مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

نور روح الله: حفظ الإسلام مسؤولية العلماء

الإمام الخميني قدس سره

كان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وحيداً يسانده شخص أو شخصان حينما قام بدعوة الناس للوحي الإلهي. لم ينتظر زيادة عدد أتباعه وإمكانيّاته، ولم ينتظر أن يكثُر النّاس حوله وإنما بدأ دعوته مباشرة لهداية الناس ومعرفة الحق. كذلك عندما قدم إلى المدينة وأسس الحكومة، بدأ نشر دعوته دون أن ينتظر زيادة قدراته. ودعا الناس بكل قوة إلى أداء ما عليهم من واجبات شخصيّة واجتماعيّة وسياسيّة. كما أنّ دعوة الإسلام في مكة المكرمة والمدينة المشرفة لم تكن دعوة شخصية بين الفرد وربّه. ويمكن القول إن دعوة الله في جميع الحالات تضمنت المفاهيم الاجتماعية والسياسية حتى فيما يتعلق بالواجبات الشخصية للأفراد، وفي علاقاتهم الفردية مع الله.

*ذكر الله بهدف تهذيب النفس

كما أنّنا نشاهد أنّ أئمة المسلمين عليهم السلام كانوا يعملون على إيصال دعوتهم إلى النّاس بأي شكل ممكن وتحت ملاحقة بني أمية وبني العباس حتى في أدعيتهم. فإذا نظرنا إلى أدعية الإمام السجّاد عليه السلام وجدناها محاولة لبناء الذات، ولما هو أهم مما يتصوره عامة الناس.

وإنّ دعوات من قبيل الدعوة إلى التوحيد وإلى تهذيب النفس وإلى الإعراض عن الدنيا والدعوة إلى مناجاة الله تبارك وتعالى، كلها لا تعني أن يجلس الناس في بيوتهم غافلين عن مصالح المسلمين لينشغلوا بالذكر والدعاء. فالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قد أسس الحكومة وأرسل رسلاً إلى أنحاء العالم ودعا الناس إلى الدّين وإلى الوحدة ولم يؤخّره كل ذلك عن القيام بواجباته الشخصية أو مناجاة الله تبارك وتعالى في خلواته. فلم يكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يريد الجلوس في منزله يوماً لذكر الله، بل كان يذكر الله بهدف تهذيب النفس، كان يدعو الله بهدف تهذيب النفس وتهذيب الناس وتربيتهم، وكان يجهز الناس للمقاومة.

إن جميع الأدعية التي رويت عنه صلى الله عليه وآله وسلم وعن أئمة المسلمين عليهم السلام كانت تهدف إلى الدعوة للمعنويات التي تسبب إصلاح أمور المسلمين.

*دعوة القرآن للسياسة والاجتماع

وعندما نتدبّر في القرآن الكريم نشاهد أن الدعوة لم تكن تهدف إلى جلوس الناس في منازلهم لذكر الله ومناجاته. فالمهم هو الدعوة إلى الاجتماع وإلى السياسة وتدبير شؤون الدولة وكلها عبادة، كما أن العبادات لم تكن بعيدة عن السياسة والمصالح الاجتماعية.

إن الأئمة عليهم السلام عندما كانوا محاصرين لم يستطيعوا أن يتحدّثوا بكلمة واحدة ضد السياسة والحكومة. كانوا يدعون الناس من خلال أدعيتهم. كانوا يدعون الله وكانوا يصرّحون بدعواتهم كلما سنحت الفرصة. علينا التأسي بهؤلاء وبالقرآن لأن القرآن الكريم يدعو إلى الوحدة ويدعو إلى نبذ الاختلاف. وإن كان بعض رجال الدين التابعين للحكومات، مع الأسف، يبثّون روح الهزيمة. فهم في عاصمة إسلامية لا يستطيعون الهجوم على الإسلام، فيهاجمون إيران التي تريد تطبيق الإسلام.

*خطب الجمعة ليست مجرد أذكار وأدعية

يجب أن تكون صلاة الجمعة كما كانت في صدر الإسلام اجتماعية وعبارة عن اجتماع سياسي. لقد كان للمساجد والصلوات أبعاد سياسية. كانت الجيوش تنطلق من المساجد وكان يجري التخطيط للقضايا السياسية في المسجد. لا يجب أن تتحوّل الخطب إلى مجرّد أدعية أو أذكار.

إن التمسّك بالإسلام ومرافقة الناس مصدر قوة علماء الدين‏. إنكم أقوياء لأن الناس معكم، فالناس لا تدعم الحكومات الظالمة، فقد استيقظ شعبنا وعامة الناس من المزارعين والعمال بوحي من التعاليم الإسلامية التي تلقوها من رجال الدين. لا تجلسوا جانباً لتعمل لكم حكوماتكم. إنها تعمل لمصالحها. عليكم أيها العلماء بتعزيز الإسلام. عليكم بطرح قضايا الإسلام والأمور الاجتماعية في بلادكم وفي خطب صلاة الجمعة التي تقام لأجل ذلك، وكذلك في أدعيتكم وزياراتكم ولقاءاتكم. لا تطرحوا القضايا الفردية فقط، حتى لو منعوكم من الخطابة فإن الناس في هذه الحالة سينهضون ضد الحكومة الظالمة وستواجه رد فعل شعبيّاً.

لا تنتظروا أن يكون لديكم جيش وسلاح إنكم لا تريدون القتال وإنما تتطلعون إلى طرح مسائل المسلمين. لا تنتظروا امتلاك القوة. تحدثوا وتحدثوا حتى تكسبوا القدرة. إنّ علماء الإسلام قاموا بالدعوة أولاً ودعوا الناس في كل فرصة سنحت لهم، سواء من على المنبر أم المسجد أم غيرهما، حتى كسبوا القدرة. أنتم اعملوا ذلك أيضاً، فإنكم تستطيعون. فلو كان في نفوسنا ضعف لن نستطيع فعل شي‏ءٍ. قوّوا قلوبكم واتصلوا بالله تعالى، لأنه مركز جميع القدرات. لا ترتبطوا بغير الله فإن هذه الأدعية تمنحكم القوة وتؤكد لكم أن لديكم رصيداً عظيماً وهو الله. فمن كان الله معه لا يخاف. فكّروا دائماً بأن الإسلام شرف لكم ويجب تعزيزه بأيديكم.

*حفظ الإسلام واجب جميع المسلمين‏

إذا تقاعستم فإنّ القوى الكبرى ستقضي على الإسلام، ولكن بعض علماء الإسلام في المنطقة لم يدركوا ذلك. على المسلمين أن يفيقوا وأن يعلموا أن حفظ الإسلام واجب على المسلمين ويجب ألّا يجلسوا لكي يصون الآخرون الإسلام. إن الآخرين لا يصونون الإسلام. لقد عقدت القوى الكبرى العزم على محاربة الإسلام وكذلك سائر القوى الزائفة.

*مزاعم القوى الكبرى بالدفاع عن حقوق الإنسان‏

إن القوى الكبرى تتطلع للقضاء على الإسلام. فهي بالأمس لم تكن تعرف قوة الإسلام، ولكنها اليوم أدركت عندما ارتفع صوت الإسلام في مكان صغير مثل إيران أن الصوت قد يتردّد في أمريكا نفسها. وإن هؤلاء الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان والسلام والأمن تعرفونهم وهم‏ يعرفون أنهم كاذبون. فهم لا تهمهم مصالح الناس، بل مصالحهم. إن الذي يحرص على مصالح الإنسان هو الإسلام. والذي قضى على جميع الفروق العنصرية بين الناس هو الإسلام. إنّ الذي لا يفرق بين أجناس البشر ويعتبر الميزان التقوى وليس اللون والعرق ولا غير ذلك، هو الإسلام. إنهم يريدون مصالحهم. والإسلام يخالف ذلك.

إنّنا نأمل أن ينتشر ظل الاستقلال والحرية في جميع العالم، وأن يخرج المستضعفون من نير المستكبرين وهذا أمر ملقى على عاتق علماء الإسلام. أسأل الله تبارك وتعالى الصحة والسعادة لجميع المسلمين في العالم وكذلك أرجو السعادة للمستضعفين وإن لم يكونوا مسلمين، كما أرجو خلاصهم من هيمنة المستكبرين.


* كلمته قدس سره في المشاركين في المؤتمر العالمي الثاني لأئمة الجمعة والجماعة في إيران والعالم. طهران، حسينية جماران‏، 11 شعبان 1404 هـ.ق

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع