الشيخ علي معروف حجازي

يتساءل كثيرٌ من المكلفين عن طبقات الإرث، وكيف يرث أحد الأقارب ميتاً ولا يرثه قريبٌ آخر له، ولمَ يمنع وجود أحد الأقارب إرث قريب آخر.

والجواب هو أنّ طبقات الإرث ثلاثة، لكلّ طبقة أصناف، وثمّة ترتيبٌ خاصّ، فلا ترث طبقة متأخرة إذا وُجد قريب من طبقة سابقة، كما لا يرث صنفٌ مع وجود صنف سابق له من الطبقة نفسها. ولمن يحبّ الاطلاع أكثر، في هذا المقال بعض التفاصيل.

* طبقات القرابة في الميراث
القرابة في الميراث ثلاث طبقات غير متداخلة، حيث لا يرث فرد من الطبقة الثانية مع وجود وارث من الطبقة الأولی، ولا من الطبقة الثالثة مع وجود فرد من الطبقة الثانية. بمعنى كلّ طبقة قريبة تُلغي ميراث الطبقة الأبعد نسباً.

* طبقات الأنساب
1. الطبقة الأولى: وهي صنفان:
الأوّل: الأولاد وإن نزلوا؛ لأنّ ولد الولد ولد. ولكنّ الأحفاد لا يرثون مع وجود أبناء الميّت، ولو كان له ولدٌ واحد.
الثاني: الأب والأمّ من غير ارتفاع؛ لأنّ الجدّ يرث بالجدودة لا لكونه أباً (الطبقة الثانيّة).

2. الطبقة الثانية: وهي صنفان:
الأوّل: الإخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا. ولكنّ أولاد الإخوة والأخوات لا يرثون مع وجود ولو واحد من الإخوة والأخوات.
الثاني: الأجداد والجدّات وإن علوا، ولا يحجبهم عن الإرث أحد من خلق الله غير الأبوين والأولاد وأولاد الأولاد، ولا يرث معهم غير الزوج والزوجة.

3. الطبقة الثالثة: الأعمام والعمّات والأخوال والخالات وأولادهم وإن نزلوا، وهذه الطبقة صنف واحد هم إخوة الآباء والأمّهات وأولادهم، وهم طبقة أُولي الأرحام.

ولأنّهم صنف واحد، لا يرث أولاد الأعمام عند وفاة الأعمام مع الأخوال، ولا أولاد الأخوال مع الأعمام عند وفاة الأخوال، بخلاف الطبقة الثانية؛ الإخوة والأجداد، فإنّهما لمّا كانا صنفَين، ورث البعيد (الأجداد) من كلّ صنف مع القريب (الإخوة) من الصنف الآخر عند وجود قريبه أو عدمه.

* الزوج والزوجة
يرث كلٌّ من الزوج والزوجة الآخر مع كلّ الطبقات ومع كلّ الأصناف.

* كيفيّة الإرث بحسب الطبقة الأولى
1. للأب المنفرد، مع عدم وجود أحد آخر من المرتبة الأولى، تمام تركة الميّت بالقرابة، وللأمّ المنفردة تمام تركته أيضاً، الثلث منها بالفرض والزائد عليه بالردّ.
2. لو اجتمع أحد الأبوين مع الزوج، كان للزوج النصف، والباقي للأب أو الأمّ. ولو اجتمع أحدهما أيضاً مع الزوجة، كان لها الربع، ويكون الباقي للحيّ بين الوالدين، الأب أو الأمّ.
3. إذا اجتمع الأبوان وليس للميّت ولد ولا زوج أو زوجة، كان للأمّ ثلث التركة فرضاً، والباقي للأب، هذا إن لم يكن للأمّ حاجب من إخوة الميّت أو إخوانه، وأمّا مع وجود الحاجب، فللأمّ السُّدس والباقي للأب، ولا يرث الإخوة والأخوات شيئاً وإن حجبوا الأمّ عن الثُّلث.
4. لو كان مع الأبوين زوج، كان للزوج النصف، ولو كان مع الأبوين زوجة، كان لها الربع، ويكون الثُّلث للأمّ مع عدم الحاجب والسُّدس معه، والباقي للأب.

* شروط الحجب
إنّما يحجب الإخوة أو الأخوات الأمّ عن الثُّلث إلى السُّدس إذا توافرت فيهم شروط معيّنة وهي ستّة:
1. وجود الأب حين موت الولد.
2. أن لا يقلّ الإخوة عن أخوين، أو أربع أخوات، أو أخ وأختين.
3. أن يكونوا إخوة الميّت لأبيه وأمّه، أو للأب خاصّة.
4. أن يكونوا مولودين فعلاً، فلا يكفي الحمل.
5. أن يكونوا مسلمين.
6. أن يكونوا أحراراً.

* من موارد إرث الأب والأمّ
1. يأخذ الأب الربع إذا كان معه بنت واحدة للميّت، وللبنت الباقي (ثلاثة أرباع التركة).
2. يأخذ الأب الخُمس إذا كان معه بنتان فأكثر للميّت، والباقي (أربعة أخماس) للبنتين فصاعداً يقتسمنه بالتساوي.
3. يأخذ الأب السُّدس إذا كان معه ابن أو أكثر للميّت، والباقي (خمسة أسداس) لابن الميّت، أو لأبنائه يقتسمونه بالتساوي إن كانوا أكثر من واحد.
4. تأخد الأمّ السُّدس إذا كان معها ابن واحد للميّت أو أكثر، والباقي (خمسة أسداس) لابن الميّت أو لأبنائه إذا كانوا أكثر من واحد، يقتسمونه بالتساوي.
5. تأخذ الأمّ الربع إذا كان معها بنت واحدة للميّت، وللبنت الباقي (ثلاثة أرباع التركة).
6. تأخذ الأمّ الخُمس إذا كان معها بنتان فأكثر للميّت، والباقي (أربعة أخماس) للبنتين فصاعداً بالتساوي.

هذه الأحكام المتقدمة هي أحكام دقيقة، يجب فهمها جيّداً لتفادي الوقوع في الخطأ أو الاشتباه عند تقسيم الإرث.

تتمّة الأحكام المرتبطة بإرث الطبقات تأتي في العدد القادم إن شاء الله.