نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مدير عام قناة المنار الحاج عبد الله قصير: لا حياد في الإعلام المقاوم‏

حوار: فاطمة خشاب درويش‏



يعتبر الشريك الأساس في معركة الحق والباطل، ينصر المظلوم على الظالم، يكشف الحقائق ويدحض الادعاءات الكاذبة، ويمثل الكلمة الفصل في أشد الظروف وأحلكها. لأنه الأصدق، ليس فقط عند جمهوره، بل عند ألد أعدائه. إنه الإعلام المقاوم الذي يخوض المعركة مع المجاهدين البواسل ضد العدو الصهيوني، والتي لن تنتهي بالتأكيد إلا بتحقيق النصر وزوال الاحتلال. لا شك أن قناة المنار تعتبر من النماذج الواضحة والرائدة في مجال الإعلام المقاوم، الذي يتحدى ويواجه بإصرار محاولات العدو المستمرة، للتغطية على إخفاقاته المستمرة سواء في لبنان أو في فلسطين المحتلة. المدير العام لقناة المنار النائب السابق عبد الله قصير تحدث لمجلة بقية الله عن دور الإعلام المقاوم والتحديات التي تواجهه في هذا الحوار.

* بداية، نبدأ الحديث عن دور الإعلام اليوم في خضم الصراعات القائمة في المنطقة، وتحديداً في مواجهة الغزو الاعلامي.
اليوم، الإعلام له تأثير كبير وقوي وفاعل جداً، وأصبح ركيزة من ركائز المجتمع يجب أن نوليها اهتماماً خاصاً، حتى نحصن مجتمعنا داخلياً من أجل عدم إسقاطه في بؤرة الإحباط وفقدان المعنويات والثقة بالنفس، وبالتالي، أن يقع فريسة سهلة في يد الغزو الأجنبي، إذا كان هذا الغزو إعلامياً أو ثقافياً أو فكرياً أو حتى عسكرياً. فالإعلام يجب أن يكون دوره تحصين المجتمع وزيادة تعلقه بهويته وقيمه ومبادئه التي تكوّن ثقافته وحضارته، حتى يكون أكثر قدرة على مواجهة الغزو الذي يقوم به الأعداء عبر أدوات متعددة، في مقدمها الغزو الإعلامي.

* هل يمكن تصنيف الإعلام برأيك في هذه الآونة لجهة الدور والوظيفة؟
برأيي، هناك إعلام غير مقاوم وهناك إعلام مقاوم، إعلام ينطلق من قيم وطنية وقومية وإسلامية، وبالتالي، يحاول أن يبث رسالته الإعلامية. هذه القيم التي هي مناصرة للحق ضد الباطل وللمظلوم ضد الظالم. وهناك إعلام للظالم وإعلام للباطل وللمعتدين وللمحتل. ليس مفاجئاً أو غريباً أن نحكي عن الدعاية الإسرائيلية أو الأميركية التي تحاول أن تتعاطى بنمطية مع المجتمع الإسلامي والعربي. عندما يصور الإعلام الغربي والأميركي تحديداً والإعلامُ الإسرائيليُّ العربيَّ شخصاً متخلفاً أو إرهابياً ولا يؤمن إلا بالعنف، فهذا بالحقيقة تشويه للواقع والحقيقة. بالمقابل، نحن كإعلام نعتبر أنفسنا في جبهة الإعلام المقاوم، ونتعاطى لمنع تعميم هذه الصورة وتداعياتها على الرأي العام العالمي، ونحاول أن نبرز حقيقة واقعنا العربي والإسلامي، حتى لا تتشوه الصورة وتتحول المقاومة إلى إرهاب في نظر الرأي العام الآخر.

* إذاً، الإعلام المقاوم اليوم يتصدر المواجهة مع الإعلام الغربي، وتحديداً الصهيوني الأميركي، لمصلحة الحقيقة والمقاومة، في أي مرحلة أصبح الإعلام المقاوم وهل استطاع أن يحقق ما يصبو إليه؟
الإعلام المقاوم وعلى الرغم من أن تاريخه حديث، فهو يمثل ردة فعل على ذاك الغزو الاعلامي الغربي منذ خمسة عشر عاماً إلى اليوم. فقد بدأت الصحافة والأقلام والقنوات العربية تشعر بأنها قادرة نسبياً على مواجهة هذا الغزو، بعدما كانت قد فقدت الثقة بالنفس تدريجياً، وصارت تشعر بالعجز أمام أميركا وإسرائيل، نتيجة التأثير الكبير لهذا الإعلام على مجتمعنا العربي والإسلامي. ونحن اليوم نعيش في حالة من الإرهاصات لإعلام المقاومة الذي بدأ بمواجهة هذه الهجمة، من حيث توعية المجتمع وتحصينه وكشف الحقائق لدى الإعلام المضاد. وقد استطاع إعلام المقاومة أن يغير في هذا الواقع المزور، لكن بنسبة محدودة لم يصل من خلالها بعد إلى القدرة الحقيقية على منع تأثيرات الإعلام الغربي على مجتمعاتنا.

* هل هذا يعني ضرورة تفعيل أطر الإعلام المقاوم وتوسيع العمل؟ وما هي برأيك الأمور التي تساعد على اكتمال التجربة؟
المطلوب عدة أمور: أولاً سياسات الدول التي تتبنى هذا النمط الإعلامي، لأنه مع الأسف هناك صلة عضوية بين الحدث والسياسة والإعلام الذي دوره عكس وتجسيد هذه الأحداث والمجريات السياسية بغية إيصاله إلى الرأي العام. هناك اليوم إعلام خاص تفلّتَ من القيود الرسمية، وأصبح أكثر قدرة من الإعلام الرسمي في استقطاب المشاهدين والرأي العام، وبالتالي، أصبح لهذا الإعلام دور أساسي وفعال. وهنا لا أقصد قناة المنار فقط، بل قناة الجزيرة وغيرها من القنوات العربية الأخرى التي تجاوزت القيود الموضوعة على الاعلام الرسمي. نحن بحاجة إلى تحرير الإعلام من سلطة الحكام والحكومات، والتزام هذا الإعلام بقضايا المجتمع والشارع العربي حيث يجسد نبض الشارع العربي.

* قناة المنار تعرضت للقمع في فرنسا، هل تعتبرون ما حصل دليلاً على مدى تأثيرها في الرأي العام الأوروبي؟ وهل يمكن وضع ما جرى في إطار التأكيد والاعتراف بذلك؟
حين يهتم العدو بقضية بهذا الحجم، فإنه يقوم بردة فعل على فعل قامت به هذه القناة التي استطاعت أن تواكب عملية الانتصار عام 2000 ودحر العدو وأطلقته إلى كل الساحة العالمية. وبالطبع هذا لا يناسب العدو. يضاف إلى ذلك مواكبة انتفاضة الأقصى في 28 أيلول 2000. فالعدو الإسرائيلي شعر منذ انطلاقة المنار الفضائية سنة 2000 بخطورة مثل هذه القنوات، وقد أنشأ لوبيين متخصصين في أميركا وأوروبا شُكِّلا خصيصاً ودفعت لهما الموازنات وخصصت لهما فرق العمل، وذلك لملاحقة قناة المنار ومحاولة منعها من البث ووصولها إلى الرأي العالمي العام. وقد نشر تقرير في سنة 2001 في أوروبا يقول إن الرأي العام الأوروبي حصلت فيه حالة تغيير كبيرة، وأشارت الإحصاءات إلى أن 62% من الأوروبيين يعتقدون أن إسرائيل هي مصدر خطر كبير على السلام في العالم، وهذا يعني أن ناقوس الخطر الإسرائيلي يدق عندما يصل الرأي الأوروبي إلى هذا التفكير. ومن الطبيعي جداً أن تقوم الإدارة الإسرائيلية بملاحقة قناة المنار، وبتكوين لوبيات تتلطى خلف قضية قضائية معينة وترفع دعوى قضائية عليها في فرنسا لممارسة الضغوط، بهدف الوصول إلى منعها من البث سنة 2004. وقد نفذ القرار في حينها، وتلاه قرار آخر أميركي اعتبر قناة المنار منظمة إرهابية، وهي سابقة في تاريخ الإعلام، إذ لم توقف أي قناة لهذه الأسباب. والمؤسف، أن فرنسا تعتبر نفسها بلد الحريات وهي ضربت عرض الحائط بكل لوائح حقوق الإنسان التي تقول بحرية الرأي والفكر، عندما أصبحت المسألة تمس بالمصلحة الإسرائيلية.

* ما رأيك في القول إن المقاومة حادت عن خط مواجهة العدو الإسرائيلي واستغرقت في مستنقع الوضع الداخلي؟
الإعلام هو انعكاس للحدث. عندما انتهت حرب تموز 2006 كان من الطبيعي أن تنتقل المنار إلى الساحة الداخلية التي شهدت أحداثاً مكملة للحرب إنما بأداة سياسية وأفرقاء محليين لم يخفوا ارتباطهم بالمشروع الأميركي وعدم تأييدهم للمقاومة، وعدم رغبتهم في خوض الصراع مع العدو الإسرائيلي. إذاً، القناة لم تغير خطها إنما الحدث انتقل من صراع خارجي إلى داخلي. والجدير بالذكر أن هذا الصراع ليس مذهبياً أو طائفياً على الإطلاق، بل هو صراع سياسي بامتياز بين مشروع أميركي إسرائيلي وبين تيار ومنهج سياسي تقف المقاومة في مقدمته. نحن نريد للبنان أن يبقى في موقع الانتماء العربي والإسلامي وفي موقع الحفاظ على قدرة الصمود والتصدي للمشروع الأميركي.

* سؤالنا الأخير: هل يمكن اعتبار الإعلام المقاوم إعلاماً حيادياً؟
نحن كإعلام عربي أو لبناني، لا يمكن أن نكون حياديين في قضايانا الوطنية أو القومية أو الإسلامية. وعندما نكون حياديين في هذه القضايا، فهذا يعني أننا نستقيل من وطنيّتنا وإسلاميتنا وقوميتنا. فالتخلي عن المبادئ الوطنية والإحساس بمشاعر المظلومين والمقهورين والمساواة بين الضحية والجلاد مرفوض تحت يافطة الموضوعية والحيادية، لأن ذلك يخرجنا من دائرة الصراع القائم المتمثل بالمقاومة والعدو الصهيوني ومن ورائه الأمريكي. وبما أنّ المعركة مستمرة وطويلة بين المقاومة والعدو، فإن الإعلام المقاوم سيظل رفيق المجاهدين حتى الانتصار وزوال الاحتلال.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع