نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

الصحة والحياة: أنفلونزا الخنازير الرهاب القاتل

إعداد: حوراء مرعي



لم يكد العالم يلتقط أنفاسه من المخاوف والهواجس التي رافقت ما عُرف بـ"أنفلونزا الطيور" منذ العام 2002 واطمأن بعد أن تمت السيطرة عليه، حتى استفاق على رعب جديد وهاجس الخوف مما عُرف بـ"انفلونزا الخنازير"، الوباء الذي بدأ من المكسيك وانتقل إلى عدد من البلدان المجاورة والنائية. وتزداد المخاوف منه بزيادة احتمال أن يصبح وباءً عالمياً، بعد أن ظهرت إصابات منه في مختلف القارات. ما هي هذه الأنفلونزا؟ هل هي ممكنة العلاج؟ وهل فعلاً قد تصبح وباءً عالمياً؟

ماهية هذا المرض:
أنفلونزا الخنازير هو مرض تنفُّسي حاد شديد العدوى يُصيب الخنازير بشكل رئيسي، وهو الاسم الدارج لمرض أنفلونزا وبائي ناتج عن الإصابة بفيروس الأنفلونزا من نوع "A"swine influenza virus A(H1N1) ، الذي يصيب كلاً من البشر والطيور والخنازير. ويشهد العالم انتشاراً متكرراً لأنفلونزا الخنازير بين الخنازير على مدار العام، إلا أنَّ معظم حالات الانتشار الوبائية يحدث في أواخر الخريف والشَّتاء كما هو الحال لدى البشر. شأن جميع أنواع الفيروسات، يتغيّر فيروس أنفلونزا الخنازير باستمرار، وله القدرة على التحوُّل للهرب من الجهاز المناعي، فعندما تصيب أنواع مختلفة من الفيروسات الخنازير، تنشأ احتماليَّة أن تقوم هذه الفيروسات بتبادل الجينات، بحيث تظهر فيروسات جديدة هي ناتج مزيج من فيروسات أنفلونزا الخنازير. وعلى الرّغم من أنَّ فيروسات أنفلونزا الخنازير تمثِّل أنواعاً فيروسيَّة مميَّزة لا تصيب عادةً إلا الخنازير، فإنَّها تتمكَّن أحياناً- من اختراق الحواجز القائمة بين الأنواع وإصابة البشر. يتَّسم هذا النَّوع من الفيروسات أيضاً بمستويات مرتفعة من الإصابة والمرض، وانخفاض معدَّلات الوفاة النَّاتجة عنه ضمن الخنازير (1% 4%). حالياً، تمَّ التعرُّف إلى أربعة أنواع فرعيَّة لفيروس أنفلونزا الخنازير، هي: H1N1,H1N2,H3N2,H3N1. بَيْدَ أنَّ معظم فيروسات الأنفلونزا الَّتي تمَّ عزلها مؤخراً من الخنازير كانت فيروسات H1N1.

* سليل "الأنفلونزا الإسبانيَّة" عام 1918:
على الرُّغم من تسمية الوباء بـ "الأنفلونزا الإسبانية"، إلا أنَّه لم يصدر من أسبانيا. ويرجع سبب التَّسمية إلى انشغال وسائل الإعلام الإسبانية عام 1918 بموضوع الوباء لتحرُّرها النِّسبي مقارنة بالدول المشاركة في الحرب العالميَّة الأولى. والأنفلونزا الإسبانية وباءٌ قاتل انتشر في أعقاب الحرب العالميَّة الأولى في أوروبا والعالم وخلَّف الملايين من القتلى، تسبَّب بهذا الوباء نوع خبيث ومدمِّر من فيروس الأنفلونزا (A) من نوع (H1N1). تميَّز هذا الفيروس بسُرعة العدوى، حيث تُقدِّر الإحصائيات الحديثة أنَّ حوالي 500 مليون شخص أصيبوا بالعدوى وظهرت لديهم علامات المرض بشكل واضح، وقد توفِّي ما بين 20 و 100 مليون شخص جراء الإصابة به، كانت الغالبيَّة العُظمى منهم من البالغين والأصحَّاء اليافعين. وقد شهد العالم انتشاراً متكرِّراً لوباء أنفلونزا الخنازير بعد ذلك، حيث اجتاح الولايات المتَّحدة الأميركيَّة في شباط 1976 وكان له العديد من الآثار الجانبيَّة الخطيرة الَّتي أدَّت إلى وفاة البعض، وظهر مجدَّداً في آب 2007 في الفليبين، ولكنَّ حالات الوفاة فيها لم تتعدَّ الـ 10% من المصابين. وأكَّدت الدَّراسات المخبريَّة أنَّ الفيروس المسبِّب لأنفلونزا الخنازير اليوم هو نفس الفيروس، لكنَّه تمكَّن من تغيير خواصِّه وتقويتها.

* كيفيّة انتشاره:
تصيب "أنفلونزا الخنازير" البشر حين يحدث اتِّصال بين النَّاس وخنازير مصابة. ويُعتبر العاملون في مزارع الخنازير أكثر النَّاس عرضةً للإصابة، غير أنِّه لم يتبيَّن في بعض الحالات البشريَّة وجود تعاملٍ مع الخنازير أو بيئات تعيش فيها تلك الحيوانات. وسُجِّل في بعض الحالات سراية العدوى بين البشر، لكنّها ظلَّت محصورة بين أشخاص خالطوا المصابين عن كثب. ويُعتقد أنَّ الانتقال بين البشر يحدث بنفس طريقة الأنفلونزا الموسميَّة عن طريق ملامسة جسم ملوَّث بفيروسات أنفلونزا ثمَّ لمس الفم أو الأنف، وبواسطة الرَّذاذ المنتشر في الهواء عند التَّنفُّس أو السُّعال أو العطس.

* أعراض الإصابة بـ"أنفلونزا الخنازير":
لا تختلف أعراض أنفلونزا الخنازير عن أعراض الأنفلونزا المعروفة، من ارتفاع مفاجئ في درجات الحرارة وسعال وألم حاد في العضلات وإجهاد شديد. ويبدو أنَّ هذه السُّلالة الجديدة تُسبِّب مزيداً من القيء و الإسهال. وتتفاوت حدَّة هذه الأنفلونزا مؤدية – في أسوأ الحالات- إلى التهاب رئوي قاتل وقصور في التنفُّس. تُعتبر هذه الأعراض عامَّة، حيث يُمكن أن تكون بسبب أيّ من الأمراض الأخرى. لذا، لا يستطيع المصاب أو الطَّبيب تشخيص الإصابة بأنفلونزا الخنازير استناداً إلى شكوى المريض، بل يجب إجراء الفحوصات والتّحاليل المخبريَّة اللازمة لتأكيد الإصابة. وقد تمِّ بسبب تشابه السِّمات السريرية لأنفلونزا الخنازير الَّتي تصيب البشر مع الأنفلونزا الموسميَّة وغيرها من أنواع العدوى الحادّة التي تصيب السبيل التّنفُّسي العلوي الكشف عن معظم الحالات بمحض الصُّدفة بفضل أنشطة ترصد الأنفلونزا الموسميَّة. ومن المحتمل أنَّ الحالات المعتدلة أو العديمة الأعراض قد فلتت من عمليَّة الرِّصد ولم يتمّ الكشف عنها. وعليه، فإنَّ الحجم الحقيقي لانتشار هذا المرض بين البشر لا يزال مجهولاً.

* مصدر الخطورة:
يقول الخبراء الصحيُّون إنَّ هذه السُّلالة الجديدة من الأنفلونزا "H1N1" تتصرَّفُ على نحوٍ لا يمكن التَّكهُّن به، بسبب قدرتها على التَّحوُّل بطريقة مفاجئة. ويؤكِّدون أنَّ خطورة الوضع تتمثَّل بقدرة الفيروس على الانتشار بهدوء، كما يُمكن للأشخاص المُصابين نقل الفيروس حتَّى قبل ظهور الأعراض.

* سبل الوقاية:
تزامناً مع انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير في العديد من بلاد العالم، سارع الخبراء إلى وضع عدد من النَّصائح الَّتي تحول دون خطر الإصابة به، أهمُّها:

1 تغطية الأنف والفم عند العطس والسُّعال.
2 غسل اليدين بالماء والصَّابون عدَّة مرَّات، خاصَّةً بعد العطس والسُّعال أو بعد التَّعامل مع الحيوانات.
3 التَّخلُّص من المناشف الورقيَّة المُستخدَمة عند العطس على الفور.
4 تجنُّب لمس العين أو الأنف في حال تلوُّث اليدين منعاً لانتشار الجراثيم.
5 وضع الكمَّامات الواقية لدى الخروج من المنزل في المناطق الموبوءة.
6 تجنُّب الاقتراب من الشَّخص المُصاب بالمرض.

* هل من لقاح ضدَّ أنفلونزا الخنازير؟
أشارت منظَّمة الصَّحة العالميَّة إلى إمكانيَّة إنتاج لقاح للبشر في حال تحديد ماهيِّة الفيروس، لكنَّه يتطلَّب بعض الوقت. وبحسب "سانوفي باستور"(1)، فإنَّ إنتاج الجرعة الأولى من اللُّقاح يتطلَّب أربعة أشهر بعد تلقِّي سلالة الفيروس. بالانتظار، يبدو أنَّ دواء "تاميفلو"، الاسم التِّجاري لـ" أوزلتاميفير"، المضادّ للفيروسات و الأنفلونزا الذي يُستخدم لمعالجة أنفلونزا الطُّيور فعَّالٌ في معالجة أنفلونزا الخنازير. وأعلنت السلطات الأميركيِّة أنَّ فيروس "A/H1N1" يتجاوب مع مضاد آخر للفيروسات هو "زاناميفير"، الذي يُعرف باسم الـ "رليترا" التِّجاري. وتجدر الإشارة إلى أنَّ اللُّقاح ضدَّ الأنفلونزا الموسميَّة لا يحمي من أنفلونزا الخنازير.

أنفلونزا الخنازير في الشرق الأوسط:
بدأت دول الشرق الأوسط اتخاذ عدد من الإجراءات الاحترازية للوقاية من وباء أنفلونزا الخنازير، بعد قيام منظَّمة الصّحة العالميَّة برفع مستوى التَّأهّب إلى الدَّرجة الخامسة؛ أي قبل درجة واحدة من إعلان حالة الوباء العالمي. وقد طمأن وزير الصَّحةَّ العامَّة "محمد جواد خليفة" اللبنانيين إلى عدم وجود أي إصابات بفيروس أنفلونزا الخنازير في لبنان حتى الآن، وأكَّد أن وزارته تقوم بكافَّة الإجراءات اللازمة لمكافحة الفيروس في حال إصابة أيٍّ من المواطنين به. يُشار إلى أنَّ الكيان الصَّهيوني هو الوحيد في الشَّرق الأوسط حتى الآن الَّذي أبلغ عن حالات إصابة بأنفلونزا الخنازير.


(1) قسم اللقاحات في مجموعة "سانوفي أفينيس".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع