نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

في رحاب بقية الله: القدس في حركة المهدي عجل الله فرجه

د.بلال نعيم


كانت الأرض تغمرها المياه، ويحيط بها السكون وتلفها الغياهب، ثم راحت تطل قطعة قطعة إلى السطح نافضة عن بعض أطرافها البلل، لتصبح بعض مناطقها اليابسة ويبقى الجزء الأكبر مغموراً بالماء، ولقد كانت لبعض الأصقاع الأسبقية في الإطلالة على الحياة والبروز إلى عين الشمس، فكان أول ما برز من الأرض مكة ومحيطها ثم تلتها كربلاء ومحيطها، ثم كانت القدس ومحيطها ولم يكن عبثاً هذا التدرج في الإطلالة ولم يكن كذلك الاختيار، لأنها أفضل بقاع الأرض على الإطلاق.

* أهمية القدس:
إنها ثالث الأمكنة المقدسة في عموم الأرض، لكنها الأولى من بعض الجهات، كعلاقتها بالأنبياء عليهم السلام والرسالات وكمظلوميتها وابتلائها باليهود عبر العصور، ويمكن القول بأن للقدس ميزة خاصة على باقي المحال والأمكنة بأنها مقدسة لدى جميع الديانات فقد ترى أرضاً يقدسها المسلمون وأخرى المسيحيون وآخرةُ لليهود كل على نحو الاستقلال بل قد تجد أرضاً تقدسها بعض الطوائف من كل ديانة دون سواها، إلا أن القدس هي مقدسة لدى جميع المسلمين وجميع النصارى وجميع اليهود ففيها وحولها ومنها كان مهبط الأنبياء والرسل ومحط أقدام الأطهار من البشر ومحل الرحال والترحال للعباد الصالحين على مدى الآلاف من السنين.

* القدس والمظلومية:
لقد عانت هذه المدينة من ظلم اليهود والمعتدين على مر الدهور، وكانت محلاً تتوجه إليه عيون الطامعين من الطغاة والظلمة لما لها من الشأن والموقع والمقام، فهي المكان المتوسط ذو القداسة المرتبطة بالإلهيين من الأشخاص والإلهيات من الرسالات. ولقد كانت آخر حلقة مظلومية للقدس أن احتلت على أيدي الصهاينة الذين أفسدوا فيها وحاولوا تدمير مسجدها أو إحراقه عدة مرات زاعمين بأن لهم هيكلاً في أسفله، وباتت المدينة المقدسة أسيرة مكبلة تحيط بها الغربة والوحشة من كل جانب، فها هي الجدران والبيوت العتيقة والطرقات القديمة تحن إلى أهاليها وسكانها وعامريها، وإن هذا الاحتلال للقدس يمثل إما أحد الإفسادين المقدرين لليهود وإما خلاصة العتو والعلو لهم في آخر الزمان، وعلى كل الأحوال فإن القدس أضحت رمزاً لقضية ذات أبعاد مختلفة، قضية الإسلام وقضية العروبة وقضية فلسطين وأصبح كل منتمٍ إلى أحد هذه الأبعاد مسؤولاً ومكلفاً بأن يسعى لكي يخفف الآلام والأحزان ويساهم في بلسمة جراحات هذه الثكلى المرمية خلف جدران الأسر.

*القدس في حركة التمهيد للإمام المهدي‏ عجل الله تعالى فرجه الشريف‏:
في حركة التمهيد لظهور الإمام المهدي‏ عجل الله تعالى فرجه الشريف مكان عزيز للقدس، بل المكان الأعز، فهي محورها وميدانها الأول، وقد قدر اللّه سبحانه وادخر لهذه المهمة أناساً ليعيشوا على تخومها في الموقع الذي فرض عليهم لاحقاً أن يقوموا بأقدس واجب انه قتال اليهود في هدف واضح وبين يتمثل في تحرير القدس مقدمة لإزالة إسرائيل من الوجود. وقد تحدثت طائفة من الأخبار عن هذه الفترة من الزمن، وقد رويت عن طريق السنة والشيعة على حد سواء، هذا فضلاً عن تأويل آيات سورة الإسراء الحاكية عن جوس المؤمنين ثم عن دخولهم للمسجد، كل ذلك إشعاراً بأمور سوف تحدث في المستقبل وتؤسس لخروج الإمام المهدي‏ عجل الله تعالى فرجه الشريف. من هنا يمكن القول بأن القدس حاضرة في عملية التمهيد وهي موضوع أساسي في هذه العملية حيث سيتمكن المؤمنون من فك أسرها بشكل مؤقت بعد قتال مرير ودام مع اليهود تكون عاقبته النصر في النهاية.

* القدس بعد ظهور الإمام المهدي‏عجل الله تعالى فرجه الشريف‏
بعد أن يخرج الإمام عجل الله فرجه في الكعبة ويسند ظهره إليها منتظراً قدوم الأنصار من الأصقاع، ليتلو عليهم تعاليمه، وينطلق معهم في مهمة تحرير العالم فان المكان الذي يرمقه الإمام من هناك هو القدس، حيث ستتحرك جيوش المهدي‏ عجل الله تعالى فرجه الشريف في هذا الاتجاه، من مكة إلى كربلاء إلى القدس، وهناك يعمل الإمام‏ عجل الله فرجه على طرد اليهود من فلسطين وللأبد، وعلى تحرير القدس من كل ظالم وطاغ ومستبد، ويصلي هو ونبي اللّه عيسى‏ عليه السلام في مسجدها، ويعلنا من هناك انطلاقة تحرير العالم، فيكون تحرير القدس مقدمة لتحرير العالم ولإقامة دولة العدل والقيم في هذه المعمورة، فكما كانت القدس نهاية الإسراء للنبي محمد صلوات اللّه عليه ستكون نهاية الرحلة الأولى للإمام المهدي‏ عجّل الله فرجه ومن على منبر مسجدها يكون إعلان السلام في العالم وإزالة الفساد وآثاره وشروره من هذه الأرض.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع