نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أبطالها الشاهدون والشهداء..أجمل قصص تؤرخ للمقاومة

ميساء شديد

 



كثيرة هي كتب التاريخ التي تروي صفحاتها أحداث الماضي منذ العصور القديمة إلى الوسطى، مروراً بالعهود الرومانية والفارسية والعثمانية وصولاً إلى زمن الانتداب والاستقلال، وأكثر منها تلك التي تحكي حياة شخصيات تاريخية تركت بصماتها عبر الزمن، فكان لا بدّ وأن تترسخ وفقاً لما ارتأته المناهج التربوية في عقول الأجيال منذ سنيهم الأولى وحتّى تخرجهم من الصفوف العليا. هزائم وانتصارات، معارك وحروباً، جسدتها كتب التاريخ فظلت في ذاكرتنا على الدوام، وأخرى يُخشى عليها من النسيان، ومن الضياع، في زمن الغزو الثقافي والحروب الإعلامية الهادفة إلى "إلغائنا" وإلى التعتيم على ما أنجزته أيدٍ باسلة وقلوبٌ طاهرة، من انتصارات متتالية، خلال حقبة تاريخية مشرِّفة يجدر تأريخها، أو على الأقل ترجمتها إلى كلمات صادقة تنبع من القلب لتصل إلى نفوس الأجيال فتختلط بدمائهم وتنطبع في أذهانهم، ليتوارثوا أباً عن جد المسيرة الجهادية للمقاومة الإسلامية، لأسراها وجرحاها، لقادتها الشهداء، لبلدات وقرى شاهدة على همجية عدوٍّ مغتصب وعلى عزيمة مقاوم باسل، وشهيدة قدمت أبناءها من أجل تحقيق حرّية عجز عن تحقيقها قادة، ملوك، رؤساء ومجالس دولية.

من هنا، إنطلقت الفكرة من قبل الوحدة الثقافية المركزية في حزب اللَّه، التي أخذت على عاتقها إطلاق مسابقة أجمل قصص حول الأسرى والجرحى والعلماء الشهداء والقرى الشاهدة والشهيدة، شارك فيها أشخاصٌ اختلفوا وتنوعوا مناطقياً وجغرافياً، واجتمعوا على ما هو أكبر من الحدود، على تخليد ذكرى من رحلوا ونقل تجارب من أسروا وجرحوا في سبيل وطنٍ وأرض غالية من خلال قصصهم التي "تدخل في إطار ملف الأدب المقاوم" كما يفيد الشيخ محمد حمادي الذي حدّد أهداف المسابقات التي أشرف عليها بجملة أمور تمحورت حول "ضرورة توثيق التاريخ الجهادي بلغة أدبية ونقله إلى الأجيال القادمة بأسلوب مؤثر" وحول "الحاجة إلى فتح المجال أمام أصحاب الإمكانيات من أجل إبراز طاقات المحترفين من المشاركين. والعمل على مساعدة هؤلاء، الذين يمتلكون الإمكانيات الفنية ولكنهم يفتقرون إلى المعطيات الموثقة". ويؤكد حمادي على أن من شأن هذه الأنشطة "تشكيل اللبنة الأساسية لترسيخ حركة الأدب المقاوم التي بقيت لفترة من الفترات نتاج مبادرات فردية خجولة".

* معايير اختيار الفائزين:
ككل عمل أدبي أو فني لا بدّ وأن يخضع لجملة معايير، عملت على تطبيقها، في المسابقات المذكورة لجنة مؤلفة من ثلاثة أعضاء من الاختصاصيين في مجال الأدب واللغة الذين "قرأوا النصوص بشكل منفرد فوضع كلٌّ منهم تقريره ثم اجتمعوا مع اللجنة المنظمة فتمَّ تبني ما اتفق عليه وتداولوا حول ما كان موضع اختلاف في وجهات النظر" كما يؤكد د. عبد المجيد زراقط أحد أعضاء اللجنة التي "استندت في اختيار الفائزين إلى شروطٍ تتعلق بنوع الكتابة وحجمها وموضوعها من جهة، وأخرى مرتبطة بخصائص النص ومنها سلامة اللغة والجمالية الأدبية والدلالات التعبيرية". وحول أهمية هذه المسابقات يؤكد د. زراقط أنها: "تفيد في اكتشاف الموهوبين ورعايتهم وتؤرخ وتعرِّف بالأسرى والشهداء، كما أنّها تكتب ما يجسِّد وجدان الأمة بلغة أدبية مفيدة وممتعة تسهم في تكوين الشخصية الإسلامية من خلال تقديم نماذج حيّة لها" متمنياً "أن يرقى الأدب المقاوم إلى مستوى الحدث التاريخي المقاوم من خلال العمل على تشجيع مثل هذه الكتابات".

* المشاركون:
نغم ناصر، أ. سعيد أبو نعسة، د. فؤاد مرعي، فاطمة القرصيفي من سوريا وفلسطين ولبنان شاركوا في المسابقات مدفوعين بحسِّهم القومي، وعرفاناً بالجميل لصنيع مقاومة شريفة يعتز بها كل عربي أيّاً كانت هويته. منهم من سبق له الكتابة وقام بإصدار أعماله ومنهم من فتحت أمامه المسابقات باباً لاكتشاف موهبة وتسليط الضوء عليها بعد أن كانت مخفية، وهم ممن فازوا بالمراتب الأولى في القصص التي كتبوها. نغم ناصر من سوريا، التي شاركت في مسابقة أجمل قصة عن الجرحى والعلماء الشهداء والقرى الشاهدة والشهيدة، تعتبر الكتابة "طريقاً يوصلها إلى الحقيقة التي تجسِّدها المقاومة وأبطالها" وهي ترى أن أهمية هذه المسابقات "تكمن في توعيتها الشباب حول الالتفات إلى خطورة المرحلة الراهنة في زمن العولمة" الذي تصفه ب"زمن الحق الضائع" الذي تمر به الشعوب المستضعفة، "وإلى إمكانية ردع الخطر المحدق بالمقاومة ضد الاحتلال بأشكاله كافة". وتتابع نغم أن مشاركتها الأدبية "قدّمت لها فرصة للمشاركة في النهج النضالي، فالكتابة عن المقاومة ليست هواية إذ أن الهواية على حدَّ تعبيرها ما يمارسه المرء في أوقات فراغه بينما المقاومة جزء لا يتجزأ من شخصية المرء، تتجسّد في أفكاره وسلوكه الذي يرافقه طيلة حياته بالساعات والأيام". كتبت نغم "ياسمين الجنوب" عن أجمل قصة أسير، و"رحلة في ثنايا الروح" عن سيرة السيد عباس الموسوي ومن الملفت أنّها كتبت لفئة القرى الشاهدة والشهيدة قصتها "ذاكرة التراب" عن قرية "بنت جبيل" الجنوبية وهي لم تزرها، وذلك "عربون محبة ووفاء مني لبنت جبيل وأبنائها المقاومين الذين حملوا المقاومة أمانة وأحسنوا حفظها" على حدِّ قولها.

نغم ليست الوحيدة التي تناست الحدود متحدثة عن قرية لا تنتمي إليها جغرافياً، فسعيد أبو نعسة فلسطيني، أستاذ لغة عربية تحدث في قصته "بنت الرماد" عن قرية "حانين" التي "لم يجد صعوبة في الكتابة عنها بالرغم من عدم معرفته بها" فهو الذي كتب "أغلى من الذهب" عن قريته الأم "عين ماهل" في قضاء الناصرة التي لم يولد فيها، إلاّ أنّها تجسَّدت أمامه "بزواريبها" وبيوتها وحقولها من خلال أحاديث الأهل عنها فكان ينقل على الورق ما يراه في عيون أهله من حنين وشوق إلى تراب الوطن. إلى جانب "بنت الرماد" كانت لأبو نعسة مشاركة في أجمل قصة جريح "وشم على كتف الجراح" وأجمل قصة أسير "على شفير الحياة"، ويؤكد أن "المشاركة تندرج في إطار قناعة أولاً، لأن الدم واحد والقضية واحدة لا تتجزأ". وطالما أن "العدوّ واحد والهدف واحد فلا بدّ للحبر أن يكون واحداً أيضاً" ووفاءً ثانياً، لمن "شاركنا بالدم من أجل القضية الإسلامية الواحدة". ويشدد الكاتب الفلسطيني على "أن الدعم المعنوي الذي قدِّم إليه خلال مشاركته وصدق التوجه والعزم على تحرير الأقصى والمقدسات عند حزب اللَّه أشعره بأنّه ليس وحيداً على الساحة اللبنانية بل وسط غابة من الأقلام الصادقة الهادفة والملتزمة". "تجربتي كانت فرصة للتعبير عن مرحلة تاريخية عشتها بشكل مباشر أو غير مباشر" بهذه الكلمات عبّر د. فؤاد مرعي، الطبيب اللبناني والكاتب الذي خاض مجال الأدب منذ سنوات فكانت له مقالات في الصحف اللبنانية وإصدارات متعددة. أمّا ضمن المسابقة فشارك د. مرعي في أجمل قصة عن العلماء الشهداء، متناولاً شخصية قائد حركة المقاومة السيد عباس الموسوي في فترة مهمة من تاريخها بالإضافة إلى ظروف استشهاده وفي أجمل قصة عن القرى الشاهدة والشهيدة كتب قصة تحدث من خلالها عن قريته "الخيام" التي شهدت أبشع أنواع الظلم والتعذيب من خلال معتقلها، وأصدق أوقات الفرح وأجملها يوم التحرير في أيار 2000. ويؤكد مرعي على "ضرورة الاهتمام بتنشيط حركة الأدب المقاوم ودعم الكتاب من القدماء والجدد لاحتضان مواهبهم والعمل على رفع مستوى كتاباتهم خصوصاً وأن تلك المسابقات "تقدّم مساهمة على صعيد التثقيف ونشر الوعي الفكري والسياسي والديني والأخلاقي، وتلقي الضوء على مسيرة حركة المقاومة الإسلامية وتؤرخ لمحطات بارزة في تاريخها".

أما فاطمة القرصيفي ابنة البقاع دبلوم لغة عربية فكانت لها تجربة في مسابقة أجمل قصة أسير وأجمل قصة عن القرى الشاهدة والشهيدة شاركت فيهما نتيجة تجربة سابقة في الكتابة. وهي إن شاركت في "القرى الشاهدة والشهيدة" فلأنها رأت في أرض الجنوب الصامدة والشامخة شبهاً كبيراً مع كربلاء الحسين عليه السلام فكتبت "نبض الأرض" متحدثة فيها عن ميدون "الصغيرة جغرافياً في قاموس البلد... العظيمة في سجل الانتصار والتي تفخر كل ذرة من ترابها بأنها لفظت المحتلين" على حدِّ قول القرصيفي التي أكدت أن ما كسبته يتخطى الماديات فهي "فخورة بمشاركتها في حفظ وتوثيق جهاد المقاومة الإسلامية" متمنية أن تكون فائدتها الأولى والأخيرة لخط محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله بالإضافة إلى "نبض الأرض" لفاطمة مشاركة أخرى كانت حول أجمل قصة أسير بعنوان "عودة فارس" تناولت فيها حياة الأسير المحرر محمد عباس البرزاوي. وتشير فاطمة إلى أهمية الجهاد في زمن غيبة الإمام الحجة عجل الله فرجه وتتابع "وبما أنه يوجد على الثغور أبطال يرفعون راية لا إله إلا اللَّه فحري بمن لا يستطيع أن يجاهد بالسلاح أن يجاهد بالكلمة ويحفظ جهاد المقاومين ضمن هذا الحقل الأدبي". قصصٌ عن "بنت جبيل"، "حانين" و"الخيام" وأخرى عن أسرى وجرحى وعلماء شهداء، دخلت ضمن إطار مسابقة ترسِّخ الأدب المقاوم، إلاّ أنّها تندرج تحت عنوان "كي لا ننسى"... كي لا ننسى شهداء بذلوا مهجهم في سبيل تحرير أرض، كي لا ننسى أسرى ذاقوا أمرّ أنواع العذاب وأشدِّها لنعيش بسلام وطمأنينة، كي لا ننسى جرحى أصبحوا عاجزين لنبقى أقوياء وأصحاء، وكي لا ننسى حقبة تاريخية لمقاومة أثبتت أهمية الجهاد والاستشهاد في الطريق نحو تحقيق الحرية.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع