مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص مجتمع | "الأمّ بتلمّ" مناسبة | من رُزق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حُبّها أذكار | شهر رمضان المبارك آخر الكلام | الأوراق المغلّفة الافتتاحية | ما أفضل أعمال شهر رمضان؟ القرآنُ مشروع حياة

أول الكلام: فَلَنِعْم المجيبون

السيد علي عباس الموسوي


يقف الإنسان في الكثير من محطّات حياته عاجزاً أمام ما يحيط به، يُدرك من نفسه أنْ لا سبيل له للخلاص، فلم يعد باليد حيلة، وكلّ القدرات المتوافرة والإمكانات المتاحة لا تُثمر في الوصول إلى ما يريد.
بعض الناس يصل إلى اليأس مباشرةً، وينتقل من هذا اليأس ليضع حداً لحياته، حيث لا يجد منفذاً من أمل يمكن أن يُخرِجَه ممّا هو فيه.

وبعض الناس يلجأ إلى مواطن القوة التي يجد أنّها قد تشكِّل سبيلاً، وطريقاً تجعله في مأمن من اختيار المصير الذي اختاره الفريق الأوّل.
ولكنّ مواطن القوّة إذا كانت بشريّة مخلوقة، فإنّها تملك قدرات محدودة، لا تؤهّلها لكي تكون مساعداً تاماً، فقد تعجز هي أيضاً عن أن تكون طريقاً يسدّ طريق اليأس أمام من يستنجد بها.
ولذا أرشد الله عزّ وجل الناس للجوء إليه، فهو الذي يملك باب الاستجابة لهذا الإنسان، لاجتماع الصفات الكماليّة اللامتناهية في ذاته المقدَّسة.
فبيده أسباب السماوات والأرض وهو المتصرّف بها، لا تخرج عن سلطانه ولا يصدر عنها إلا الطاعة له.
وبعلمه يُحيط بكلِّ خير أو شرّ لهذا الإنسان، فهو الذي يقدّر لهذا الإنسان ما هو من مظاهر رحمته ورأفته.
إنّ غرق الإنسان في الماديّات وفي نظام الأسباب والمسبّبات الماديّة يجعله يتعامل مع محيطه على أساس الخضوع التامّ لهذه الأسباب، وعلى أنّ الخروج منها غير ممكن، ولذا لا يخطر على بال هذا الإنسان كوسيلةٍ أوليّة للخلاص من مشكلته إلا اللجوء إلى هذه الأسباب.

ولكنّ الموحّد الذي ارتقى في مراتب الوحدانيّة، وعرف سرّ أن لا مؤثِّر في الوجود إلا الله عزّ وجل وأحاط تماماً بأنّ مقاليد السموات والأرض بيد واحدٍ أحد وتيقَّن ذلك في قلبه، سوف يجعل الله عز وجل أوّل ملجأ، فيتجه إليه منادياً على الدوام وقبل كلِّ شيء، ثمّ إذا لجأ إلى سائر الأسباب لم يكن ذلك منه إلا لأنّها في ظلّ الإرادة الإلهيّة المطلقة والتامّة.
فهذا زكرياعليه السلام، لمّا رأى مظهر العطاء الإلهي لمريم في الرزق الذي وجده في محرابها، وكانت كلماتٌ مخلِصةٌ من مخلِصةٍ ﴿هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ شهد كيف أنّ بعض الظواهر يخرج عمّا اعتاده الناس وألفوه، فنادى مباشرة ودعا: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء( آل عمران : 38).
وهكذا الحال عندما نشهد النصر الإلهيّ وقد تجلّى لعباده المخلصين في مواطن كثيرة، ندرك أنّ المسألة لا ترتبط بالأسباب الطبيعيّة فقط، وأنّ على الإنسان أن يجمع معها التمسك بالدعاء واللجوء إلى الله عز وجل وأن يتّجه بالنداء لربّ العزة والجلال بالنصرة والخلاص.
فهذا نوح النبي لمّا يئس من استجابة قومه له وهو الصابر المحتسب، لجأ إلى ربه فدعا على قومه، فنصره الله عليهم، وبهذا نطقت الآية: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيم ( الصافات 75-76).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع