ما سبب مطالبة بعض الشباب بالحرية حيث أن مجرد مطالبتهم بذلك يوحي بأنه لا وجود للحرية؟
عادةً هذه الصورة تعكسها وسائل الإعلام الأجنبية التي لا تضمر للجمهورية الإسلامية والإسلام خيراً، وأسأل ما هي سمات قمع الحرية؟ فإذا كان هناك بعض الصحف في إيران أُغلقت أو أن البعض أُخذوا إلى المحاكم ما الضير في ذلك؟ ففي إيران يوجد قانون للصحافة مثلاً وهذا القانون مصدّق في البرلمان المُنتخب من الشعب وتطبّقه وزارة الثقافة والإرشاد والذي يتخطى جوانب هذا القانون يُحاكم في المحاكم المختصة، وفي إيران 127 مجلة وصحيفة يومية وإذا كانت واحدة أو اثنتان تعملان خارج الإطار العام والقانون فتُعاقبان فيترك الإعلام الغربي 125 صحيفة تصدر ويتوجه إلى الصحيفتين فيجعل منهما قضية كبرى ويتحدّث عن الحريات في إيران أنها في خطر وعن قمع الحريات، هذا ما يحصل والآن الحرية مُتاحة لكل الصحافيين ومنذ مدّة وجيزة التقى الرئيس خاتمي جمهور الشباب في الجامعة وبثَّ اللقاء القناة التلفزيونية الأولى وهاجمه بعض الشباب بأنه لم يستطع أن يحقق ما أعلنه من أهداف وخاطبه آخر أنه لا يوجد حريات فردّ عليهم السيد خاتمي: تشتمون وتهاجمون رئيس الجمهورية وجهاً لوجه وتقولون بأنه لا يوجد حريات في هذا البلد! كل هذا والإعلام يعكس المشهد مباشرةً، والجامعات اليوم تشهد محاضرات ولقاءات طلابية وسياسية وبعضها مخالف مئة بالمئة ومع ذلك تواصل نشاطها بكل حرية أما إذا وصلت إلى العنف مثلاً فمن الطبيعي أن يتصدى النظام لمنعها عندها يحضر الإعلام المعادي ليعرض الموضوع على أنه قمع للحريات.

* ماذا أراد الإمام قدس سره من الشباب وكيف أراد أن يكون؟
الإمام كان دائماً يوصي الشباب بتقوى اللَّه وكان يؤكد أن الشباب عندما يكون متقياً يستطيع أن يحمل لواء هذه الأمة والثورة والإسلام وأن يكون متقدماً في مواقعه وفي مواجهة الأعداء، وأن يكون اللَّه نصب عينيه لتكون مسيرته في الطريق القويم والمستقيم التي أرادها اللَّه سبحانه وتعالى، وهناك وصايا وتوصيات كثيرة في الأخلاق والتدين وتحصين النفس أمام مغريات العصر المادي المحض، وتحذيره من موضوع الالتقاطية. وكان قدس سره له تعابير خاصة ولطيفة عن الشهيد حسين فهميدة الذي لم يبلغ 17 سنة حين قال عنه أن قائدنا هو ذلك الشاب الصغير الذي فجّر نفسه بدبابة معادية أتت لتقضي على النظام الإسلامي في إيران وقصد الإمام أن يتحلى الشباب المسلم بالشجاعة والإيمان الراسخ وكأني به يشير إلى كل الشباب الناشط والمؤمن الذين ضحوا بأنفسهم والذين هم على خط الإيمان والجهاد سواء كانوا في لبنان أو إيران أو أي أرض عربية أو إسلامية ويشيد بهم ويشد على أيديهم، والإمام ما زال حياً في نفوسنا وقلوبنا وإن شاء اللَّه النصر سيكون حليفنا بإذن اللَّه.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع