نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مجتمع‏: كيف أنجح في عملي؟

هنادي سلمان‏

 


كيف الشغل؟ "ماشي الحال"، إنه الرد الذي بالكاد نسمعه عندما نسأل أحداً ما عن عمله. فهل تساءلنا يوماً عن سبب هذه الروحية المتشائمة واليائسة التي نتعاطى بها مع أعمالنا؟ ربما هي ضغوطات الحياة اليومية، وربما هي أسباب أخرى، ولكن المهم أن النتيجة ستنعكس على عملنا لتجعل منا أشخاصاً سلبيين، نرى العمل قيداً وسجناً نذهب إليه بإرادتنا صباحاً ونتحرر منه بعد الظهر... مما يعيق أي تطوير أو تنمية ننتفع بها وننفع الآخرين.

* أهمية العمل في الإسلام:
لقد قدس الإسلام العمل وكرم العاملين والمنتجين واعتبر العمل شرفاً وجهاداً وصورة معبرة عن ذات الإنسان واستعداداته. فالبعمل يؤدي الإنسان رسالته الإعمارية في هذه الأرض، وبالعمل يتطابق مع دعوة القرآن الكريم إلى الإعمار والإصلاح ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا(هود: 6) وانطلاقاً من هذه الدعوة راح الإسلام يحث على العمل ويحارب الكسل والاتكالية ويدعو إلى الجد وبذل الجهد من أجل تحصيل الرزق والانتفاع بطيبات الحياة ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ(الملك: 15) ويدعو الناس إلى أن يكونوا ايجابيين يتمتعون بالجد والنشاط ليفيدوا ويستفيدوا وكره لهم الحياة السلبية والانكماش والانزواء عن العمل، الذي هو، وإن هان، شرف للإنسان وكرامة وخير له من أن يسأل الناس ويعيش كلاً عليهم(1).

* محبة العمل سر نجاحه:
إن الروحية التي نؤدي من خلالها عملنا هي العنصر الذي يتوقف عليه مدى نجاحنا فيه وإتقاننا له. ومحبة المهنة هي عامل أساسي في نجاحها وتطورها، هذا ما أثبتته التجارب العملية وأكدته الأبحاث الميدانية التي قارنت بين نتائج من يمارسون المهنة بروحية الوظيفة ونتائج من يعيشون المهنة بروحية الرسالة. إن نجاح العمال لا يكتمل إذا لم يشدهم إلى مواضيع أعمالهم رابط المحبة. قد يأتون بأعمال تعجب وتدهش ولكنها لا تدوم وتخلد تماماً كالفرق بين رعاية المربية والأم. فقد يخضع الطفل لرعاية مربية ماهرة تملك كل عناصر العلم والخبرة التي تتفوق بها على الأم، ولكنها لا تستطيع القيام بدور الأم مهما اتقنت عملها فعاطفة الأم وحنانها عنصران جوهريان في نمو الطفل الطبيعي(2).

* المحبة وحدها لا تكفي‏
إذا ما أحب الإنسان مهنته أو عمله أتقنه وجاء به على أكمل الوجوه وأتمها وهذا هو ما أمرنا اللَّه سبحانه وتعالى به فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله أنه قال: "إن اللَّه تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه". وعن الإمام الصادق عليه السلام يقول بأن المطلوب من العامل "ثلاثة خلالٍ يجتلب بها المكسب وهي أن يكون حاذقاً بعمله، مؤدياً للأمانة فيه مستميلاً لمن استعمله"(3) فالإتقان إذاً مع الأمانة هي من الأمور التي أوجبها الإسلام على كل عامل، مهما كان عمله. والمحبة والإخلاص شرطان متلازمان لتحقيق النجاح في العمل فإذا أحببت عملي كنت مخلصاً له، لا أَسام منه ولا أتضجر، فمن تكاسل لم يؤدِ حق عمله ومن ضجر من شي‏ء لم يصبر عليه وهذا منافٍ لما دعا إليه الإسلام وحث عليه.

* خطوات ونصائح لازمة:
إن البعض قد يكون الحظ قد أوجده في مكان لا يرضى عنه وبين أشخاص لا يتوافق وإياهم فكرياً واجتماعياً أو في مجال عمل لا يرضي طموحه، فكيف سيحب شيئاً أو عملاً لا يحقق له الكثير من الأماني والأحلام، لذلك يمكن اتباع هذه النصائح التي تقربنا شيئاً فشيئاً من أعمالنا متبعين قاعدة "إذا لم يكن ما تريد فأَدِّ ما يكون" طبعاً حتى نستطيع التعاطي مع الأشياء بطريقة أكثر ايجابية:

1- أن ننوي أعمالنا قربةً إلى اللَّه سبحانه وتعالى، ولنكن على ثقة بأن اللَّه سيجزينا الثواب والأجر وسيقبل هذا العمل﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه (الزلزلة: 7).

2- التفكير بأن هذا العمل هو سبب شرفنا واستقرارنا وعدم احتياجنا للآخرين فهو الذي يقينا من مد يد العوز، ومن الفقر أيضاً ولو كان الأجر المالي قليلاً. فعن الرسول صلى الله عليه وآله أنه قال: "إن النفس إذا أحرزت قوتها استقرت"(4).

3- إن عملنا هو ضرب من ضروب العبادة وهو تحقيق لإرادة الباري عزَّ وجلَّ ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ (الجمعة: 10) بل هو كالجهاد أحياناً، فعن الإمام الصادق عليه السلام قوله: "الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل اللَّه"(5).

4- إن الخمول أو الكسل قد يحجبان عنا الكثير من المنافع والفوائد خلال عملنا والتي نستطيع أن نحققها، في حين أن حبنا لأي عمل يدفعنا إلى تطويره وتحسينه ويفسح المجال لأفكارنا للإبتكار والانتاج بما يتلاءم مع طموحاتنا وأهدافنا.


 (1) القرشي، باقر شريف، العمل وحقوق العامل في الإسلام، ص‏126 125.
(2) المعلم والتربية: د. محمد رضا فضل اللَّه، دار أجيال المصطفى، ص‏35 - 34.
(3) الحراني، الحسن بن علي، تحف العقول، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ص‏237.
(5)(4) العمل والانتاج في الإسلام، مؤسسة البلاغ، ص‏89 88.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع